#لقاء مع خبير
زهرة الخليج 22 نوفمبر 2023
استطاعت مصممة الأزياء السعودية، شهد الشهيل، أن تضع بصمتها الاستثنائية في عالم الموضة، حيث أسست علامتها التجارية «أباديا»، ووصلت بها إلى مسرح الأزياء العالمي، انطلاقاً من تراثها السعودي. ورغم أنها حاصلة على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، فإن شهد أحبّت التصميم، وترجمته إلى واقع من خلال علامتها التجارية، التي لاقت نجاحاً لافتاً، بسبب تفرّد وتميز تصاميمها، ومزجها الأنوثة والأناقة بلمسة من الإرث الثقافي السعودي.
* ما مصدر الإلهام وراء «أباديا»، وكيف تحقق حلمكِ بإنشاء هذه العلامة التجارية؟
- أردنا أن نحتفي بالتراث الغني والحرفية والذوق الرفيع لمنطقتنا من خلال تصميمات خالدة، وأن نمنح الحرفيين مصدر دخل مستداماً، للحفاظ على الحرفة للأجيال القادمة. قبل انضمامي إلى «أباديا»، بدأت العمل مع منظمة غير ربحية، تعمل في مجال تتبع سلاسل توريد الأزياء، وكان هدفنا هو ضمان الشفافية والأخلاق والاستدامة. من تلك التجربة عرفت ما هو ممكن، وهدفت إلى إطلاق علامة تجارية ذات رؤية وقيم قوية. عاماً بعد عام، قمت برعايتها، ما جعلها في النهاية رمزاً للفخامة والحرفية والجمال.
* ما طموحاتك لعلامتكِ التجارية؟
- منذ البداية، حرصت على ترسيخ الفخامة والحرفية السعودية في الساحة العالمية، وبينما أواصل تنمية علامتي التجارية، تم التحقق من صحة رؤية «أباديا»؛ لنكون عالميين من خلال ردود الفعل الإيجابية والدافئة التي تلقيناها. ندرك أن منطقتنا تتمتع بمنظورٍ فريد وقيم، عندما يتعلق الأمر بالموضة، ونريد إيصال ذلك إلى الجمهور العالمي الأوسع.
* ما الحرفة أو التقنية الأكثر اعتماداً في قطعكِ؟
- في «أباديا»، نحن ملتزمون بشدة بالحفاظ على الحرف اليدوية الموجودة في شبه الجزيرة العربية وتعزيزها. ومن أجل تحقيق ذلك، أسسنا شراكات طويلة الأمد مع مجتمعنا من الحرفيين الموهوبين. ومع أننا نتعاون مع تقنيات مختلفة من تراثنا، إلا أن السدو كان له حضورٌ مستمر منذ البداية، ولمن لا يعرفون السدو، فهو تقنية تقليدية تعود أصولها إلى شبه الجزيرة العربية، وينطوي على نسج معقد للخيوط، لإنشاء أنماط وزخارف هندسية آسرة. ويمكن للجمهور أن يجد السدو في العديد من قطع «أباديا». على سبيل المثال، سترة «Nuun»، التي يتم إطلاقها على «Net-a-Porter»، تتميز بزخارف سدو على أكمامها. من خلال تفانينا في الحفاظ على السدو، والتعاون مع الحرفيين المحليين، نهدف إلى ضمان استمرار ازدهار هذه الحرفة العزيزة، وسد الفجوة بين التقاليد والأزياء الفاخرة المعاصرة.
* كيف تضمن «أباديا» الممارسات الأخلاقية والمستدامة في عملية الإنتاج الخاصة بها؟
- تتميز «أباديا» بأنها علامة تجارية فاخرة ملتزمة بالإدارة الأخلاقية، لذا من المهم بالنسبة لنا عند اتخاذ القرارات، كبيرة أو صغيرة، أن نسترشد بقيمنا الأساسية، وأن نتحلى بالشفافية عند القيام بذلك. ورغم أننا لسنا مثاليين، فإننا نبذل قصارى جهدنا للتحسن المستمر، ولنكون صادقين، ونركز على نهجنا، ويبدأ الأمر باختيار المواد. على سبيل المثال، عند استخدام الأقمشة البكر، نستخدم الألياف الطبيعية والعضوية حيثما أمكن ذلك، بالإضافة إلى البحث عن الابتكار، مثل: فراء الألياف المعاد تدويرها، والبوليستر المعاد تدويره. إلى جانب ذلك، نحن نعمل، أيضاً، كثيراً مع المواد الميتة الفاخرة، والنسيج المتبقي من صناعة الملابس؛ لتحقيق أقصى قدر من الموارد الثمينة، وهذا يدفعنا إلى أن نكون مبدعين وواعين بشأن استخدامنا قطع القماش المحدودة. وعندما يتعلق الأمر بالإنتاج، يتم أخذ عينات من كل شيء وإنتاجه إما داخل الشركة، أو لدى شركائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما أننا نعرف كل فرد يعمل لصالح العلامة التجارية، ونضمن حصولهم على أجر عادل، ومعاملة جيدة.
علاوة على ذلك، ندرك وجود هدر في الورشة الخاصة بنا، لذا نحاول الإنتاج بأعداد محدودة، ويتم تصنيع بعض قطعنا حسب الطلب، ونحاول إعادة استخدام المواد المقطوعة، وتحويلها إلى منتجات يمكن ارتداؤها، إذ عملت «أباديا» بجد لتطوير علاقة قوية وجميلة مع الحرفيين، الذين يصنعون تفاصيل مجموعتنا. وهدفنا هو توليد فرص عمل مستدامة لهؤلاء النساء لسنوات قادمة، وكذلك الحفاظ على الحرف اليدوية، وتراث المنطقة. كل هذا يرتكز على فلسفة التصميم، التي تعطي الأولوية للخلود على الموضة، وإيماننا - بقوة - بإبداع قطع خالدة، تتجاوز الاتجاهات القصيرة العمر، نحن نصمم لامرأة «أباديا» التي تشعر بأنها مرتبطة بقصة علامتنا التجارية، وتشتري القطع التي تعتز بها، وتأمل أن تنقلها إلى الجيل القادم.
* ما الذي يجعل قطع «أباديا» متميزة في عالم الموضة والرفاهية؟
- كعلامة تجارية، لدينا نهج فريد وأصيل للأزياء الفاخرة، ونعتقد أن هذا ما يميزنا، إذ إننا نستوحي الكثير من ثقافتنا وتراثنا، إلى جانب اهتمامنا بالحرفية والتفاصيل الدقيقة. كما أننا نجمع بين رواية القصص الثقافية والاهتمام بالجماليات، وكذلك الجمع بسهولة بين الأنثوية والبنية الذكورية، ووضعهما في سياق الموضة الخالدة لسنوات قادمة. وخير مثال على ذلك هو خط «فروي» المميز لدينا، حيث إن الفراءة، تقليدياً، عبارة عن معطف كبير الحجم يصل إلى الأرض، ويستخدمه عادة الرجال البدو من أجل البقاء على قيد الحياة في فصول الشتاء الصحراوية الباردة، إلا أننا أخذنا هذا الشكل وأعدنا تعريفه للمرأة العصرية، وقمنا بتزيينه بتفاصيل حرفية، حتى أصبحت هذه القطعة يُنظر إليها الآن على أنها استثمارية خالدة. أقولها وأنا واثقة: إن تراثنا العربي السعودي في قلب العلامة التجارية، إذ سيجد الجمهور في كل مجموعة إشارات إلى تراثنا، سواء في أشكال الملابس أو التقنيات الحرفية. على سبيل المثال، ملابسنا الخارجية تستمد مراجعها من الملابس الرجالية السعودية، مثل: الفرواس، والبشت، والدغلس.
* سيتم عرض قطع «أباديا» قريباً على منصة «Net-a-Porter».. كيف تم التوصل إلى هذا التعاون، وماذا يمثل للعلامة التجارية ومستقبلها؟
- كنا من أشد المعجبين بالمنصة دائماً، ما يجعل هذا التعاون شرفاً كبيراً لنا لأن نصبح أول علامة تجارية سعودية على الإطلاق تظهر عليها، ويعد هذا إنجازاً مهماً لـ«أباديا»، ويتوافق تماماً مع أهدافنا المتمثلة في توسيع العلامة التجارية عالمياً. جاء هذا التعاون عندما عرض فريقنا مجموعة القطع الخاصة بنا خلال أسبوع الموضة في باريس، حيث وقع فريق «NAP» في حب الملابس الرائعة والفساتين الخالدة، ونحن متحمسون جداً لأن يرى الجميع هذا التعاون.
* ما القطع الفريدة من «أباديا»، التي سيتم عرضها على «Net-a-Porter»؟
- سنعرض مجموعة من ملابس السهرة الأنيقة والملابس الخارجية المميزة. لقد اشتهرنا دائماً بالملابس الخارجية، ويسعدنا أن يجربها المجتمع العالمي. ومن بين القطع المميزة في مجموعتنا السترة المصنوعة من الدانتيل، إذ تنضح هذه القطعة بسحر خالد، سواء تم تصميمها لمناسبة مسائية راقية، أو مع بنطال من الدنيم لإطلالة أكثر روعة.
* هل مررت بتجربة معينة كانت بمثابة نقطة بارزة في رحلتكِ كمؤسسة لعلامة «أباديا»؟
- يسعدني أن أقول إننا مررنا بفترات عدة خلال رحلتنا القصيرة، وأكثر ما يثير حماستي هو رؤية تأثير النمو في الحرفيين، فهي حقاً تجربة رائعة في رؤية بيئةٍ اقتصادية، تمكنهم من الحفاظ على لقمة العيش وعلى حرفتهم على قيد الحياة. ومن أبرز القطع، تصميم أليشيا كيز لحفلتها الموسيقية في العلا عام 2022، حيث ابتكرنا قطعتين مخصصتين للحفل، إذ كان امتيازًا وشرفًا أن نرى قطع «أباديا» تزين جسد فنانة مشهورة أو موهوبة.
وفي وقت سابق من هذا العام، أتيحت لنا الفرصة لتصميم زي الفريق الأولمبي السعودي الخاص بحفل دورة الألعاب الآسيوية 2023، إن تكليفي بمثل هذه المهمة والقدرة على تمثيل السعودية في هذا الحفل، كانا بمثابة لحظة فخر حقيقية.
وأخيرًا، أود أن أشير إلى هذه اللحظة بالذات، التي تصبح فيها «أباديا» أول علامة تجارية سعودية فاخرة على موقع «Net-a-Porter»، وهذا أعتبره إنجازًا كبيرًا لنا، إنه يضع في الاعتبار الاعتراف والتقدير للعمل الشاق الذي تقوم به العلامة التجارية.
* ما تصورك لتأثير «أباديا» في تغيير المفاهيم حول الموضة السعودية.. محلياً وعالمياً؟
- غالبًا يتفاجأ الناس عندما يسمعون أننا علامة تجارية سعودية، وهذا جزء من الصورة النمطية التي نريد كسرها، إذ نأمل أن نظهر أن الثقافة المستوحاة يمكن أن تكون معاصرة، وأن الحرف اليدوية السعودية غنية ومثيرة للاهتمام، ولقد تلقينا تعليقات رائعة حتى الآن من مجتمعنا غير الإقليمي، ونحن متحمسون لتوسيع هذا التصور.
* باعتبارك امرأة سعودية مبدعة ورائدة أعمال.. ما النصيحة التي تقدمينها إلى اللاتي يطمحن إلى اقتحام عالم الموضة؟
- أود التشديد على ضرورة أن تكون لديهن رؤية قوية متسقة مع التنفيذ، وأؤكد أنهن سيسمعن الكثير من الرافضين على طول الطريق، لكن عليهن أن يمضين قدماً، ويحافظن على تركيزهن وثباتهن، بفعلهن ذلك فإن عملهن سيصبح من الصعب إنكاره.
* ما الطرق التي تعمل بها «أباديا» على تمكين المرأة، خلال التصميم أو الإنتاج أو التعاون؟
- نحن نفخر بصناعة الملابس التي تمكن من ترتديها، وترفع مستوى الحرفيين الذين يجلبون هذه الملابس إلى الحياة، إذ إن الزي الرائع لديه القدرة على غرس الشعور بالثقة والتمكين لدى المرأة التي ترتديه، وبهذا القدر من الأهمية يحظى تمكين الحرفيين، الذين يساهمون في إبداعاتنا.
* عرفينا أكثر عن نفسكِ.. من تكون شهد الشهيل؟
- أنا سيدة أعمال فضولية، وأم لطفلين، ومدافعة قوية عن الموضة الأخلاقية. منذ صغري، غرست في نفسي أن جزءاً من مسؤوليتي على هذه الأرض هو أن أكون في خدمة الخير والإنسانية، وقد قادتني هذه القيمة إلى العمل في مجال التنمية الدولية المستدامة، حيث عملت في مشاريع في رواندا وأرمينيا والهند. وأعادتني، أخيراً، إلى موطني في المملكة العربية السعودية لدعم الحرفيات، ومنحهن دخلاً، والحفاظ على الحرف اليدوية والتراث في منطقتنا لأجيال قادمة.
* خارج حياتكِ المهنية.. هل لديكِ هوايات أو اهتمامات تثير شغفك؟
- أنا محظوظة؛ لأن شغفي هو مهنتي، لكنني أيضاً كأم لطفلين أحب قضاء الوقت معهما، إذ إن الطريقة التي ينغمسون بها في اللعب، وعقولهم الفضولية، تلهمني. لقد أحببت دائمًا السفر، والاطلاع على الثقافات المختلفة، لذا مهما كانت العطلة التي أقضيها ستجدني في مكان جديد.
* هل تتبعين استراتيجيات معينة للموازنة بين مسؤولياتك، وحياتكِ الشخصية؟
- تعلمت بالطريقة الصعبة أنني بحاجة إلى تقسيم الوقت. عندما أفعل شيئاً ما، سواء كان قضاء الوقت مع طفليَّ أو تصميم مجموعة جديدة، أحاول أن أركز بشكلٍ كامل، وأن أكون حاضرة في تلك المهمة التي بين يدي. وكنساء، نحن نقوم بمهام متعددة بشكل رائع، لكن طوال مسيرتي المهنية تعلمت أن تعدد المهام على أساس يومي يرهقني، لذلك أخصص وقتًا لأنشطة مختلفة، وأحاول التركيز على شيء واحد كلَّ مرة.