#ثقافة وفنون
نجاة الظاهري السبت 10 أغسطس 12:00
لا تعتبر «التشيللو» مجرد أداة لعزف الموسيقى، بل تراها رفيقة درب، وصديقة، تعبر - من خلالها - عن مشاعرها، وأحاسيسها.. إنها ندى خضر العيدروس، عازفة التشيللو في فرقة وتريات بيت العود، التي دفعها حبها للموسيقى إلى تكريس حياتها لهذه الآلة الرائعة، فهي لا تنفصل عنها إلا نادراً، وتتمنى أن تعزف على أعرق المسارح العالمية، وأبرزها مسرح أوبرا دبي؛ لتملأ فضاءاته بأنغامها الساحرة.. في هذا اللقاء مع «زهرة الخليج»، نستكشف تفاصيل رحلتها الموسيقية الفريدة، وشغفها الذي لا يعرف الحدود:
حدثينا عن بدايات رحلتك مع «التشيللو»!
الشغف بآلة التشيللو كان، دائماً، موجوداً لديَّ، حيث كنت أشاهد عروضاً لعازفيها على المنصات المختلفة، لكن ما جعلني أبدأ، فعلاً، هو فيديو شاهدته على منصة «X»، فقلت في نفسي: «لمَ لا؟». بعدها، بدأت تعلم العزف، وكنت وقتها في العشرينيات من عمري، ولم أخبر أحداً في البداية. بعد جائحة «كورونا» بقليل، اشتريت أول آلة تشيللو، وعندها عرف كل من في المنزل، فقدموا إليَّ الدعم طوال الوقت، رغم الإزعاج الذي كنت أحدثه بهذه الآلة في المنزل. بعد ذلك، أديتُ عرضين: الأول في منارة السعديات عام 2022، والثاني هذا العام في رمضان الماضي. لكنني ما زلت أعتبر نفسي مبتدئة في العزف، رغم القفزة الكبيرة التي حققتها منذ بدايتي إلى هذا اليوم، خاصة بعد مشاركتي في أول حفل أوركسترا خلال يونيو الماضي، فهذه المشاركة كانت أحد أحلامي الكبيرة، وخلالها عزفت الفرقة مقطوعات موسيقية متنوعة، بين العربية والغربية، فكانت مزيجاً رائعاً.
ثقافة موسيقية
ما مدى ثقافتك الموسيقية، قبل العزف على «التشيللو»؟
كنت أستمع كثيراً للموسيقى الكلاسيكية، بفضل والدي؛ فقد كان يأخذني، دائماً، إلى العروض الموسيقية في أبوظبي. وأحياناً كنا نسافر معاً؛ لحضور عروض في الخارج. وكان أبي، دائماً، ينصحنا بالتجريب، والمحاولة، والسعي وراء مرادنا، وجعل هذا التشجيع المستمر، وموهبتي، الجميع يقفون إلى جانبي. وقد تعلمت أن الإصرار والعزيمة هما مفتاح النجاح، خاصة بعد انتسابي إلى «بيت العود» في أبوظبي، ومساعدة الأستاذ الصحبي فروجة لي. وقد علمتني هذه الآلة أن لا شيء يحدث في يوم وليلة، وأن الإصرار والعزيمة يجعلانني أستمر على الطريق، وأحسّن من نفسي دائماً.
مَن قدوتك في مجال العزف على «التشيللو»؟
فاطمة الهاشمي، التي كانت تعزف التشيللو، ثم اتجهت إلى الأوبرا، وكنت أتحدث معها عن تجربتها. أيضاً العازفة إلهام المرزوقي، وهي من أولى عازفات التشيللو في الإمارات، وقد أصبحت تعزف عالمياً، ومنحتني رؤيتها دافعاً لمواصلة رحلتي، وتمثيل الإمارات عن طريق الثقافة والموسيقى. أرى أن «التشيللو» طريقة للتعبير عني، فهي تعبر عما أحس به، وبدأ الأمر معي كأنه خاص بي، فحينما أتعلم العزف أخرج كل مشاعري. الآن، أصبحت أتقن العزف على هذه الآلة أكثر مما سبق.
كيف تديرين يومك، بين العمل، وتعلم العزف، والمنزل؟
بعد انتهاء ساعات العمل، أذهب إلى «بيت العود»؛ لحضور المحاضرات، التي قد تصل إلى أربع ساعات، في حال كان لدينا امتحان، أو تدريب لعرض أوركسترالي. وفي أيام أخرى أذهب إلى «بيت العود»، حاملة «التشيللو» معي للتدرب فقط؛ لأن المكان يوفر لنا البيئة التي تسمح لنا بالبقاء هناك لساعات طويلة للتدرب. وبالتأكيد، يجب أن أخصص وقتاً للبيت، لكنَّ التدرب على هذه الآلة يومياً أمر ضروري، وكان أستاذي يقول لي: «إذا نسيت هذه الآلة، فسوف تنساكِ؛ لأنها بحاجة إلى التركيز»؛ فصارت مرافقتها إلى «بيت العود» جزءاً لا يتجزأ من يومي، سواءً كانت لديّ دروس أم لا. يقال: إن نغمات «التشيللو» أقرب إلى صوت الإنسان، وهي من أصعب الآلات، وهذا ما يعجبني فيها، فأنا أحب التحدي، ولا يوقفني شيء.
في يوم المرأة الإماراتية.. من الشخصية التي تتذكرينها؟
الشكر ليس كافياً، فما زلت أتذكر تخرجي في جامعة زايد، بدرجة «امتياز مع مرتبة الشرف»، وتكريم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات) لنا في الحفل؛ فكلمات سموها لي: «مبروك يا بنتي، نشوفج في أعلى المراتب»، ما زالت في ذاكرتي. وأتمنى رؤية سموها مرة أخرى، وأعلم أن الشكر لا يوفيها حقها، ولا حق قادتنا؛ لذلك سنظل دائماً نمثل بلادنا بأحسن ما يكون.