#أخبار الموضة
لبنى النعيمي الجمعة 13 ديسمبر 2024 14:53
التواصل، والتفاعل المباشر مع الناس، يقعان في صميم «برونيلو كوتشينيلي» (Brunello Cucinelli)، العلامة الإيطالية العائلية، المتجذرة في التقاليد والتراث، برؤية انفتاحية، وعقلية حداثية، وعين على المستقبل. وتتمتع «العلامة» بشعبية كبيرة في إيطاليا، لا سيما في القرية الوادعة «Solomeo»، ومجتمعها الذي يشكل جزءاً لا يتجزأ من رحلة «برونيلو كوتشينيلي»، بل ويتماهى فيها، ويكبر معها.. مؤخراً، استضافت كثبان الإمارات الساكنة أمسية راقية، قدمت فيها «برونيلو كوتشينيلي» لمحة عن مجموعة ربيع وصيف 2025، ومجموعة العبايات الحصرية، بحضور رئيس مجلس الإدارة والمدير الإبداعي برونيلو كوتشينيلي، وابنته كارولينا كوتشينيلي، المديرة التنفيذية ونائبة الرئيس. وبهذه المناسبة، التقت «زهرة الخليج» كارولينا؛ لمعرفة المزيد عن رحلتها الملهمة، ورسالة «العلامة»، واستراتيجيتها، وصولاً إلى كبسولة العبايات الفاخرة.. فكان هذا الحوار:
أخبرينا بالمزيد عن رحلتك مع «برونيلو كوتشينيلي»، وتطور مسؤولياتك على مر الزمن!
بدأت رحلتي مع «برونيلو كوتشينيلي» منذ 14 عاماً؛ عندما انضممت إلى «الشركة». في ذلك الوقت، كان عمري 19 عاماً، وبدأت كخياطة، وقد أحببت ذلك؛ لأنني كنت أتردد على المدرسة؛ لأكون خياطة. بعد السنة الأولى، قال والدي: أعتقد أنه حان الوقت لرؤية بقية أقسام «الشركة». وبدأت - نوعاً ما - رحلة صغيرة؛ لاكتشاف جميع الأقسام، وتعلمت العديد من الأمور، التي لم أكن أعرفها. أمضيت خمس سنوات في الإنتاج؛ لمعرفة المزيد - بشكل أعمق - عن النسيج، وسلسلة التوريد، وفريق التصميم، وكل شيء يتعلق بالمنتج، وكان ذلك مهماً جداً لرحلتي. بعد هذه السنوات، انتقلت إلى قسم مختلف: العالم الرقمي، وأقسام الصور، والاتصالات، والأحداث. الآن يمكنني القول بأنني رأيت تقريباً الدائرة مكتملة.. المنتج، والمتجر، والعلاقة مع العميل، والصحافيين.
احترام الأرض
ما أهم الدروس التي تعلمتها من والدك، ولا تزال ترشدك؟
الدرس الأول، الذي تعلمته منه، وأختي أيضاً، هو: الاهتمام بالآخرين، وعدم تجاهل الذين يحتاجون إلى المساعدة، ودعم المجتمع، وصنع شيء للناس؛ فهذا هو الدرس الأكثر أهمية في الحياة الخاصة، والعملية.
ما النصيحة التي ساعدتك في العمل؟
احترمي الأرض التي نعمل فيها، واتبعي الرؤية التي نحملها، وحاولي دمجها مع رؤيتك، ومع الشيء الجديد الذي يأتي منها.
ما التحديات التي واجهتك عند الانتقال إلى مركز القيادة؟
أرى نفسي في دور مختلف خلال رحلتي بالشركة؛ لأنه - بالطبع - تغيير كبير بالنسبة لي، من المدارس، إلى مجتمع مختلف، ومحاولة الموازنة بين علاقاتي داخل الأسرة والشركة؛ لأننا شركة عائلية، والأشخاص هم أنفسهم في كلا الجانبين. كانت رحلة مثيرة للاهتمام، ولم تكن سهلة دائماً، لكنها كانت ثرية جداً؛ خاصة عندما تجدين الطريق الصحيح؛ لأن الشركة والقرية (حيث يقع مقرنا، وهي من العصور الوسطى) تكبران معاً. وعندما تتوقفين عن العمل في الشركة، يبدأ العمل في المجتمع، ولهذا السبب لا أتوقف أبداً.
كيف ساهمت هذه البيئة في تشكيل المجموعة المتكاملة.. رؤيةً وجمالياتٍ؟
نحب فكرة نقل ذوق المجموعة، التي تحترم رؤية وطريقة «برونيلو كوتشينيلي»، في ما يتعلق بالألوان، والخامات الطبيعية، مع إضافة هذه التفاصيل، والمواد الثمينة للغاية، ومحاولة شرح هذا الذوق أيضاً باحترام كبير لرؤية الزي التقليدي. نحاول بناء المجموعة، وكبسولة العباية، معاً، كمجموعة متكاملة، مع فريق عمل كبير؛ فمن المهم - بالنسبة لنا - أن نفهم تماماً فكرة هذا الزي، وأن ننضم إلى هذا العالم بهذه الطريقة التقليدية. ولأجل كل ما سبق، نعمل، أيضاً، مع بعض الأشخاص في دبي؛ لابتكار القطع المناسبة.
ما الذي دفعكم إلى دمج العباية التقليدية في خط «برونيلو كوتشينيلي»، وما الإلهام وراء الكبسولة؟
في هذه المجموعة، تحديداً، نروي قصة رحلتنا من «الريفييرا الإيطالية» إلى الصحراء العربية، والجمع بين هاتين الروحين. ولهذا السبب، يمكنك أن تجدي مادة خاصة ذات خطوط دقيقة جداً، تكون مكثفة للغاية من حيث اللون الطبيعي، ولكن أيضاً مع التفاصيل الثمينة والتطريز. في كل موسم، نجري أبحاثاً وراء أي مجموعة جديدة، ونستمد إلهامنا من جميع أنحاء العالم، ويعمل فريق التصميم لدينا بأكمله للبحث عن شيء جديد، يمكننا صنعه في إيطاليا. ورغم مواكبتنا للموضة، إلا أننا نحافظ على هويتنا، ونحترمها، في كل موسم؛ لأننا لا نحب فكرة تصميم ملابس لموسم واحد، وإنما نصمم ما يمكن ارتداؤه لفترات طويلة.
كيف تعاملتم مع اختيار المواد والأقمشة في كبسولة العبايات؟
المواد الطبيعية من أهم الأمور لدينا. لكن، في الوقت نفسه يهمنا ملمس القطعة، وما يخلفه من شعور جيد. اخترنا قماش الصوف المناسب للمواسم الأربعة، ويمكن ارتداؤه في الربيع والشتاء. ونحاول، أيضاً، تقديم نوع من إعادة التفسير للعباية، بطريقة الخياطة التقليدية. وتتكوّن الكبسولة من خمس عبايات مميزة، لكلٍّ منها شيلة متطابقة. واخترنا لها أربعة أقمشة، هي: الحرير المجعّد الكلاسيكي، والحرير اللامع الفاخر، والصوف الخفيف الوزن المزيّن بخيوط الترتر؛ ليعيد إحياء النقشات التقليدية، والحرير اللامع المزيّن بالترتر بالدرجة اللونية نفسها على كامل القطعة.
هدف «الشركة»
كيف توازنون بين الابتكار والحداثة، والحفاظ على تقاليد «العلامة»، وحرفيتها؟
إنه أمر صعب؛ لأنه ليس من السهل العثور على الجيل الثاني من الحرفيين، الذين يعملون على الملابس؛ ولهذا السبب يعد الحرفيون هدف «الشركة». في عام 2013، قررنا بناء مدرسة للفنون والحرف اليدوية في قرية «Solomeo»، ويدرس لدينا في كل سنة 60 طالباً، بين 18 و27 عاماً، يتعلمون ليصبحوا حرفيين، وفي الوقت نفسه يتلقون راتباً، ونحن نقدر ونحترم هذا النوع من العمل، لأنه مهم جداً لنا. ولهذا السبب مع وصول الجيل الشاب، نحاول الجمع بين الحرف اليدوية القديمة والتكنولوجيا الجديدة. فعلى سبيل المثال، الليزر يعد آلة جديدة للتطريز، وهناك أيضاً العديد من الأشياء، والطرق الجديدة لصنع الملابس المحبوكة، لأن 20% فقط من ملابسنا مصنوعة يدوياً.
هل سيؤثر ذلك في الجودة؛ لأن الصناعة اليدوية لا تزال تتمتع بفئتها الخاصة؟
إنها مزيج من الاثنتين؛ لأن التكنولوجيا الجديدة تشكل جزءاً كبيراً من شيء يمكنك صنعه يدوياً، وهذا مهم للغاية، ونحن نحاول، دائماً، اتباع روحنا الحرفية في صنع أشياء جديدة.
ما دور الرقميات في تطور الموضة، وما مفتاح الحفاظ على الأصالة هناك؟
هذا المشروع بدأ عام 2017، ومع رقمنة موقعنا على «الويب»، نعيد كل ما تم توجيهه منا إلى الموقع، بما في ذلك خط البوتيكات؛ فكل شيء يتم شحنه من الآن فصاعداً. والفكرة هي محاولة إنشاء موقعين جانبيين مختلفين: الأول: خط البوتيكات. والثاني: قصة العلامة التجارية. ومن المهم جداً لنا أن نحكي قصة «الرجل العصامي» (والدي)، والفكرة الرئيسية أي تلوين الكشمير على سبيل المثال. ونبدأ بالجمع بين هذين الموقعين، وإنشاء نافذة على العالم. عندما تنضمين إلى الموقع، تتاح لك فرصة رؤية القليل من عالم «Solomeo». الآن، هناك تحديث مهم؛ لأننا نعمل على استخدام الذكاء الاصطناعي، ولدينا موقع «ويب» جديد، ويمكنك التحدث مع هذا الموقع الجديد باستخدام الذكاء الاصطناعي. وفي غضون بضعة أشهر، يمكننا إجابة جميع الأسئلة، حول فلسفة وتاريخ العلامة التجارية.
ابتكار مختلف
يشكل تجديد «سولوميو» جزءاً ملهماً من إرثكم.. ما الدور الذي تلعبه هذه المشاريع الاجتماعية والثقافية في رؤيتك للشركة؟
في شركتنا، نحاول أن نكون مبتكرين بطريقة مختلفة، وأيضاً في مجال الذكاء الاصطناعي. وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا ننشئ موقعاً على «الويب»، وعلى طريقة «Solomeo». والفكرة هي محاولة إنشاء مجتمع، يمكنه النمو مع الشركة؛ فعندما قرر والدي بناء الشركة، كانت القرية صغيرة وفقيرة جداً، وهي المكان الذي ولدت فيه والدتي؛ لهذا السبب قرر والدي الانتقال إلى هناك؛ لبناء الشركة. لم يكن قراراً سهلاً؛ لأن الشركات الأخرى كان مقرها في ميلانو أو روما، وخلال نمو الشركة، بدأنا إعادة بناء القرية. فمنذ 40 عاماً، كان عدد سكانها من 200 إلى 250 نسمة. أما الآن، فقد أصبح عددنا 800، ولدينا العديد من العائلات الشابة الآن، وقمنا ببناء مسرح ومنتدى ومساحة عامة، يمكن للناس الانضمام إليها، وقضاء الوقت فيها. كما أنها لحظة ثقافية، لأن العيش ليس سهلاً في قرية بهذا الوقت، خاصة للجيل الأصغر سناً؛ ونحن نشجعهم على البقاء، لهذا أسسنا المسرح، والمدرج، وغيرهما، كسينما تحت النجوم خلال الصيف، والمهرجانات الموسيقية، والشركة التي توفر فرص عمل عدة. كما نقيم العديد من الأنشطة للأطفال، لدفعهم قليلاً للبقاء في الخارج، وليس في الداخل على هواتفهم، وكذلك لدينا فريق لكرة القدم، فهذه المساحة العامة مليئة بالأنشطة الرياضية المختلفة التي يمكنهم الانضمام إليها. كل هذا لبناء مجتمع حول القرية، يتوافق مع رؤية والدي، الذي يعتقد أننا حراس حتى انتهاء وقتنا. ومن المهم أن نعطي المجتمع مكاناً أفضل، ونترك إرثاً أيضاً، وأن نعيش كل يوم.
ما أولوياتكم للشركة في المستقبل، وماذا عن التوسع نحو أسواق جديدة كالشرق الأوسط؟
بالطبع، أن يكون المنتج رقم (1)؛ لأنه إذا كانت لديك شركة جميلة، فيجب أن يكون لديك منتج مناسب؛ ولهذا السبب ينصب تركيزنا على المنتج. إضافة إلى أننا بعد «كورونا»، نركز على العلاقة مع عميلاتنا، ومع الصحافيين؛ لإنشاء ما نسميه «الحدث الحِرَفي»، حيث لا يوجد الكثير من الناس، ولديك الفرصة لقضاء الوقت مع جميع الأشخاص من حولك، وإنشاء اتصال حقيقي. وهنا أيضاً، أدعو الناس إلى رؤية العلامة التجارية في «Solomeo»، بشكل صحيح؛ فشركتنا منفتحة للغاية، ويمكن لجميع الأشخاص الانضمام، والرؤية. على سبيل المثال، قررنا العمل لمدة ثماني ساعات فقط؛ لنمنح فريق العمل توازناً جيداً بين العمل والحياة، ففي الساعة الـ5:30 عصراً، تُطفأ أنوار الشركة، ويعود الناس إلى منازلهم؛ لقضاء بعض الوقت مع العائلة والأصدقاء؛ ليعودوا أكثر إبداعاً في صباح اليوم التالي.
ما اللحظة الأكثر تأثيراً فيك، خلال حياتك المهنية؟
أعتقد أنه حينما أصبحت الشركة عامة، وتم طرح الأسهم، لقد كان عاماً مهماً جداً، وقد غير ذلك كثيراً من منظورنا وانفتاحنا، وتغير أيضاً تصورنا لعلامتنا التجارية. الآن، يمكنك أن تري نوعاً من المنظور الجيد، وطول العمر للشركة. كان الأمر صعباً بعض الشيء؛ لأنه كان شديداً، ومكثفاً جداً؛ لأننا أردنا مشاركة فكرة نمط حياتنا، وفكرة الأسرة، وكان من المهم نقل هذه الفكرة إلى كل مستثمر على حدة، ومشاركته طريقة حياة ورؤية. بالنسبة لوالدي، كان من المهم دعوة كل مستثمر على حدة، ولمدة عام كنا نتناول العشاء كل ليلة، مع جولة في الشركة، ولكِ أن تتخيلي ما كانت الأسرة منخرطة فيه للغاية.
بعيداً عن العمل.. كيف تشحنين طاقتك، وتسترخين؟
بالطبع، مع عائلتي، فقد أتيحت لي فرص للعمل والسفر كثيراً حول العالم، خلال السنوات الماضية، لكن فكرة قضاء كل عطلة نهاية أسبوع في المنزل كانت راسخة في ذهني. أعيش في «Solomeo» بالريف، ولديَّ ابن في الرابعة من عمره، وشقيقتي وابنتها، وزوجي، وكلابي.. هذه هي اللحظات التي أشحن فيها روحي بالكامل.