#منوعات
ياسمين العطار الجمعة 30 مايو 11:00
بقوة الحب، الذي ينبض في قلب كل أم، أسرت الإماراتية، الدكتورة فاطمة محمد، مشاعر القراء بكتابها «في عيني اليمنى بستان»، حيث تأخذنا فاطمة في رحلة ملهمة مع ابنها «زايد»، الذي اكتشفت - بعد ولادته - أن عينه اليمنى صغيرة، وغير مكتملة النمو. لم يكن الكتاب مجرد سرد لتجربة شخصية، بل هو تجسيد حي لمشاعر الأمومة، وقصة مليئة بالإصرار والتفاؤل، تضيء دروب الأمل، مُحتفيةً بالاختلافات، التي تجعل الحياة أكثر قيمةً، وجمالاً.. في حوارها مع «زهرة الخليج»، تحدثنا فاطمة محمد المتخصصة في التربية، والحاصلة على درجة الدكتوراه تخصص احتياجات خاصة، عن كيفية تحويل الحب إلى قوة دافعة لمواجهة التحديات، وكيف يمكن للصعوبات أن تكون بوابة إلى عوالم جديدة من الجمال:
ما الذي ألهمك كتابة «في عيني اليمنى بستان»؟
استلهمت فكرة الكتاب من ابني «زايد» (بطل كتابي، وحياتي)، ورحلته مع الإصابة بـ«المايكروبثولميا»، وهو مرض نادر يصيب العين، وقد يؤدي إلى العمى، حتى خضع لعملية تبديل عينه اليمنى بعين اصطناعية. كأم، شعرت بأن تجربتي ليست مجرد قصة شخصية، بل تجربة تمس قلوب العديد من العائلات التي تواجه تحديات مشابهة. فقد أردت أن أشارك العالم ما مررنا به، من الصدمات إلى الانتصارات، وأن أسلط الضوء على الجمال والقوة، اللذين وجدناهما في كل خطوات رحلة العلاج.
منظور مختلف
صفي لنا شعورك؛ عند اكتشاف حالة «زايد»؟
كان الأمر مزيجاً من الصدمة والقلق، خاصة مع عدم معرفتي ما ينتظرنا. لكن مع مرور الوقت، تحولت هذه المشاعر إلى هدوء ورضا؛ فقد أدركت أن هذا التحدي سيكون له تأثير عميق في حياتنا، لكنه أيضاً سيفتح لنا آفاقاً جديدة؛ لرؤية الحياة من منظور مختلف.
كيف أثر هذا التحدي في حياتك الشخصية، والعائلية؟
لقد تغير الكثير من الجوانب في حياتنا؛ فرغم أن التحديات كانت صعبة، إلا أنها قرَّبتنا كعائلة؛ فقد أصبحنا أكثر تفهماً لبعضنا، وتعززت الروابط بيننا. كما تعلمنا أن نحتفل بكل إنجاز صغير. في النهاية، أدركنا أن معنى العائلة هو أن نكون معاً، وأن يدعم بعضنا بعضاً، خلال الأوقات الصعبة.
-
فاطمة محمد: قصتنا رسالة أمل لكل العائلات
متى بدأت فكرة توثيق تجربتك مع «زايد»؟
تبلورت الفكرة مع مرور السنوات، عندما لاحظت ردود فعل الناس تجاه «زايد»، والأسئلة التي كانوا يطرحونها. وقتها شعرت بحاجة إلى سرد قصته؛ لتعزيز الوعي حول الأطفال ذوي الهمم، وتشجيع العائلات على عدم الخجل أو إخفاء أطفالهم. لقد أردت أن أقدم رسالة، مفادها أن كل طفل لديه شيء فريد يقدمه إلى العالم، وأن الجمال يكمن في الاختلاف، وآمل أن يجدوا في قصتنا أملاً ودعماً.
هل كانت لديك خلفية أدبية، قبل هذا الكتاب؟
رغم أنني تخصصت في التربية، وحصلت على درجة الدكتوراه تخصص احتياجات خاصة، إلا أنني انجذبت كثيراً إلى عالم الأدب، وكنت شغوفة بالكتابة، لكنها كانت مجرد هواية؛ فلم أكن أعتقد أنني سأتحول إلى كاتبة محترفة. لكن بعد تجربة «زايد»، شعرت بأنه يجب أن أشارك قصتي مع الآخرين. كانت هذه نافذتي الأولى إلى عالم النشر، لكنني متحمسة لكتابة المزيد في المستقبل؛ فالكتابة جعلتني أقدر تجربتنا أكثر، وعمقت فهمي لمشاعري كأم، وكانت وسيلة للتواصل مع «زايد»؛ لأعبر له عن مدى فخري به، وحبي له.
كيف عكستِ تجربة «زايد» في الكتاب؟
تناولت التجربة من منظور طفل يرى العالم بطريقة مختلفة، من خلال الألوان التي تظهر في عينه الاصطناعية؛ فقد حاولت أن أجعل القصة مليئة بالأمل والإيجابية، بدلاً من التركيز على التحديات فقط. كما أردت أن يشعر القراء بأن «زايد» بطل قصته، وأن لديه الكثير من الطاقات والمهارات، رغم حالته.
هل هناك لحظات مفصلية في الكتاب؟
بالتأكيد.. فهناك لحظات رئيسية عدة، مثل المرة الأولى التي ارتدى فيها «زايد» عينه الاصطناعية، فقد كانت تلك اللحظة مؤثرة بشكل كبير، حينما رأيت الفخر في عينيه، ورؤية ردود أفعال الآخرين. كانت تلك تجربة تعليمية له، حيث بدأ يتقبل اختلافه، ويفخر به، بدلاً من أن يخفيه. ومع أن كلمات الناس ونظراتهم لا تزال تؤثر فيه، لكننا ندرب أنفسنا على تقبل ذلك، وأنا على يقين من أن المضي قدماً سيمكنه من تجاوز ذلك.
فخر.. وحب
ما أصعب التحديات، التي واجهتك خلال دعمك «زايد»؟
كان التحدي الأكبر هو تعزيز ثقته بنفسه، حتى لا يشعر بأنه مختلف بطريقة سلبية. كان يسألني كثيراً عن عينه، وكان أحياناً يشعر بالقلق، وكنت، دائماً، أؤكد له أنه مميز وفريد، وليس «ناقصاً». كما جعلته، أيضاً، يرى أطفالاً آخرين حول العالم، لديهم تحديات مشابهة؛ ليشعر بأنه ليس وحده، وأنه قادر على تحقيق أحلامه، رغم الصعوبات. أتمنى أن يكبر، ويكون فخوراً بنفسه، وقادراً على تحقيق أحلامه؛ مهما كانت التحديات. كما أريده أن يكون واثقاً، ومستقلاً، وسعيداً بحياته، وأن يسهم في تطوير مجتمعه، ووطنه الغالي.
هل تفكرين في كتابة المزيد مستقبلاً، وما الموضوعات التي ترغبين في تناولها؟
نعم، بالتأكيد أرغب في كتابة قصص للأطفال، تتناول التقبل والتنوع، بالإضافة إلى كتب توعوية تساعد الأهالي على التعامل مع التحديات، التي يواجهونها مع أطفالهم، كما أن لدينا حالياً مشاريع عدة مع رسامين، نتطلع إلى طباعتها قريباً.
لو كان بإمكانك توجيه رسالة إلى الأمهات، اللاتي يواجهن تحديات مع أطفالهن.. ماذا ستقولين؟
أقول لكل أم: أنتِ أقوى مما تتخيلين، وطفلك هدية مميزة؛ حتى لو بدا الأمر صعباً في البداية. احتضني رحلته، وركزي على الحب والفرح، بدلاً من القلق والخوف؛ فكل تحدٍّ فرصة لاكتشاف قوة جديدة فيكِ، وفي طفلك.