#تحقيقات وحوارات
ياسمين العطار اليوم 11:30
ليس للنجاح حدود، فهو مسيرة متواصلة، ورحلة مليئة بالشغف والتعلم والإصرار.. هكذا تمضي سعادة الدكتورة فرح الزرعوني، الوكيل المساعد لقطاع المواصفات والتشريعات في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، في مسيرتها المهنية الممتدة، التي لم تتوقف، بل تطورت لتجعل منها صوتاً إماراتياً، ووجهاً عربياً في أهم الهيئات الدولية، المعنية بالمواصفات، والبنية التحتية للجودة؛ فما بدأته سعادتها (ضيفة صفحات «زهرة الخليج»، قبل 25 عاماً)، لا يزال مستمراً، بالإرادة ذاتها، والتصميم نفسه؛ فأصبحت نموذجاً ناجحاً بعد وصولها إلى مواقع دولية عدة، ممثلةً لدولة الإمارات من خلال وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة. عبر هذا الحوار، نعرف أكثر عن بدايتها في مختبرات بلدية دبي، ومساهماتها التالية في تطوير التشريعات والمواصفات القياسية واللوائح الفنية، ودور المرأة الإماراتية في القطاعين الصناعي والتكنولوجي، وإنجازاتها المتواصلة:
كيف بدأت رحلتك المهنية؟
خلال رحلتي المهنية، استلهمت من رؤية دولة الإمارات، التي عينها، دائماً، على المركز الأول، فهذا النهج أصبح أسلوب حياة لنا جميعاً كمواطنين. بدأت مسيرتي من المختبرات الفنية التابعة لبلدية دبي، رئيسةً لقسم المواد الاستهلاكية، قبل أن أنتقل إلى هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس، حيث عملت ضمن فريق تطوير البنية التحتية للجودة في الدولة، بدايةً كمدير إدارة المواصفات، ثم مدير إدارة الاعتماد الوطني. بعدها، التحقت بالعمل في المنتدى الدولي لهيئات اعتماد «الحلال»، وصولاً إلى دوري الحالي كوكيل وزارة مساعد لقطاع المواصفات والتشريعات في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة. كنت حريصة، بشكل دائم، على تنفيذ رؤية قيادتنا الرشيدة في تعزيز مكانة دولة الإمارات كمنصة عالمية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والتنافسية.
صدارة
ما أبرز إنجازاتك على الساحة الدولية؟
أفخر بانتخابي كأول امرأة إماراتية، وعربية؛ لعضوية مجلس المنظمة الدولية للتقييس (ISO)، ومجلس إدارة اللجنة الكهروتقنية الدولية (IEC)، فلم يكن هذا الفوز إنجازاً شخصياً، بل هو اعتراف بكفاءة الإمارات في مجال البنية التحتية للجودة، وتأكيد على خبرات المرأة الإماراتية والعربية. وخلال التنافس بقوة في الانتخابات الدولية؛ حصدت أعلى نسبة تصويت في انتخابات مجلس المنظمة الدولية للتقييس، بشكل لم يتحقق لأي دولة عربية تقدمت لهذا المنصب سابقاً، وكان فوزي بمقعد مجلس إدارة اللجنة الدولية الكهروتقنية مميزاً من حيث تمثيلي لدولة الإمارات كأول دولة عربية في مجلس الإدارة، وبإجماع الدول الأعضاء بها كافة. كما ساهمت في رسم سياسات منظمات التقييس المرموقة، مثل: معهد المواصفات والمقاييس للدول الإسلامية (SMIIC)، والمنظمة العربية للتنمية الصناعية والتقييس والتعدين (AIDSMO)، وهيئة التقييس الخليجية (GSO). أشعر بعظيم الامتنان لقيادتنا الرشيدة على دعمها اللامحدود للكفاءات الوطنية، كما أتوجه بالشكر والتقدير إلى قيادة الوزارة، ممثلة بمعالي الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وسعادة عمر السويدي وكيل الوزارة، على الدعم المستمر.
-
فرح الزرعوني: «منظومة الجودة» تجذب الاستثمارات وتفتح أسواقاً جديدة لمنتجاتنا
ماذا عن التحديات التي واجهتك، وكيف تغلبت عليها؟
تعد التحديات فرصاً للنمو والتطوير؛ فكل تحدٍّ نواجهه درس جديد، يحمل معه فرصة لاستخلاص العبر، وابتكار حلول إبداعية. وعلى الجانب الشخصي، أجد أن تحقيق التوازن بين الأدوار المختلفة يمثل جوهر النجاح، والوصول إلى هذا التوازن لم يكن سهلاً؛ فقد خضت، وبناتي، العديد من التحديات على مدار السنوات الماضية؛ فبعد وفاة والدهن المبكرة، وجدت نفسي أقوم بدور مزدوج. إلى جانب ذلك، لم يكن لطموحي الأكاديمي حدود، فقررت - بدايةً - الالتحاق ببرنامج الماجستير، الذي حصلت عليه بـ«امتياز مع مرتبة الشرف»، الأمر الذي دفعني إلى استكمال درجة الدكتوراه في جمهورية أيرلندا؛ فأصبح التحدي أكبر، والمسؤولية أعظم. وعلى مدى العقدين الماضيين، واجهت هذا التحدي بإصرار، وبفضل الله تمكنت من أداء أدواري الثلاثة على أكمل وجه: (أم، وموظفة مسؤولة، وطالبة دكتوراه). وقد أنعم الله عليّ ببناتي، اللواتي التحقن بأرقى الجامعات الدولية، وأصبحن مصدر دعم وفخر لي. في الإمارات «لا شيء مستحيلاً»، ولا نعتبر ذلك شعاراً، بل سيرة يومية نعيشها بتفاصيلها، برؤية واضحة، وجهود وطنية مخلصة، وإيمان مطلق بأننا نساهم في بناء مستقبل الدولة.
كيف تعزز المواصفات القياسية تنافسية الصناعات الوطنية؟
الإمارات من أولى الدول العربية، التي وضعت قوانين تدعم الاستدامة والابتكار في منظومة البنية التحتية للجودة، وهذا له فوائد مباشرة للمستهلكين، والمنتجين والتجار والموزعين؛ لأنه يرفع كفاءة الإنتاج، ومستوى وجودة المنتجات، من خلال تطبيق أفضل الممارسات، وحماية حقوق الأفراد والتجار على حدٍّ سواء، وصولاً إلى تعزيز النمو الاقتصادي، ومؤشرات التنافسية الإماراتية. وتتبنى وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة منهجية قائمة على التعاون، والشراكة، مع قطاعات الأعمال الصناعية؛ لتطوير منظومة المواصفات والمقاييس، وكذلك على مستوى تطوير مواصفات قياسية وأنظمة ولوائح فنية، تساهم في دعم التكنولوجيا المتقدمة، وتعزز الارتقاء بالأداء الصناعي الإماراتي، وتعمل على تطوير منظومة جودة متكاملة، تسهل التبادل التجاري، وتعزز تنافسية منتجاتنا في الأسواق الدولية، ورفع القدرات التنافسية للدولة.
وجهة جاذبة
ما الإجراءات التي تتبعونها؛ لضمان توافق اللوائح مع أفضل المعايير الدولية؟
نمتلك أكثر من 28 ألف مواصفة ولائحة فنية، تغطي قطاعات متعددة، من التعليم إلى الزراعة، ونعمل - باستمرار - على تحديثها، ومواكبة التغيرات؛ لضمان بقاء الإمارات وجهة جاذبة للاستثمار والصناعة. كما نعمل - كفريق حكومي موحد - على تعزيز سمعة الدولة.. إقليمياً، ودولياً.
ما أثر منظومة الجودة في الاقتصاد والمجتمع؟
نبدأ بالانعكاسات والنتائج، التي تحققت عام 2024، حيث تقدمت دولة الإمارات إلى المركز الخامس عالمياً في مؤشر البنية التحتية للجودة للتطور المستدام، مقارنة بعام 2022، متقدمة 6 مراكز، ضمن المؤشر الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، ويعتبر مؤشر البنية التحتية للجودة للتطور المستدام أداة فعالة لقياس قوة البنية التحتية للجودة. كما تمثل منظومة البنية التحتية للجودة عاملاً مهماً في جذب الاستثمارات الصناعية، ودعم اقتصادنا الوطني، وفتح أسواق جديدة لمنتجاتنا الوطنية. إن توفير المواصفات القياسية وبرامج المطابقة ومسح الأسواق، يدعم ثقة المستهلك بجودة وسلامة المنتجات، وفقاً لأفضل المواصفات الدولية.
ما رؤيتك لدور المرأة في مجالَي الصناعة والتكنولوجيا؟
بفضل توجيهات قيادتنا الرشيدة، تواصل دولة الإمارات جهودها الحثيثة؛ لتعزيز نمو وكفاءة أبنائها، واضعةً نصب عينها المستقبل، من خلال تمكين الأجيال القادمة، لا سيما المرأة، التي تحظى بدعم استثنائي، وفرص غير محدودة للتطور والتميز. ولا يقتصر مجال التقييس على كونه تخصصاً فنياً، بل يمثل ركيزة استراتيجية؛ لتعزيز تنافسية الصناعات الوطنية، وتسهيل وصول المنتجات الإماراتية إلى الأسواق العالمية. وهذا يضع على عاتق الجيل الحالي، والأجيال القادمة، مسؤولية الحفاظ على المكانة الريادية، التي حققتها الدولة في هذا المجال. أرى - بوضوح - الدور المتنامي والملموس للمرأة الإماراتية في القطاعَيْن: الصناعي والتكنولوجي، حيث تسهم بفاعلية في تطوير المواصفات القياسية، واللوائح الفنية، وأنظمة المطابقة والاعتماد، إلى جانب مشاركتها الفاعلة في اللجان الفنية الخليجية والدولية. هذا الحضور القوي يعكس نجاح استراتيجية التمكين الوطني، وثقة القيادة الرشيدة.