#تكنولوجيا
ياسمين العطار اليوم 14:45
في عالم التصوير، يُعتبر الصيف موسماً مثالياً لاكتشاف الجمال، وتوثيق اللحظات بعدسة تحمل رؤية فنية خاصة. في هذا السياق، التقت «زهرة الخليج» المصورة الإماراتية هند الرئيسي، التي حولت بعدستها المشاهد الحياتية إلى قصص بصرية تنبض بالحياة، مستندة إلى مسيرة فنية بدأتها في التصوير الرياضي عام 2013، لتبرز اليوم ضمن الأسماء المؤثرة في مجال التصوير الفوتوغرافي. في هذا الحوار، نتعرف على رؤيتها الفنية، وتجربتها في التصوير أثناء الرحلات، وكيفية التقاط اللحظات التي تروي أجمل حكايات.
كيف بدأت رحلتك مع التصوير الرياضي؟
دخولي لمجال التصوير جاء عن طريق الصدفة. في عام 2013، شاهدت إعلاناً عن مباراة كرة قدم لمنتخبنا الوطني ضد فيتنام. حملت كاميرتي وجربت، وصادفت مباراة استثنائية فاز فيها «الأبيض» بخمسة أهداف. الصور التي التقطتها حينها وثقت لحظات فرح لا تنسى، ومن هناك بدأت الرحلة، من مجرد تجربة بسيطة إلى شغف احترافي أسست معه استوديو خاصاً بي.
تخطيط.. وعفوية
نعيش أجواء الصيف والسفر. كيف تتعاملين مع التصوير أثناء الرحلات؟
السفر هو أكبر مصدر إلهام بصري. كل بلد أزوره يمنحني إحساساً بصرياً مختلفاً، من الضوء إلى الناس إلى العمارة. أحرص دائماً على حمل كاميرا خفيفة، وأمزج بين التخطيط والعفوية. أحياناً أبحث عن مواقع معينة، وأحياناً أترك لنفسي حرية الاكتشاف. بعض من أجمل صوري جاءت من لحظات لم أخطط لها أبداً.
ما الذي تبحثين عنه بعدستك أثناء السفر؟
أبحث عن «الإنسان في المكان». أحب التقاط التفاعلات اليومية. كذلك التقط التفاصيل الصغيرة، مثل: النقوش على الجدران أو الأبواب القديمة. أؤمن أن الجمال لا يكمن في المشهد الكبير فقط، بل في اللمحات العابرة التي تحكي قصة.
-
هند الرئيسي: السفر ملهمي.. والكاميرا شريكة رحلاتي
ما أبرز التحديات أثناء التصوير في السفر؟
أهم التحديات هي احترام ثقافة المكان. ليس كل مشهد يُصور، وليس كل شخص يقبل أن يكون داخل إطار الصورة. أحرص على الاستئذان ومراعاة السياق. أيضاً، التعامل مع الإضاءة المتغيرة يتطلب مرونة ومهارة، لذا أفضل الضبط اليدوي للكاميرا لضمان ثبات الجودة.
اللحظة أولاً
من واقع خبرتك، ما النصيحة الأهم لهواة التصوير خلال السفر؟
استمتعوا باللحظة قبل الصورة. لا تركزوا فقط على الإعدادات. الصور الجميلة تأتي من الإحساس، لا من الكاميرا. التفتوا للتفاصيل الصغيرة، وصوروا في أوقات الضوء الذهبي (الصباح والمساء). والأهم: لا تصوروا كل شيء. اختاروا اللحظات التي تمسّكم شخصياً.
محتوى هادف
محتواك التوعوي «علشان مصلحتك» كيف وُلد وما الذي أردتِ إيصاله؟
أؤمن أن المعرفة يمكن أن تُقدَّم بخفة. الكثير من المصورين أو حتى الناس الذين يتم تصويرهم يرتكبون أخطاء صغيرة تفسد الصورة تماماً: من زاوية الإضاءة، أو طريقة الوقوف، أو حتى اللبس غير المناسب. فكرت: ماذا لو أوصلنا هذه الملاحظات بشكل بسيط، وفعال؟ وهكذا بدأت فكرة «علشان مصلحتك».
هل لديك طقوس معينة قبل جلسة تصوير؟
أرى أن التحضير أساس كل شيء، ومن هذا المنطلق، أبدأ دائماً بدراسة الشخصية التي سأصورها، وأفهم الهدف من الجلسة. أجهز المعدات، الإضاءة، العدسات، وحتى الجو النفسي، لأن الارتياح ينعكس مباشرة على الصورة.
كيف تؤثر التفاصيل الصغيرة في جودة الصورة النهائية؟
التفاصيل الصغيرة تصنع الفرق الكبير. لون الملابس، مثلاً، ممكن أن يعكس الضوء بطريقة تكمل المشهد أو تشتته. المكياج، لو كان خفيفاً وطبيعياً، يساعد في إبراز ملامح الوجه دون أن يغطيها. نظرة العيون تحمل طاقة عالية، وغالباً ما تكون هي العنصر الذي «يحكي» من خلاله مضمون الصورة. لذلك أحرص دائماً عل «أن يكون الشخص الذي أصوره مرتاحاً وينظر بعدسة الكاميرا كأنه يحكي معها».
كيف تبنين علاقة راحة مع من تصوّرينهم لأول مرة؟
أبدأ بالحديث معهم قبل أن أمسك بالكاميرا. أسألهم عن يومهم، أضحك معهم، وأشاركهم قصة بسيطة. هذا يساعد في كسر الجليد ويجعلهم يشعرون بالراحة. أحياناً، أعرض لهم بعض الصور الأولية على الكاميرا، ليعرفوا كيف يبدون ويشعرون بالثقة. أعتبر أن التعارف والحديث العفوي يزيل الحواجز ويخلق جواً من الثقة، مما ينعكس بشكل إيجابي على الصورة.
هل تفضّلين التصوير في الاستوديو أم في الأماكن المفتوحة؟
أحب الأماكن المفتوحة، لأن ضوء الشمس الطبيعي لا يُضاهى، كما أن الخلفيات الحقيقية تضيف حياة وروحاً للصورة. لكن لا أنكر أن الاستوديو له خصوصيته من حيث التحكم والهدوء، لذا أختار بينهما بحسب طبيعة العمل.
في رأيك، ما أهمية الخلفية في الصورة؟
الخلفية عنصر أساسي في بناء المشهد البصري، ويجب أن تكون داعمة لا منافسة. إن البساطة قد تكون مطلوبة أحياناً للتركيز على الموضوع الأساسي، بينما في أوقات أخرى، تضيف الخلفية الغنية معنى ضمن السياق.
لقطة خالدة
متى تقولين إن الصورة ناجحة؟
حينما تنقل إحساساً، وليس فقط شكلاً. قد تكون صورة بسيطة لكنها تشدك وتبقى في ذاكرتك.
ما الذي يجعل الصورة الرياضية خالدة؟
التصوير الرياضي يتطلب مهارة استثنائية في التوقع. لا مجال لإعادة اللقطة. الصورة الخالدة في هذا المجال هي التي تمسك اللحظة النادرة: دمعة لاعب، صرخة فوز، أو حتى انهيار تعب. هنا يتجلى الفرق بين صورة «جميلة» وصورة «تُحفر في الذاكرة».
ماذا تقولين للمصورين المبتدئين الذين يحلمون بالوصول؟
لا تستعجلوا النجاح. التصوير رحلة طويلة، وكل مرحلة فيها تعلم. ولا تعتمدوا على الكاميرا فقط، بل دربوا أعينكم على قراءة الضوء، وادرسوا أعمال المحترفين لا لتقليدهم، بل لفهم قراراتهم. وتذكروا دائماً أن «اليوتيوب» مفيد، لكن الميدان هو معلمكم الأول والحقيقي.