«حبر من ذهب».. رحلة عبر التاريخ والفن في «قصر الوطن» بأبوظبي

#ثقافة وفنون

كارمن العسيلي اليوم

في قلب «قصر الوطن» بأبوظبي، حيث تتقاطع العمارة المهيبة مع عبق التراث.. انطلقت، أمس، رحلة ثقافية آسرة تمتد على مدى ستة أشهر، معرض «حبر من ذهب: رحلة عبر المخطوطات العربية والإسلامية»، الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، بالتعاون مع جامعة ماكغيل الكندية؛ ليكشف للزوار كنوز الفكر والفن، التي سطّرها الحرف العربي على مرّ العصور.

اختيار «قصر الوطن» محطةً أولى ليس مصادفة، فبين جدرانه البيضاء، التي تعانق السماء، تُروى حكايات حضارة تؤمن بأن المعرفة الجسر الأجمل بين الشعوب. ومن هنا تبدأ الرحلة، التي تمتد من صفحات التاريخ إلى فضاءات الحداثة، ومن أبوظبي إلى كندا، حيث يواصل «المعرض» رحلته في جامعة ماكغيل مطلع عام 2027، حاملاً معه رسالة الإمارات بصَوْن التراث ونشره في العالم.

رحلة عبر الزمن.. والحَرْف:

في أروقة «المعرض»، يسير الزائر بين مخطوطات نادرة، تُجسّد قروناً من الإبداع الإنساني في الأدب والعلم والفن والدين والفلسفة. فصفحاتها تنطق بالحياة، وتُعيد إحياء ملامح الحضارة الإسلامية في أبهى صورها، بما تحمله من عمق وجمال وفكر متجدد، يتجاوز الزمن، ويُلهم الحاضر.

«المعرض» ثمرة تعاون بين مؤسسات ثقافية مرموقة، منها: مكتبات أبوظبي، ومتحف زايد الوطني، ومتحف اللوفر أبوظبي، وجامعة ماكغيل. وهذه الشراكة الفريدة تجمع مقتنيات محلية وعالمية نادرة، بعضها يُعرض لأول مرة؛ لتمنح الزائر فرصة نادرة؛ لرؤية التاريخ من قرب.

من الخط إلى الفكر:

ينقسم «المعرض» إلى أربعة محاور رئيسية، تمثل محطات الرحلة الفكرية والبصرية:

1. رحلة الخط العربي: حيث تتحول اللغة إلى فن بصري، يرسم عبر تطور الحروف حكاية الجمال والدقة.

2. زخرفة الكلمة المكتوبة: هنا تُعرض المخطوطات كتحف ذهبية، تزهو بالألوان والنقوش، حيث تتجاوز الكلمة حدود القراءة؛ لتصبح لوحة فنية.

3. الحواشي في المخطوطات: عالمٌ موازٍ من الأفكار والحوارات، يربط بين الأجيال والعقول.

4. الطباعة الحجرية: بوابة نحو المستقبل، تُظهر كيف تواصلت تقاليد المخطوطات مع الحداثة؛ لتمنح المعرفةَ حياةً جديدةً.

تجربة تفاعلية تثري الحواس:

يتميّز «المعرض» بتصميم فني، يقوم على ثنائية الكشف والإخفاء، ما يجعل كل خطوة اكتشافًا جديدًا. ويمكن للزوار الغوص في تفاصيل المخطوطات من خلال شاشات رقمية، وتجارب تفاعلية، وبطاقات تعريف ثنائية اللغة. كما تتاح ورش عمل تراثية، تجعل تجربة المخطوطات أقرب إلى المتعة الحسية والفكرية. ويُقوم «المعرض» بإصدار كتالوج غني بالصور والرؤى البحثية، يتضمن مقدمة من البروفيسور فرانسوا ديروش، أحد أبرز المتخصصين في فن المخطوطات العربية.

من أبوظبي إلى العالم:

يُجسّد «حبر من ذهب» التزام أبوظبي الراسخ بحماية التراث، وتعزيز الحوار الثقافي العالمي. فهنا لا يُعرض الماضي كمشهدٍ ساكن، بل كقصة مستمرة تلهم الحاضر والمستقبل.
ولتعميق هذا الحوار، تستضيف الدائرة «مؤتمر أبوظبي الدولي الرابع للمخطوطات»، يومَيْ: 8، و9 أكتوبر 2025، تحت عنوان «جماليات الفنون البصرية في المخطوطات العربية والإسلامية: الإرث الفني وتأثيراته المعاصرة».

أنتم مدعوون؛ لتكونوا جزءاً من الرحلة في جوهر الحبر الذي كتب تاريخ الإنسانية.. فلا تترددوا في التوجه إلى «قصر الوطن»؛ للغوص في تفاصيل الحضارات العريقة!