«المايدي»: اخترتُ أن يحمل فني ملامح بلادي
#مشاهير العرب
خالد خزام اليوم 21:21
ماجد ناصر، المعروف فنياً باسم «المايدي»، فنان بدأ رحلته في عالم الموسيقى عازفاً يحاور الإيقاع، قبل أن يكتشف أن صوته يحمل بوابة أخرى للبَوْح. لم يختر «المايدي» الاستقرار، ولم يركن إلى نمط واحد؛ بل ظلّ يتنقّل بخفة بين التجارب، يلتقط من كل محطة درساً، ومن كل تحدٍّ طاقة جديدة.. في هذا الحوار، يكشف الفنان الإماراتي عن تحوّلاته الفنية، وموقفه من المشهد الموسيقي الإماراتي والعربي، ورؤيته لدور الموروث، وآفاق المشاريع المقبلة، التي يَعِدُ جمهوره بأنها ستكون «مفاجآت حقيقية»:
-
«المايدي»: اخترتُ أن يحمل فني ملامح بلادي
ما الذي أشعل شغفك بالموسيقى، وكيف قادك ذلك إلى الغناء؟
علاقتي بالموسيقى بدأت قبل أن أقرر احترافها. فقد كنت أبحث عن طريقة أُخرج بها طاقتي؛ فوجدت نفسي منجذباً إلى الإيقاع، وبدأت مع «الدرامز». كانت هذه الآلة مساحة للحوار بيني، وبين الجمهور، من دون كلمات. بعد إصابة في معصمي؛ شعرت بأن شيئاً انكسر، لكن هذه الوقفة القسرية جعلتني ألتفت إلى صوتي؛ فجرّبت الغناء بدافع الفضول أولاً، ثم اكتشفت أنني أستطيع أن أقول - عن طريق الصوت - ما لا يمكن للآلة أن تقوله، ومن هنا شعرت بأن رحلتي الحقيقية بدأت.
تطور فني
كيف تطوّر أسلوبك الفني، وما أبرز التحديات التي واجهتها، خلال هذا التحوّل؟
الخطوة الأولى التي كان يجب عليَّ أن أمشيها، هي أن أتعامل مع صوتي كـ«مشروع» يحتاج إلى تدريب وانضباط؛ فقرأت كثيراً عن تقنيات الأداء، ودرست مخارج الحروف، واشتغلت على شخصية صوتية، لها هوية ومزاج واضحان. التحدي الأكبر تمثل في أن اللون الذي أقدمه أقرب إلى المدرسة الغربية، وهو لون كان جديداً، نسبياً، في الساحة المحلية؛ لذلك كنت أشعر، أحياناً، بأنني خارج «المنطقة المألوفة»، وهذا جعل الطريق أطول، لكنني تعلمت أن أكون مسؤولاً عن تطوير نفسي، وأن أبني مساري خطوةً بخطوةٍ. هذه التجربة منحتني صبراً، وقدرة على الاعتماد على نفسي، وهما اليوم أهم ما أملك فنياً.
هل هناك تجربة ما تركت أثراً حاسماً في رؤيتك الموسيقية؟
نعم، الغناء مع «أوركسترا 7»، بقيادة المايسترو فاضل الحميدي، كانت محطة فارقة. فعلى المسرح، وسط هذا العدد من العازفين، تشعر بأن صوتك جزء من كيان كبير، ومتناغم. التوزيع الأوركسترالي، والانضباط في البروفات، والدقة في كل تفصيلة؛ كلها جعلتني أرى الموسيقى منظومةً متكاملةً، وليست لحناً وصوتاً فقط. بعد هذه التجربة، صرت أكثر اهتماماً بالتفاصيل الصغيرة، وبالبناء الدرامي للأغنية، وبالعلاقة بين ما أقدمه، وبين إحساس الجمهور، في اللحظة نفسها.
-
«المايدي»: اخترتُ أن يحمل فني ملامح بلادي
اليوم.. كيف ترى المشهد الموسيقي في الإمارات؟
بكل ثقة، أقول: إننا نعيش مرحلةَ تَشَكُّلٍ حقيقيةً لمشهد موسيقي إماراتي متنوع؛ فهناك دعم رسمي، ومنصات، وجمهور بدأ يثق أكثر بالفنان المحلي. كما أن انفتاح الدولة على الثقافات المختلفة؛ أوجد بيئةً خصبةً للتجريب؛ فصرنا نسمع، مثلاً، خليطاً من الألوان الخليجية والعالمية، ومن التراث والإلكترونك، من دون أن نفقد هويتنا. والجميل أن هذا الحراك أحدث وعياً جديداً لدى جيل كامل من الفنانين، باتوا يسألون: «ما الذي يمكن أن نقدمه نحن، من هنا، إلى العالم؟».
هل يمكن أن تصبح الإمارات مركزاً إقليمياً للموسيقى؟
الإمكانات الموجودة، اليوم، تجعل هذا الطموح واقعياً جداً؛ فلدينا بنية تحتية متقدمة، واستوديوهات، ومسارح، ومهرجانات، ومنصات رقمية، إضافة إلى المواهب الشابة، التي تحتاج فقط إلى الاستثمار فيها. وإذا استمر الاستثمار في هذه المواهب، وتم فتح المزيد من المساحات؛ لعرض الأعمال الإماراتية داخل الدولة وخارجها؛ فأعتقد أن الإمارات ستكون محطة رئيسية لصناعة الموسيقى في المنطقة.
-
«المايدي»: اخترتُ أن يحمل فني ملامح بلادي
موروث موسيقي
الموروث الموسيقي الإماراتي.. ما مدى حضوره في تجاربك، وكيف تحافظ على أصالته؟
الموروث - لديَّ - ليس فقط ألحاناً قديمة؛ بل هو طريقة في النظر إلى الحياة، وإيقاع في الكلام، وروح في الأداء. وحتى عندما أقدّم لوناً غربياً، أعمل على الاحتفاظ بهذا النَّفَس الإماراتي في الجملة اللحنية، والإيقاع، وطريقة الغناء. إن دورنا، اليوم، ليس أن نغيّر الموروث، بل أن نعيد قراءته بلغة هذا الزمن. يمكننا أن نطوّر القالب، وأن نستخدم أدوات معاصرة في التوزيع والتسجيل، لكن يجب ألا نمسّ الجوهر الذي تربينا عليه. وقتها، نستطيع أن نخاطب ذائقة الجيل الجديد، من غير أن نقطع هذا الخيط مع الماضي.
تستضيف الإمارات فعاليات موسيقية عالمية، بشكل دائم.. كيف يساهم هذا في تطوير المشهد الموسيقي بالدولة؟
هذه الفعاليات وتلك المبادرات تشكل، معاً، منظومة واحدة، تدفع بالمشهد الموسيقي الإماراتي إلى نضج أكبر. فعندما يعتلي الفنان الإماراتي المسرح إلى جانب أسماء عالمية، أو يشارك في ورش مع موسيقيين من ثقافات متعددة، يتغيّر وعيه بحدود قدراته، ويكتسب لغة جديدة، وخبرة أوسع، وتُفتح أمامه أبواب تعاون لم تكن ممكنة من قبل. أما المبادرات المحلية، فهي تُكمل هذا الدور، عبر توفير منصات عرض، وبرامج تدريب، وورش عمل حقيقية، تُسهِم في صقل مهارات الفنانين الشباب. اليوم، يجد الشاب الإماراتي أدوات احترافية لم تكن متاحة للأجيال السابقة، إضافة إلى منظومة تقدر موهبته وتدعمه، ما يشكل دافعاً كبيراً للاستمرار. إن التكامل بين الفعاليات العالمية، والمبادرات المحلية، يصنع حراكاً فنياً نابضاً، ويمنح الفنان الإماراتي موقعاً مؤثراً إقليمياً وعالمياً.
-
«المايدي»: اخترتُ أن يحمل فني ملامح بلادي
ما دور الجمهور في رحلتك، وهل هناك مشاريع جديدة في الأفق؟
الجمهور شريك أساسي في أي خطوة، وأي نجاح أحققه، من خلال سماع أعمالي، أو حضور حفلاتي، أو بكلمات الدعم التي تصلني؛ لذلك أحاول، دائماً، أن أقدّم ما أشعر به بصدق، وأن أصل إلى قلبه قبل أذنه. وهناك أعمال جديدة أعمل عليها حالياً، وأتمنى أن تشكّل نقلة في مشواري.
في عيد الاتحاد الـ54.. ما الذي يعنيه لك أن تكون فناناً إماراتياً يحمل صوته من هذه الأرض؟
أن أكون فناناً إماراتياً يعني أنني أحمل اسماً، وتاريخاً، ومسؤولية في الوقت نفسه. وأفتخر بأن صوتي تشكّل من هذه الأرض.. من رمالها التي علمتني الصبر، ومن بحرها الذي علّمني الحنين، ومن قيادتها التي منحتنا الفرصة؛ لنحلم، ونحقق ذلك الحلم. عندما أعتلي المسرح؛ لا أمثل نفسي فقط، بل أمثّل جيلاً كاملاً من الشباب الإماراتيين، الذين يريدون رفع اسم بلادهم عالياً.. فكل عام والإمارات أغلى.. وشعبها أسعد.. واتحادها أقوى!