لاما عزت 21 أغسطس 2013
بعد زيارتها التي استمرت ثلاثة أشهر للمملكة العربية السعودية في مهمة صحافية، دونت الصحافية اللبنانية أسماء وهبي يومياتها في مدينتي الرياض وجدة، لترسم انطباعاتها وتعيد النظر في الصور النمطية التي يحملها كثيرون عن المجتمع السعودي. وهاهي تشارك قرائها فيما رأت وسمعت وعاشت وتروي تجربتها في كتابها الصادر حديثا " 90 يوما في السعودية". "أنا زهرة" التقت الصحافية اسماء وهبي وحاورتها: بداية ان تكتب صحافية لبنانية عن المجتمع السعودي امر يحتاج لكثير من المحاذير.. أليس كذلك؟ قد يظن البعض أنه يحتاج إلى الكثير من المحاذير. ويتردد الكثيرون قبل الإقدام على هذه الخطوة، خصوصا إذا كان يعمل في الصحافة وليس كاتبا حرا. لكن أعتقد أن الفكرة كانت بالنسبة لي أكبر من المحاذير، وربما الجرأة لأنني طرقت بابا سعوديا جديدا بسيطا بعيدا عن "الفذلكة" والسياسة ونيرانها. كتبت عن ما شاهدته في الحياة الاجتماعية السعودية خلال وجودي في مدينتي الرياض وجدة طوال تسعين يوما. كتبت بحس إنساني يشبه المواطن العادي دون أي شيء آخر. ما هي يومياته؟ كيف يعيشها؟ ماذا يأكل؟ كيف تمضي النساء عطلة نهاية الأسبوع؟ وغيرها من المواضيع البسيطة التي تمس القارىء بحس روائي سردي، فيظن أنه يقرأ نفسه قبل أن يعيش تجربة الآخر. هل تكفي 90 يوما لتكوين فكرة عميقة عن المجتمع السعودي؟ بالطبع لا يمكن الحكم على مجتمع خلال تسعين يوما. وهذا ما قلته في مقدمة الكتاب. لقد كتبت عما شاهدته وسمعته بصيغة سرد روائي بسيط بعيدا عن التأريخ. وأيضا لا يحق لي الحكم على المجتمع السعودي أو غيره، لكني تحدثت كإنسانة اختارت مهنة الصحافة لتأخذها نحو عالم جديد يشبهها دون أن تتقاطع معه في بعض الأمور. تظهرين في الكتاب وكأن النقاب راق لك وأشعرك بالأمان؟ منذ فترة طويلة تراودني فكرة ارتداء النقاب لاستكشاف إحساس المرأة المستترة خلفه, كيف تتحدث مع الآخر وتتفاعل مع المجتمع دون أن يعرفها أحد في الوقت الذي يتاح لها أن تعرف الجميع! أردت أن أعيش التجربة وأتحدث مع الناس وسائق التاكسي والبائع في السوبرماركت من خلف نقابي، والمفارقة هنا أنني وجدت نفسي أكثر راحة. أتحرك كما أريد دون أن يستوقفني رجال الهيئة مثلا أو أتعرض لمعاكسات لأن المنقبة "ملتزمة" بحجابها. وربما ما أعطاني هذا الإحساس أنني صاحبة القرار في ارتداء النقاب وخلعه. واكتشفت أن النقاب يفعّل دور العينين اللتين تختصران الجسد فمن خلالهما ترى العالم ويعرفها الآخر. تمارس المنقبة القوة والضعف عبر عينيها. وهو ما يمنحها بطبيعة الحال إحساسا بالاسترخاء والأمان إلى حد ما! كتبت عن متناقضات المجتمع السعودي . ماذا عن المجتمع اللبناني الا يحرض على الكتابة؟ المسألة لا تتعلق بالجنسية. لم يكن القصد من الكتاب رصد المجتمع السعودي، لأنني لست مؤرخة أو محللة بل صحافية أغراها المجتمع السعودي بمفرداته وتكوينه وتركيبه وطقوسه وإيقاع حياته وناسه. مجتمع يحفزك على الكتابة وبالتالي يتحول النص هنا إلى حالة لا تتعلق بالهوية بل بالفعل والزمان والمكان. وبالطبع لا أنكر أن لبنان مجتمع مغري ومليء بالقضايا والقصص ولكني أردت الدخول في مساحة لا نعرف عنها الكثير. ما اكثر الظواهر التي استوقفتك في السعودية؟ استوقفتني نظرة الرجل السعودي إلى المرأة. شعرت ببعض من التناقض. هو رجل عصري للغاية وربما أكثر عصرية ومدنية من الرجل اللبناني من ناحية الثقافة والتعبير عن النفس. لكن المرأة بالنسبة إليه مازالت ذلك الكائن التابع إلى حد ما. دائما نبرة الصوت الذكوري أعلى من الحس الأنثوي. هذا بالإضافة إلى طريقة خاصة في النظرة إلى الحب. سمعت أحاديث من شباب نجديين بأن أحدهم لا يمكن أن يتزوج من الفتاة التي يحبها والسبب أنها وافقت على الدخول معه في علاقة حب، وبالتالي يمكن أن تفعل ذلك مع أي رجل آخر! توقفت عند الحالة المتقدمة التي صنعتها الفتاة السعودية لنفسها. إنها ليست تلك الفتاة التي نسمع عنها بأنه كل همها المجوهرات والموضة فقط بل هناك فتيات يكافحن من أجل لقمة العيش والنجاح أيضا بمنتهى العصامية. بالإضافة إلى هذا توقفت عند العلاقة بين المجتمع وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سمعت طويلا عن خوف الناس منها وهذا حقيقي، لكن شريحة غير بسيطة مؤيدة لوجودهم لعدة أسباب منها أنهم يحمون النساء في الشوارع من "طيش العيال السعوديين" كما يقولون، ولأن لهم دورا مهما في ضبط المخدرات والمتاجرين بالكحول. توقفت عند قائمة الممنوعات الطويلة في الرياض مثل منع النرجيلة داخل العاصمة، حيث على الرجال الخروج إلى طريق القصيم من أجل ذلك. وأيضا منع النساء من قياس الملابس في المحلات العامة. توقفت أيضا عند شكل المطاعم القائمة على القواطع بين الطاولات فلا ترى من يجلس إلى الطاولة المجاورة لك! من خلال برنامج " قضية راي عام" ألم تفكري بكتابة الحالات التي صادفتك؟ يكفي أن يكون أبطال الكتاب جزء من زملائي في العمل في مكتب الرياض وجدة. قدم لي برنامج قضية رأي عام الذي أقوم بإعداده قاعدة عريضة للإطلاع على القضايا السعودية عن قرب وفهم المجتمع بطريقة مبدئية قبل الاحتكاك به. أخيرا اسماء وهبي كيف تعرّف عن كتابها للقارىء؟ هو كتاب أردت أن أدون فيه يومياتي في السعودية. وقفت على أحوال الناس. استمعت لهم. مارست فعل الإنصات إلى النهاية. أعجبت بإيقاع الحياة. كتابي بسيط للغاية. يشبهني ويشبه مهنتي التي يجب أن تكون بسيطة. ذهبت إلى الواقعية حتى منتهاها ليكون كتابي حقيقيا يشبه أبطاله. وفي النهاية أقول: كتبت هذا الكتاب بحب آسر لذلك البلد، لا يمحوه الوقت أو المكان لناس تركوا في نفسي ذلك الغموض الآسر.
ساعة رولكس

أدخل بياناتك
شكراً
ننتظرك غداً مع سؤال جديد
التالي
اغلق


بعد 90 يوما في السعودية.. النقاب يمنح الحرية!
#مجتمعك