#بشرة
لاما عزت 7 فبراير 2018
نقرأ الكثير عن خوف النساء من الكهولة والشيخوخة، واعتمادهن شتّى الوسائل (الطبيعية أو العلاجية أو الجراحية)، للحدّ من آثار الزمن كسلاح للدمار التدريجي للجمال. لكن، لا يمكن لرجل مكتهل فما فوق الادّعاء، أنه لم يحسب قط أي حساب للشيب، أو لم يتأمل ما حيا بيت الشعر الشهير «ليت الشبابَ يعودُ يوماً... أُخبرهُ بما فعل المشيبُ»، أو لم يتغنّ بـ«وإن شابت الذوائبُ مني، فالليالي تزينها الأقمارُ». وأحياناً، تشيب الذوائب ولا تذوب الشوائب. رجالاً أم نساء، الشيخوخة تُدركنا جميعاً أسرع مما نتداركها، لأنها أشبه بلغة أجنبية ينبغي تعلّم مفرداتها وضبط قواعدها، في وقت لا يعود فيه العقل قادراً على الاستيعاب السريع. وطبعاً، يُعدّ ابيضاض الشعر أكثر علامات السن وضوحاً للعيان، بالتالي أبلغها شهادةً عن جري السنين. فلماذا يشيب الشعر مع التقدم في العمر؟ يعتمد لون الشعر على نشاط خلايا «ميلانوسايتس»، التي تحدد شدة تلون الجلد والشعر عبر شدة إفرازاتها من مادة «ميلانين». هذه الأخيرة تستقر أولاً في جذر كل شعرة، ثم تنتشر عبر نسيجها في الفراغات الخلوية التي تتخلل مادة «كيراتين»، المكون الأساسي للشعر. وحين تنضب صبغة «ميلانين»، تمتلئ مسامات نسيج الشعر، أي الفراغات بين خلاياه، لا بتلك المادة الملونة، إنما بفقاعات هوائية هي التي تضفي اللون الأبيض. ويتوقف تركيز مادة «ميلانين» في نسيج الشعر على عوامل متباينة، منها درجة تركيز أنزيم يسمى «تايروزينير». وهنا يكمن سبب الشيب كعملية فيزيولوجية طبيعية. فهو يظهر حين يضمحل نشاط تلك الخلايا، بالتالي يقلّ إفراز الـ«ميلانين»، فتحل الفقاعات الهوائية محله. بيد أن مردّ هذا التراجع ليس بالضرورة التقدم في السن. فمن شأن ظروف فيزيولوجية أو نفسية معينة، وأحياناً وراثية، التأثير في عملية الإفراز تلك، حتى في عز الشباب. كما لوحظ أن بعض حالات الشيب، وإن كانت نادرة، يمكن أن تكون مؤقتة، كأي ظاهرة فيزيائية تزول بزوال المؤثر. ولا يستبعد أن تسترجع تلك الخلايا نشاطها بعد فترة «سبات» جراء اختلال غددي. وهذا ما يحصل، مثلاً، عند الإصابة ببعض أمراض الحميات، ومرض الثعلبة. فالشعر الأبيض إنْ هو إلا شعر أسود (أو كستنائي أو أشقر أو أحمر) يفتقر إلى مادته الملونة. لكن، بشكل عام، يبدأ ظهوره في العقد الرابع من العمر لدى الجنسين، وبصورة نهائية لا عودة فيها. وذلك ما يفسر ارتباط سن الأربعين، في مُخيّلة الناس منذ القدم، ببدء الشيب، بالتالي بوقار الكهولة وسداد الرأي. فقال الشاعر: «إذا ما الفتى بلغ الأربعين وجاوزها عدُّ حسابِهْ... ولم يرعوِ بعدُ وقد ارعوى أكثرُ أترابِهْ... فلا تَرْجُ منه خيراً بل قل سـيجري على دابِهْ».?