#ثقافة وفنون
إشراقة النور 8 ديسمبر 2019
في قلب مدينة النور باريس، وعلى أحد ضفاف نهر السين، أمام «حديقة التويلري»، يقف مبنى «متحف أورسيه» شاهداً على الحضارة الفرنسية في أوج تألقها، إذ لا يحتضن فقط روائع وكنوز الفن العالمي الأنيق، وإنما أيضاً يحتفظ بالسحر القديم لمحطة القطار التي كان يضمها في الماضي.
يقع «متحف أورسيه» في الحي السابع في العاصمة الفرنسية باريس، في محطة قطار قديمة، تم بناؤها بمناسبة المعرض العالمي للمدينة الذي أقيم في عام 1900. فبعدما عملت المحطة سنوات طويلة ضمن شبكة السكك الحديدية السريعة الإقليمية لنظام قطارات الضواحي في منطقة باريس، عُرضت للبيع في عام 1961، وقبل التفكير في هدمها رأت الدولة أن تحل بها أزمة نقصان المساحات المخصصة للمعارض الفنية في المدينة المثقفة، فتم ترميمها وإصلاحها عام 1980، ومن ثم تحويلها مقراً للمتحف وافتتح للجمهور عام 1986.
ساعة من الماضي
يمثل مبنى المتحف، في حد ذاته، أول عمل فني يراه الزائر عند وصوله، إذ تم بناؤه بأسلوب يتبع الهندسة المعمارية الصناعية، حيث المواد السائدة في هذا النوع من البناء هي الزجاج والحديد، والتي تمثل التقدم والحضارة. وحتى الساعة الجدارية الفريدة للمهندس فيكتور لالوكس، الذي صمم المحطة القديمة، لم تزل في بناية المتحف الجديد، تمنحه جزءاً من عبق الماضي وهي لا تزال تعمل منذ عام 1830 حتى الآن.
أعمال شهيرة
يعرض «متحف أورسيه» في الغالب أعمالاً فنية من القرن التاسع عشر، تغطي تاريخ الفن القديم، الحديث والمعاصر، ويعد موطناً لمجموعة من الأعمال الانطباعية وما بعد الانطباعية، ويضم على الأغلب جميع الفنون والأعمال الفرنسية الرائدة التي تعود للفترة بين عامي 1848 و1915 الميلاديين، وتشتمل مجموعة المتحف على لوحات وأعمال عظيمة لأشهر الفنانين العالميين والرسامين والنحاتين الفرنسيين والعالميين، مثل روائع لفان جوخ ومونيه ورينوار وديغا وسيزان، بالإضافة إلى مجموعات من الصور وأعمال في الهندسة المعمارية والسينما، وأهلت ثروة المتحف الفنية وروائعه ليصبح أحد أهم المتاحف الثقافية في العالم.
ثروة تاريخية
تبلغ مساحة المتحف حوالي 16 ألف كيلو متر مربع وهو مكون من 80 قاعة عرض وممراً، وينقسم المتحف إلى 3 مستويات، حيث يتم توزيع 4000 عمل دائم من الفنون التشكيلية من قبل الفنانين، من منتصف القرن التاسع عشر حتى أوائل القرن العشرين. وكثير من هذه اللوحات جلبت من «متحف اللوفر». ويتمتع «متحف أورسيه» بثروة تاريخية كبيرة، سواء في الأعمال التي تتدلى من جدرانه أو في داخل المبنى نفسه. وقد منحت عملية التجديد الحديثة مساحة أكبر للمتحف، بالإضافة إلى جدران ملونة نابضة بالحياة. وتحتوي ممرات المتحف كذلك على كثير من التماثيل والأعمال الفنية المدهشة، ووضع في زوايا المتحف 6 مجموعات من التماثيل تمثل القارات الست، كان قد تم نحتها لتوضع في المعرض العالمي في باريس.
قاعة معارض
توجد حول «متحف أورسيه» قاعات للمعارض موزعة على 3 طوابق، العلوي منها هو المكان الذي توجد فيه الأعمال الأكثر إثارة للاهتمام للفنانين الانطباعيين الأكثر شهرة، والتي تعود إلى فترة الازدهار بين عامي 1874 و1886. زار المتحف 4 ملايين زائر في العام الأول من افتتاحه، ولا يزال يحتفظ إلى اليوم بمتوسط سنوي قدره 2.500.000 زيارة.