#تحقيقات وحوارات
رحاب الشيخ الأربعاء 2 ديسمبر 2020 10:00
يستقر في ذاكرة الدكتور محمد القدسي، المرافق الإعلامي للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الكثير من الحكايات والأحداث التي قام بها المغفور له في حياته خدمة لأبناء الإمارات والعالم العربي، فالدكتور القدسي يحتفظ بكثير من الذكريات المليئة بالمواقف النادرة والإنسانية والأخوية للشيخ زايد، تجاه أبناء الإمارات، ومبادراته العروبية، والتي حضرها ووثقها وصوّرها القدسي طيلة 34 عاماً رافق خلالها الراحل الكبير. «زهرة الخليج» وهي تحتفي بالعيد الوطني الـ49 لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، تستعيد مع القدسي بعض هذه الذكريات، حول الأحداث التي عاشها، منذ وصوله إلى أبوظبي عام 1969 من بلده سوريا وكان عمره آنذاك 26 عاماً.
قيام الاتحاد
شهد القدسي، خلال مسيرته الإعلامية الطويلة، إعلان قيام الاتحاد ورفع علم الدولة في قصر الضيافة بدبي، وكان المذيع الذي أعلن قيام الاتحاد بالصوت والصورة في الثاني من ديسمبر 1971 عبر «تلفزيون أبوظبي» المحطة الرسمية الوحيدة التي كانت في الدولة آنذاك. يقول القدسي: «رافقت الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في العديد من التغطيات الإعلامية في الإمارات وحول العالم، وأنجزت بتوجيهات منه 380 فيلماً وثائقياً عن تشجير الصحراء وتوطين البدو، كان آخرها عن جزيرة دلما قبل وفاة الراحل الكبير بأسبوع، وكنت بأمر منه قمت بكتابة سيناريو والتعليق الصوتي على الفيلم الأول الذي يتحدث عن دولة الإمارات عام 1973 وكان عنوانه (الشروق)».
إيمان بالتعليم
يسترسل القدسي في استعادة ذكرياته بالقول: «في كل جانب من جوانب الحياة للمغفور له أيادٍ بيضاء، وأتذكر أنني كنت أغطي لقاء للشيخ زايد مع وزير التربية والتعليم آنذاك عبد الله عمران، يومها وجه المغفور له بفتح المدارس واستقبال كل الطلاب، طالباً مراجعته فوراً في حال وجود أي مشاكل إدارية أو مالية، وشدد بالقول: (اطرقوا بابي فوراً، علماً بأنكم إذا ما جئتم إليّ، فسأتي إليكم بنفسي)، وأذكر أن عدد المدارس في أبوظبي عندما تولى الشيخ زايد حكم الإمارة اثنتان، وفي غضون عام واحد أصبح عدد المدارس ستاً».
ويواصل القدسي حديثه عن اهتمام الشيخ زايد بالتعليم بالقول: «في نهاية عام 1976 بعد أن أدى الوزراء اليمين الدستورية للحكومة الثانية في حديقة قصر الحصن، أشار المغفور له إلى وزير الإعلام والثقافة آنذاك الشيخ أحمد بن حامد، رحمه الله، بأن يبدأ تلفزيون أبوظبي بتقديم برنامج نصائح وإرشادات للطلاب، يتم الحديث فيها عن المدارس والدراسة وأهمية التعليم، وضرورة الابتعاد عن أصدقاء السوء».
زيارات تفقدية
يستذكر القدسي أن الراحل الكبير كان يقوم بجولة سنوية في كل أنحاء دولة الإمارات، ويوضح: «الجولة السنوية للشيخ زايد كانت تستمر شهراً كاملاً وأحياناً تزيد هذه المدة لعدة أيام، وكان يتخذ من منطقة الخوانيج في دبي مقراً لانطلاقه نحو زياراته التفقدية». ويروي القدسي واحداً من المواقف التي حضرها للشيخ زايد أثناء زيارته، قائلاً: «في شهر أبريل عام 1974، قام الشيخ زايد بزيارة مدرسة (آمنة بنت وهب) الثانوية للبنات في دبي، ورافقه في الزيارة الشيخ راشد بن سعيد رحمه الله، ويومها سأل المغفور له بناته الطالبات عن آرائهن في الاتحاد وماذا قدم لأبناء وبنات الإمارات، وما المشاريع التي يحتاجها الناس، فنهضت إحدى الطالبات وطالبت بإقامة مشاريع تتعلق بالبنية التحتية وغيرها من الأفكار، فطلب منها الشيخ زايد أن تدون أفكارها في رسالة وترسلها له، وسألها عن اسمها، فقالت رفيعة عبيد غباش، وهي الآن واحدة من أبرز النساء الإماراتيات».
مواقف دولية
ويحكي القدسي عن مواقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، قائلاً: «بعد انتهاء مؤتمر القمة العربية الثامن الذي عقد في العاصمة المصرية القاهرة عام 1976، توجه الشيخ زايد إلى محافظة الإسماعيلية لافتتاح الحي الذي يحمل اسمه (حي الشيخ زايد)، ورافقه في الزيارة وزير الإسكان المصري آنذاك عثمان أحمد عثمان، ومع وصولنا إلى هناك ابتسم المغفور له عندما شاهد إحدى اللافتات الكبيرة والمعلقة في شوارع الإسماعيلية وقد كتب عليها (ابتسم فأنت في حي الشيخ زايد)، وقد كان هناك الآلاف في استقبال المغفور له بالغناء والهتاف والفرحة، وقد بنى طيب الله ثراه 4500 وحدة سكنية كاملة التجهيز هناك».
دور الإعلام
يبين القدسي إيمان الشيخ زايد بدور الإعلام، ويروي موقفاً يوضح ذلك بالقول: «يوم 21 أكتوبر 1969، عقدت اجتماعات الدورة الرابعة والأخيرة للمجلس الأعلى للاتحاد في دار الضيافة في أبوظبي، ودخلت يومها إلى قاعة الاجتماع بطلب منه، وقال لي يومها: (أنت إعلامي ويجب أن تسمع وتشاهد وتكتب ما يقال، وتوزعه على تلفزيون أبوظبي وإذاعتها والوكالات الإخبارية، والجلسة ليست سرية فهي حول الاتحاد)، وكان قد مضى شهران على افتتاح تلفزيون أبوظبي».
الاهتمام بالزراعة
يشير القدسي، وهو يسترجع مواقف الراحل الكبير، إلى اهتمام الشيخ زايد بنفسه بالزراعة والإشراف على الأراضي الزراعية الممنوحة لأبناء الإمارات للاستثمار فيها، ويزيد: «زودني المغفور له بمعلومات حول ري غابات المنطقة الغربية، أثناء تصوير أفلام وثائقية عن الزراعة، طالباً مني كتابة تعليقات الفيلم وتسجيلها، لتتضح أمام المزارعين فائدة الري بالتنقيط، وأهمية إيصال أنابيب التنقيط بين الأشجار، ووضح لي أن هذه الطريقة تترك التربة مبللة بمقدار 60 سنتيمتراً عن يمين ويسار الشجرة، وأن ماء التنقيط يصل إلى أعماق الجذع تحت الرمال. وأن الري بالتنقيط يوفر 60% من ماء الري المباشر، والهدف من ذلك كله توفير المياه، وعدم الحاجة للري اليومي للشجرة من قبل المزارعين أنفسهم».
الفن في خدمة الوطن
عن استقبال الشيخ زايد للسيدة أم كلثوم في أبوظبي، يستذكر القدسي تلك الزيارة، موضحاً: «زارت أم كلثوم أبوظبي في نوفمبر من عام 1971، لإحياء حفلين غنائيين بمناسبة عيد جلوس المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والتحضير لقيام الاتحاد، وكان المغفور له يعتبرها قامة فنية ووطنية من الطراز الأول، ويشيد بمواقفها الوطنية، لا سيما أنها في تلك الفترة كانت تتبرع بمدخول جميع حفلاتها للمجهود الحربي المصري».