#منوعات
ياسمين العطار الخميس 29 مايو 09:30
برؤى فنية إبداعية، تساهم ليلى بن بريك في تعزيز الهوية الثقافية الإماراتية على الساحة الدولية، بصفتها مديرة «الجناح الوطني» لدولة الإمارات في «بينالي البندقية»، انطلاقاً من خبرتها الغنية الممتدة عبر ثقافات متعددة، مروراً بعدد من الدول حتى انتقالها إلى دولة الإمارات عام 2006، حيث انبهرت بحيوية المشهد الإبداعي، الذي يزخر بالإلهام؛ ما أضفى على رؤيتها الفنية عمقاً وتنوعاً. في هذا الحوار، نستكشف رؤاها حول دور «الجناح الوطني» في تعزيز الفنون المعاصرة، والتحديات التي تواجهها، وكيف تساهم البرامج التدريبية في إعداد جيل جديد من الفنانين والمبدعين الإماراتيين، كما نستعرض مساهمة الفنون في بناء مجتمع غني، ومتبادل الثقافات.. وتالياً نص الحوار:
-
ليلى بن بريك: نرسّخ مكانة الإمارات مركزاً عالمياً في الفنون
كيف ترين دور «الجناح الوطني» في دعم الفنون المعاصرة، وتمثيل الإمارات دولياً؟
يلعب «الجناح الوطني» لدولة الإمارات، في «بينالي البندقية»، دوراً محورياً في تعزيز الإبداع، والتبادل الثقافي، إذ يعتبر الإبداع والحوار أساس عمله. وعبر المشاركة في الحوارات العالمية، يسعى «الجناح» إلى إثراء الحوار الثقافي محلياً، ودولياً. ومن بين أدواره الرئيسية، يسعى «الجناح» إلى ترسيخ مكانة الإمارات قائدة فكرية على الصعيدَيْن: الإقليمي، والعالمي، فالإمارات تزخر بمبدعين يقدمون أعمالاً مبتكرة، ولكن قد لا تحظى هذه الأعمال بالشهرة الكافية. لذا، يرى «الجناح» أن دوره يتمثل في اكتشاف هذه القصص، وتسليط الضوء عليها؛ ما يساهم في توسيع آفاق الحوار، والتبادل الثقافي الملهم.
منصة ثقافية
يركّز «الجناح» على السرديات غير التقليدية، فما أهمية هذه المقاربة في تشكيل الهوية الثقافية؟
يُعد «الجناح الوطني» للدولة في «بينالي البندقية» منصة ثقافية بارزة، تسعى إلى تسليط الضوء على القصص غير المروية في الفنون والعمارة بالإمارات. وقد شهدت دورات «الجناح الوطني»، بين عامَيْ: 2014، و2016، أمثلة بارزة على ذلك، حيث ركزت على استكشاف دور الممارسات المعمارية في تحقيق رؤى الآباء المؤسسين في بناء الدولة. وفي عام 2014، قام الفريق القيم بتسليط الضوء على المباني الرئيسية في دولة الإمارات، التي تمثل معالم تاريخية بارزة. وقد ساهم هذا المعرض في إثارة حوار وطني حول الحفاظ على هذه المباني؛ ما أدى إلى تطوير سياسة التراث الحديث لدولة الإمارات، التي أعلنت عنها وزارة الثقافة، مؤخراً.
ما أبرز التحديات، التي واجهتموها منذ تأسيس «الجناح»، وكيف تعاملتم معها؟
الوقت، دائماً، يمثل أحد أبرز التحديات، خاصة في إعداد معرض سنوي بمستوى عالمي. تغلبنا على ذلك من خلال تطوير عمليات دقيقة، والعمل مع فريق ملتزم وواسع الخبرة. والتحدي الأكبر يكمن في تقديم قصة جديدة كل عام، تحافظ على أصالتها، وفي الوقت ذاته ترتقي للمعايير الدولية؛ لذلك لدينا لجنة اختيار تتكون من خبراء متنوعين، ما يضمن جودة، وجِدة المحتوى.
-
ليلى بن بريك: نرسّخ مكانة الإمارات مركزاً عالمياً في الفنون
كيف يتم اختيار الفنانين أو القيّمين، وما الذي يحدد المعايير؟
بهدف ضمان أن يقدم «الجناح الوطني» لدولة الإمارات قصة أصيلة وواقعية للجمهور العالمي في «بينالي البندقية»، يتم تشكيل لجنة اختيار من خبراء الصناعة كل عام؛ لتحديد الاختيار الأمثل. بالنسبة لـ«بينالي الفنون»، ترشح اللجنة، عادةً، إما أميناً، أو فناناً؛ لتمثيل الإمارات. وفي ما يخص «بينالي العمارة»، نجري دعوة مفتوحة؛ لتقديم مقترحات مفاهيمية، تتم مراجعتها - بعد ذلك - من قِبَل لجنة الاختيار. في كلتا الحالتين، تمر المقترحات بجولات مراجعة مكثفة قبل ترشيح الفريق النهائي. وتتكون اللجنة نفسها من قادة الصناعة في الحكومة والهيئات المجتمعية، والأفراد، والفنان، أو أمين المعرض السابق. وتتمحور معايير اختيار كل جناح حول: القصة الإماراتية غير المروية التي سيقدمها، ومدى أهميتها عالمياً!
شراكات مجتمعية
في ظل «عام المجتمع».. كيف ينعكس هذا التوجه على أنشطة «الجناح»؟
العمل المجتمعي جزء أصيل من رؤيتنا، وكل ما ننجزه نتيجة شراكاتنا مع المجتمع، بدءاً من البرامج التدريبية، وحتى الأبحاث والمنشورات. وفي ضوء الاحتفاء بدور المرأة في «عام المجتمع»، نسعى إلى إبراز إسهامات المرأة في الفنون والعمارة، من خلال المعارض والبرامج، حيث يجسد «الجناح الوطني» المجتمع الإبداعي في الدولة. وسترون في هذا المجتمع الإبداعي نساءً يشغلن مناصب قيادية في الحكومة، والمؤسسات المختلفة، وفي الممارسات العملية، وتقديم الخدمات. ويتألف فريق «الجناح الوطني» نفسه، بشكل رئيسي، من النساء؛ ما يُبرز أهمية دور المرأة في دولة الإمارات.
-
ليلى بن بريك: نرسّخ مكانة الإمارات مركزاً عالمياً في الفنون
حدثينا عن البرنامج التدريبي في البندقية، وأثره في تطوير المواهب الإماراتية!
منذ عام 2009، يرى «الجناح الوطني» لدولة الإمارات، في مشاركته بـ«بينالي البندقية»، فرصة للاستثمار في الثروة الثقافية لقادة المستقبل. بدأ الأمر كبرنامج تطوعي، يهدف إلى إرسال ممارسين ثقافيين واعدين إلى البندقية؛ للإشراف على «المعرض». ومع مرور السنين، وتحديداً منذ عام 2014، تطور هذا «البرنامج»؛ ليصبح أحد برامج التدريب الدولية الرائدة في الدولة. لقد أتاح برنامج التدريب في البندقية الفرصة لأكثر من 200 مرشح لزيارة البندقية، الذين - بدَوْرهم - ساهموا في إثراء المشهد الثقافي. فالتدريب متاح للمواطنين الإماراتيين، والمقيمين الدائمين، الذين تتجاوز أعمارهم الـ21 عاماً، والذين يدرسون، أو لديهم اهتمام بالفنون والعمارة والتصميم والموسيقى والأزياء والعلاقات الدبلوماسية، أو أي مجال ثقافي آخر، ويتضمن «البرنامج» تدريباً مكثفاً في الإمارات، بالإضافة إلى ورش عمل تعليمية في البندقية.
ماذا عن فوز الإمارات بجائزة «الأسد الذهبي» في «بينالي العمارة 2021»؟
يُعد فوز «الجناح الوطني» لدولة الإمارات بجائزة «الأسد الذهبي لأفضل جناح وطني»، في الدورة السابعة عشرة من المعرض الدولي للعمارة في «بينالي البندقية» عام 2021، إنجازاً استثنائياً، وأعلى تكريم دولي يمكن أن تحصل عليه دولة في هذا المحفل العالمي المرموق. فهذا الفوز يُظهر - بوضوح - الأهمية الكبيرة للبحث المستقل والإبداعي في رسم ملامح مستقبلنا، ويعزز مكانة الدولة في صدارة الابتكار والريادة الفكرية دولياً.
-
ليلى بن بريك: نرسّخ مكانة الإمارات مركزاً عالمياً في الفنون
أخيراً.. ما الرسالة التي ترغبين في توجيهها حول أهمية الفن في بناء المجتمعات؟
نحن، في دولة الإمارات، ننعم بالعيش في مجتمع زاخر بالتنوع والثراء، ويتجلى ذلك في شتى جوانب حياتنا؛ لذلك أدعو كل من يعيش على أرض الإمارات الطيبة، ويعتبرها وطنه، إلى الانطلاق في رحلة بحثية؛ لاكتشاف كنوز الفن والثقافة، واستخدامها كأدوات فعالة؛ لبناء جسور التواصل والتفاهم بين الناس؛ فهذه الرحلة ستفتح آفاقاً جديدة، تجعل حياتنا أكثر غنى ومعنى.