#منوعات
نجاة الظاهري اليوم 11:30
منذ طفولتها، والخط العربي يتمايل على «أرجوحة شغفها»، ويسكن وجدانها، ليس كهواية عابرة، بل كشغف عميق، تحول إلى رسالة تعليمية، وإبداعية. وبين السبورة المدرسية، والمرسم الحر في «المجمع الثقافي» - أبوظبي، خاضت الخطاطة هاجر الكثيري رحلة معجونة بالتحديات، والإلهام؛ لتصبح من الأصوات الشابة، التي تراهن على قوة الخط في الحفاظ على الهوية، وإلهام الأجيال.. في هذا الحوار، نكتشف ملامح رحلتها، وأحلامها، ورؤيتها لفن لا يزال حيّاً بنبض الحرف، وروح الإتقان:
متى بدأت علاقتك مع الخط العربي؟
منذ المرحلة الابتدائية، كنت أكتب «البسملة» على السبورة، وكانت معلماتي يعتمدن عليَّ في كتابة أسماء الطالبات. تلك اللحظات البسيطة زرعت في داخلي حب الخط، ورافقني هذا الشغف حتى اليوم. أما تعلم هذا الفن أكاديمياً، فقد بدأته بشكل فعلي عام 2018، حينما التحقت بـ«المرسم الحر»، التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وتعلمت على يد الأستاذ محمد مندي. بدأت بخطَّي النسخ والثلث، ثم الديواني الجلي والكوفي المربع، ولا أزال أتابع مسيرتي بالممارسة، والمشاركات داخل الدولة، وخارجها. حالياً، أقوم بعمل دورات؛ لتحسين مهارات الكتابة اليومية للأطفال، بالإضافة إلى ورش خطية متنوعة لهم في «المجمع الثقافي» - أبوظبي.
-
هاجر الكثيري: الحفاظ على الخط العربي مسؤوليتنا جميعاً
أصبحت خطاطة
ما اللحظة، التي شعرتِ، خلالها، بأنك أصبحت خطاطة حقاً؟
عندما طلب مني والدي كتابة لوحة لمزرعته، بعد ثلاثة أشهر فقط من بدء تعلمي. ورغم بساطة خبرتي - آنذاك - إلا أنني قبلت التحدي، وبتشجيع من أستاذي، أنجزت العمل. كانت لحظة تكريمي من قِبَل والدي، بارتداء الذهب، بمثابة ولادة جديدة لطموحي. ما زلت أتذكر تلك الليلة؛ حينما قدم إليَّ والداي تلك المفاجأة؛ لقد ألبساني الذهب؛ تكريماً لأول إنجازاتي. كان هذا الموقف محفزاً لي، فهو يذكرني، دائماً، بقيمة المثابرة، والدعم العائلي، وأصبح ذكرى محفورة في قلبي، أسترجعها مع كل محطة جديدة في مسيرتي، إنه الوقود الذي يدفعني إلى الاستمرار؛ لأثبت لنفسي أن كل بداية - مهما بدت صعبة - يمكن أن تتحول إلى إنجاز عظيم بالإصرار، والمثابرة.
هل لا بدَّ أن يتحلى المرء بالموهبة؛ لتعلم الخط؟
إن عدم التحلي بالموهبة ليس شرطًا أساسيًا لتعلم الخط، فهناك من أبدعوا في هذا المجال؛ رغم عدم امتلاكهم تلك الموهبة، وإنما جذبتهم الأعمال الخطية، وأعجبتهم جماليات الحرف العربي، فتعلموا واجتهدوا؛ حتى أتقنوا هذا الفن.
ما الذي يصنع خطاطاً متميزاً؟
الاطلاع على مدارس الخط، ودراسة أعمال الكبار، والاستمرار في التدرّب. كما أن التغذية البصرية المستمرة ضرورية؛ لفهم تفاصيل الجمال في الحرف العربي.
هل تفكرين في ابتكار خط، يحمل توقيعك الشخصي؟
لا، لم أفكر - حتى الآن - في ابتكار خط خاص بي؛ لأنني لا أزال في مرحلة التعلم والدراسة، كما أن ابتكار خط جديد ليس أمراً سهلاً، فهو نتاج خبرة طويلة، وتمكن عميق من قواعد وأسرار هذا الفن العريق. فالخطاط المتمكن، الذي قضى سنوات في البحث والتجربة والتطوير، هو القادر على ابتكار خط يحمل بصمته الخاصة. أما أنا، فأواصل رحلتي في التعلّم والتدرّب، مركزة على الإتقان أكثر، لأن الإتقان بداية حقيقية لكل ابتكار.
-
هاجر الكثيري: الحفاظ على الخط العربي مسؤوليتنا جميعاً
كبار الخطاطين
مَنْ قدوتك في مجال الخط العربي؟
قدوتي في مجال الخط العربي كبار الخطاطين، الذين تركوا بصمتهم الخالدة في هذا الفن، وعلى رأسهم الخطاط الكبير محمد شوقي، الذي ندرس حاليًا من كراساته التعليمية، فهي تشكل مرجعًا مهمًا؛ لتعلم أصول، وقواعد الخط العربي. كما أعتز بأساتذتي الذين أتعلم على أيديهم اليوم، ومنهم: الأستاذ الخطاط فرهاد قورلو، والأستاذ الخطاط محمد مندي؛ اللذان لهما دور كبير في تعميق فهمي لقواعد الخط العربي، وصقل مهاراتي.
ما أصعب التحديات، التي واجهتك خلال مسيرتك؟
خلال رحلتي في تعلم الخط العربي، واجهت العديد من التحديات على مستويات عدة، وما زلت أواجهها. أول هذه التحديات الصبر، فتعلم الخط ليس مجرد مهارة نتعلمها بسرعة، بل هو رحلة مستمرة، تتطلب وقتًا طويلًا، وجهدًا كبيرًا. كما كان عليَّ أن أتعلم مواجهة لحظات الإحباط أو التراجع، التي قد تصادفني؛ عندما لا أراني أتقدم؛ كما كنت أتمنى. إضافةً إلى ذلك الدقة والتقيد بالقواعد من أكبر التحديات، فكل خط له قواعده الخاصة، التي يجب إتقانها؛ لضمان الحصول على نتائج صحيحة، ما يتطلب تركيزًا عميقًا، وفهمًا جيدًا للتفاصيل الدقيقة، التي قد تكون غير مرئية للعين غير المدربة.
ماذا عن تحديات تعليم الأطفال الخط العربيَّ؟
الفروق بين قدرات الأطفال تمثل تحدياً، بالإضافة إلى صعوبة غرس حب الخط لديهم في عصر السرعة؛ لذلك أحاول تكييف أساليبي، وتبسيط المفاهيم - قدر الإمكان - لتناسبهم، لكن الأهم أن أزرع فيهم الإعجاب بجمالية الحرف العربي.
ما طموح هاجر الكثيري، الذي تريد الوصول إليه؟
أن أواصل رحلتي مع الخط العربي، ليس فقط بإتقان أنواعه، بل بالمساهمة في نشر هذا الفن العريق، وتعريف العالم بجمالياته، وروحه. وأن أكون جزءاً من حركة إحياء الخط العربي، ونشره بأسلوب معاصر، يصل إلى الأجيال الجديدة، ويعرّف العالم بجمال هذا الفن. وهدفي، أيضًا، أن أترك بصمة واضحة، تعكس تراثنا وهويتنا بأسلوب معاصر، يلهم الأجيال القادمة، ويلامس الثقافات المختلفة.
كيف ترين مستقبل الخط العربي؟
رغم التحديات، إلا أنني أراه فنًّا قابلاً للتجدد، والحفاظ عليه مسؤوليتنا، وكذلك تقديمه بلغة معاصرة؛ وإذا أحسنّا دمجه مع التقنيات الحديثة، دون الإخلال بأصالته، فسنصنع منه لغة بصرية عالمية.