#مقالات رأي
نسرين فاخر اليوم
لأن الحياة أشبه برواية، فإننا نستعيد - بين صفحاتها - صوراً مألوفة من بيوتنا، لا تزال تتكرر كل يوم.. من بينها مشهد أحد أفراد الأسرة، وهو يمد يده إلى زرّ «السنوز» في المنبّه؛ ليغطَّ مجدداً في الأحلام، وينال غفوة قصيرة. يتكرر هذا المشهد في بيوت كثيرة، فيما يظل صوت المنبّه يرنّ، كأنه يضرب على الذاكرة.
مع بداية كل يوم، يتكرر السؤال: كم مرة نضغط على زرّ «السنوز»، قبل أن ننهض.. مرة، أم مرتين، أم حتى تتحول دقائق النوم الإضافية إلى سباق محموم مع الوقت؟.. لكن الحقيقة أن هذه الغفوات الصغيرة تُربك إيقاع البيت كله؛ فالأم تنهي فطورها على عجل، والأب يستعد لاصطحاب أبنائه إلى صفوفهم..
«السنوز» ليس مجرد زرّ، بل منطقة رمادية بين عالمَيْن متناقضَيْن: الداخل حيث الأحلام والراحة، والخارج حيث المدرسة والجامعة والعمل.
ندخل - بَعْدَها - في مشهد، كأننا نُسَرِّع الصورة والصوت، والزمن معاً؛ فلا نشعر بطعم القهوة.. إفطار سريع، وبحث عن الحقائب، وطلبات صباحية لا تنتهي من الصغار: «خمس دقائق زيادة»، و«اليوم ما عندنا واجب»، و«الإفطار في السيارة».
والحقيقة أن أجسادنا وعقولنا أذكى مما نعتقد؛ ونحن قادرون على تدريبها على التحكم في موعد الاستيقاظ، بل والإحساس بالسعادة من أول رنين؛ وإذا التزمنا بعادات نوم صحية، وأوقات نوم ثابتة، فستوقظنا «الساعة البيولوجية» دون أي قلق، أو إزعاج لمن حولنا؛ لو استوعبنا أن الوقت هو الحياة، بل هو أثمن فرصة، وأنّ كلّ دقيقة في البيت، أو أماكن العلم، أو العمل، تُعد تدريباً على الانضباط، والعيش في الزمن كما هو، لا كما نؤجله.. الأمر يحتاج فقط إلى قرار جاد.
وفي حياتنا، هناك أيضاً من يُشْبِهُون زر «السنوز»، فنعلّق عليهم تأجيل قرارات مهمة، أو مواقف مصيرية؛ ونماطل وننتظر «الوقت المناسب»، الذي قد لا يأتي. والحياة لا تعرف التأجيل.. فكل رنين فرصة جديدة لا تتكرر.
ربما حان الوقت؛ لنعيد ضبط منبّه حياتنا، ونقرر أن بعض الأمور لا تحتمل التأجيل، وأن بعض الأشخاص لا يستحقون أكثر من رنين واحد. فكما نحتاج أن نستيقظ من أول مرة، نحتاج، أيضاً، أن نتحرّك في حياتنا دون «سنوز» إضافي.