#ثقافة وفنون
ياسمين العطار اليوم
في قلب المسيرة الحضارية لدولة الإمارات، تتجلى القيم الإنسانية ركيزةً أساسيةً، انعكست - بوضوح - في السياسات والمبادرات، التي وضعت الإنسان في صدارة الأولويات، وسعت إلى تعزيز كرامته، وضمان سعادته، وحماية حقوقه. ومنذ تأسيسها، اختارت دولة الإمارات أن تجعل كرامة الإنسان، ومكانته، نقطة انطلاق لكل خططها وتشريعاتها، إدراكاً منها أن الاستثمار الحقيقي يبدأ من الإنسان، ويثمر به.
وفي هذا الإطار، حظيت المرأة، والفتيات، باهتمام خاص، ورعاية استثنائية. ترجمتها الدولة إلى قوانين ومبادرات، تُعزز حضورهن وحقوقهن في المجتمع. ومن هذا المنطلق، جاء إطلاق «البرنامج الوطني لتأهيل الكوادر الوطنية في مجال حقوق المرأة والفتيات»، كخطوة استراتيجية، تتجاوز حدود التدريب النظري، نحو تأسيس جيل نسائي واعٍ ومؤهل، من المختصات القادرات على حمل ملف حقوق المرأة بجدارة، وتمثيل صوت الدولة، بقيمها الإنسانية المتقدمة إقليمياً ودولياً؛ ليكنَّ سفيرات فاعلات في الدفاع عن حقوق المرأة، والفتيات.
نقلة نوعية في مسيرة التمكين
يُعد «البرنامج» إضافة نوعية في إطار الجهود الوطنية لتمكين المرأة، إذ يهدف إلى ترسيخ ثقافة حقوق المرأة، وبناء قاعدة مؤسسية ومعرفية، تدعم الكوادر العاملة في هذا المجال. كما يستهدف مؤسسات المجتمع المدني، والجهات المجتمعية المعنية، ويعكس التوجه المتكامل لدولة الإمارات في دعم المرأة، من خلال تشريعات ريادية، ومبادرات تنموية، وشراكات استراتيجية، محلياً ودولياً.
-
ببرنامج وطني.. الإمارات تقود تمكين المرأة برؤية حقوقية مستدامة
شراكات استراتيجية فاعلة
ينفذ «الاتحاد النسائي العام» هذا «البرنامج»، برعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، وبالشراكة مع اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، والمكتب الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتشكل هذه الشراكة نقطة التقاء بين الجهود الوطنية والدعم الدولي في مجال حقوق الإنسان، وتعكس التزام الإمارات العميق بتعزيز التفاعل مع المنظومة الأممية، وتطبيق الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، ومنهج عمل بيجين.
أهداف منهجية واضحة
يرتكز البرنامج الوطني لتأهيل الكوادر الوطنية في مجال حقوق المرأة والفتيات على ثلاثة أهداف رئيسية: أولاً: التمكين المعرفي لأكثر من 70 مشاركة من الكوادر الوطنية المعنية بهذا المجال، يتبعها إعداد 15 مدربة؛ لضمان استمرارية الأثر التدريبي. ثانياً: تطوير المهارات العملية للتفاعل مع آليات حقوق الإنسان، وتحليل السياسات والتشريعات، وإعداد التقارير الوطنية ذات الصلة. ثالثاً: تعزيز الدور المجتمعي للمشاركات في نشر ثقافة حقوق المرأة والفتيات، وبناء الوعي المجتمعي، إلى جانب المشاركة في المحافل الدولية بكفاءة مهنية ومعرفية.
مراحل تدريبية متكاملة
ينقسم «البرنامج» إلى مراحل عدة: الأولى: مدخل شامل إلى المفاهيم والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة والفتيات. الثانية: التفاعل العملي مع آليات الأمم المتحدة، بما في ذلك اتفاقية «سيداو»، والاستعراض الدوري الشامل. المرحلة الثالثة (بشقيها): تطوير المهارات الوطنية، وإعداد التقارير، واستخدام البيانات، وتحليل التشريعات. بالإضافة إلى دورة إعداد مدربات؛ لتأهيل كوادر وطنية قادرة على تنفيذ البرامج التدريبية. فضلاً عن ورشة عمل متقدمة؛ لتطوير خطة عمل خمسية في مجال المساواة بين الجنسين، بمشاركة قيادات المجتمع المدني.
انسجام مع التشريعات الوطنية والدولية
يعكس «البرنامج» التزام الدولة بدستورها وتشريعاتها الوطنية، التي تؤكد على المساواة وعدم التمييز، مثل: قانون مكافحة التمييز والكراهية، وقانون الحماية من العنف الأسري، والخطة الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن (1325)، بشأن المرأة والسلام والأمن. كما يؤكد توافقه مع المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ما يعزز مكانة دولة الإمارات نموذجاً عالمياً يُحتذى في الالتزام بالحقوق الإنسانية.
آليات رقابة ومتابعة لضمان الاستدامة
تم تشكيل لجنة إشرافية تضم ممثلين من الجهات المنظمة، تُعقد اجتماعاتها شهرياً؛ لمتابعة التنفيذ، ورصد التحديات، وتقديم التوصيات التطويرية؛ لضمان استدامة «البرنامج»، وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة، والأثر الإيجابي.
قيم إنسانية
يجسد هذا «البرنامج» رؤية دولة الإمارات، وجهودها المتواصلة، في بناء مجتمع متماسك، يضع المرأة في قلب التنمية، ويصنع الفرق بمعرفة تُنتجها الكوادر الوطنية، وإرادة تقودها القيم الإنسانية.