«مهرجان الشيخ زايد».. حكاية الاتحاد في ملامح التراث
#ثقافة وفنون
ياسمين العطار اليوم 13:00
في قلب منطقة الوثبة بأبوظبي.. ينبض «مهرجان الشيخ زايد 2025–2026» بالحياة، حيث تمتزج أصوات الفنون الشعبية الإماراتية بألوان الأجنحة التراثية، والعروض الثقافية المتنوعة، التي تروي سيرة الوطن، وتحتفي بثراء ماضيه، وتَقَدُّمِ حاضره. هنا، يتحول التراث إلى مشهد حي، يعكس القيم التي غرسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتجسد روح الأصالة، والاعتزاز بالهوية الوطنية، في احتفال يجمع بين عبق الماضي، وابتكار الحاضر.
ينطلق «المهرجان»، تحت شعار «حياكم»، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وبمتابعة وإشراف سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، ليستمر حتى 22 مارس 2026، في نسخة جديدة تجمع بين الأصالة والتجديد، وتكرس مكانته كأحد أبرز المهرجانات الثقافية والتراثية في المنطقة.
-
«مهرجان الشيخ زايد».. حكاية الاتحاد في ملامح التراث
رؤية الشيخ زايد
تقوم فكرة «المهرجان» على إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي آمن بأن الحفاظ على التراث حفاظ على كيان الأمة، وروحها. ويمثل «المهرجان» امتداداً لرؤيته في صَوْن الهوية الوطنية، وتعزيز الوحدة والتآلف، من خلال فعالية تجمع أبناء الإمارات، والمقيمين على أرضها، في مشهد يعكس تماسك المجتمع، وتنوعه الثقافي. وفي «القرية التراثية»، يعيش الزائر تجربة تفاعلية ثرية، يطلع - خلالها - على الحرف والصناعات التقليدية، والأسواق الشعبية. بينما تملأ الأجواءَ عروضُ العيالة والرزفة والفنون الشعبية، التي تجسد روح الانتماء والفرح؛ لتبقى رسالة «المهرجان» حية في ترسيخ الهوية الإماراتية، وتعزيز الارتباط بالماضي الأصيل.
تواصل الأجيال
يمثل «المهرجان» منصة حيوية؛ لنقل التراث بروح عصرية، حيث تُقَدَّم العروض والأنشطة التعليمية بأسلوب حديث، يجذب الأجيال الجديدة؛ فيتحول المكان إلى مدرسة مفتوحة للهوية الإماراتية، ولقيم: العمل والإبداع والتعاون، التي شكلت أساس الاتحاد. إن رموز التراث الإماراتي، كالخيول التي ترمز إلى الشجاعة، والصقور التي تعكس العزيمة، والنخيل الذي يجسد العطاء والثبات، والقهوة العربية التي تعبر عن الكرم والأصالة، تتجسد في «المهرجان»؛ فتربط الحاضر بالماضي، وتعزز الرسالة الوطنية في كل زاوية من أركانه.
تجربة متكاملة
وبحسب المنظِّمين.. تتضمن نسخة هذا العام أكثر من 4000 فعالية ثقافية، و750 فعالية جماهيرية كبرى، بمشاركة أكثر من 20 ألف عارض من داخل الدولة وخارجها، إلى جانب 22 دولة، تقدم - من خلال أجنحتها - معارض تعكس خصوصية حضارة كل دولة منها، وتعزز التبادل الثقافي بين الشعوب. ويشهد «المهرجان» تنظيم «مسيرة الاتحاد»، واحتفالات عيد الاتحاد الـ54، التي تتخللها عروض وطنية وشعبية وألعاب نارية وفعاليات فنية، تعبر عن الولاء والانتماء إلى الوطن، وقيادته الرشيدة. كما تضم المناطق الترفيهية، ومنها: «الوثبة بوليفارد، والقرية التراثية، ومحمية النوادر، ومدينة الألعاب وينترلاند»، تجارب متنوعة، تمنح الزوار وقتاً ممتعاً، وتعليماً تفاعلياً حول التراث. كما يوجد جناح «جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي»، الذي يُبْرُز دَوْر الزراعة المستدامة والابتكار في دعم الأمن الغذائي، مؤكداً أن التراث الإماراتي ليس ماضياً يُروى، بل حاضر يُبنى، ومستقبل يُصنع. ويشمل «المهرجان»، كذلك، برنامج «سكلز»، بالتعاون مع مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، وشبكة أبوظبي للإعلام؛ لدعم المواهب الوطنية في المجالات التقنية، والمهنية.
-
«مهرجان الشيخ زايد».. حكاية الاتحاد في ملامح التراث
المرأة الإماراتية.. والهوية
تتجسد روح الإمارات الأصيلة في قلب «مهرجان الشيخ زايد»، من خلال حضور المرأة الإماراتية، التي حملت على عاتقها مسؤولية الحفاظ على التراث الوطني. فالحِرَف اليدوية التقليدية، التي توارثتها الأجيال، ليست مجرد أدوات أو زينة، بل صفحات حية من تاريخ المجتمع وثقافته، تعكس مهارة وإبداع المرأة الإماراتية في تحويل أبسط المواد إلى أعمال فنية تنبض بالحياة. وفي هذا الإطار، شاركت «حاميات التراث»، من مركز الصناعات التراثية والحرفية، التابع للاتحاد النسائي العام في «المهرجان»، ليحاكي حضورهن الحرف التراثية، وأجواء الاحتفال، ويتيح للزوار فرصة الاطلاع على أصالة الحِرَف الإماراتية، وجمالها.
صبر.. وإبداع
تقول الوالدة شيخة عبيد: إن «مشاركتي في (مهرجان الشيخ زايد) تمنحني شعوراً بالفخر، حيث أنقل خبرة أكثر من 40 عاماً بحرفة (سفّ الخوص) إلى الأجيال الجديدة. فكل جدلة، أو سلة، أو حصيرة، نصنعها تحكي قصة الأجداد، وتجعل التراث حياً في حاضرنا، كما أنها تعكس صبر المرأة الإماراتية، وإبداعها في تحويل أبسط المواد إلى أدوات عملية، وجمالية، في الوقت نفسه».
فن.. وإتقان
الوالدة شيخة المنصوري، تقول: «بالانخراط في (المهرجان)؛ أشعر بأنني أساهم في إبراز جمال الحِرَف التراثية الإماراتية على أوسع نطاق. فحرفة (البادلة)، التي أتقنها منذ 39 عاماً، تسمح لي بدمج الفن مع الإبداع في تطريز الأثواب والأقمشة؛ لتظل قصص أمهاتنا، وجَداتنا، حاضرة أمام الأجيال الجديدة؛ لتغرس فيهم الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية».
-
«مهرجان الشيخ زايد».. حكاية الاتحاد في ملامح التراث
رسالة وطنية
تؤكد الوالدة كلثم خادم المنصوري: «التراث - بالنسبة لي - رسالة ومسؤولية وطنية، ومشاركتي في (مهرجان الشيخ زايد) فرصة لنقل خبرتي، التي امتدت إلى 26 عاماً في حرفة (سبوق الطير)، وتعريف الزوار بتاريخ الصقارة الإماراتية، وجماليات هذه الحرفة التي تربط الماضي بالحاضر. إن رؤية الأجيال الصغيرة تتعلم وتستكشف الحرف التقليدية، تمنحني شعوراً بالإنجاز والاعتزاز؛ لأنها تضمن استمرار الهوية الإماراتية للأجيال القادمة».
«الاتحاد».. ذاكرة متجددة
كلَّ عام، يُعيد «مهرجان الشيخ زايد» إلى الأذهان أن «الاتحاد» ليس حدثاً تاريخياً فحسب، بل مسيرةٌ مستمرةٌ، تستمد قوتها من القيم، التي غرسها القائد المؤسس، الشيخ زايد، طيب الله ثراه. ومن خلال هذا «المهرجان»، الذي يجمع الناس على حب الوطن.