د. سعاد محمد المرزوقي 22 يناير 2019
الجميع يرددون كلمة السعادة، ومع بداية العام الجديد الكل يتمنون أن يكون عاماً سعيداً مليئاً بالمفاجآت الجميلة، ومع بداية الفصل الدراسي الجديد الكل يزفّون الأمنيات بفصل دراسي سعيد، والآباء يرددون عبارة أنا أعمل وأجتهد لأوفر كل ما يحتاج إليه أبنائي ليكونوا سُعداء. وهكذا نجد الكلمة في كل حوار وفي الكثير من المؤسسات التي أصبح لها غرف وإدارات ومهام وظيفية، تسعى من خلالها إلى إسعاد الموظفين والمتعاملين، ولا نزال عندما نوجّه السؤال إلى أحدهم: هل أنت سعيد، وهل تعرف المعنى الحقيقي للسعادة؟ فكلٌّ يُجيب حسب معرفته الشخصية وشعوره وثقافته ومفهومه الخاص عن السعادة، لذا نجد هناك من يعيش في ظروف وإمكانات قد تكون من وجهة نظر أحدهم بعض مقومات السعادة، ولكن هذا الشخص قد تكون له نظرة مختلفة لأن معاييره مختلفة.
حالة نفسية
بعض علماء النفس وبعض الفلاسفة، يُعرّفون السعادة على أنها حالة نفسية تنتج عن إشباع الرغبات الإنسانية كمّاً وكيْفاً، أن تعيش التوازن النفسي بين عقلك ومشاعرك وبين الداخل والمحيط، وهذا لا يعني أنك خالٍ من المشاكل أو الصعوبات، ولكنك بكل تأكيد لديك القدرة على مواجهة الصعاب كلها، حيث لديك الرغبة في معالجة المشاكل كافة بشكل مضاعف لتصل إلى الاتزان النفسي الذي يُشعرك بالسعادة. ويؤكد علماء النفس أن أي شخص قادر على تحقيق السعادة وبنسب متفاوته، بشرط أن يغير من طريقة تفكيره ومواقفه تجاه المواقف المختلفة، حتى يستطيع الوصول إلى مشاعر السعادة.
خطوات
يمكن للإنسان أن يصل إلى السعادة بخمس خطوات بسيطة وسهلة وغير مُعقدة. الأولى: «أن يكون ممتنّاً»: من خلال التفكير في وجوده، وليشكر ربّه على أنه موجود في الحياة، ويركز على ما لديه من أشياء قد يتمناها غيره وليس العكس، فالإنسان دائماً يرى ما لدى الآخرين ويبدأ بتحقيق ذلك، لذا فهو يشقى، وما نلاحظه مؤخراً هو التقليد والتفكير النمطي كما المجموعة. الثانية: «يتحمل المسؤولية عن سعادته»: في مجتمعنا العربي بشكل عام نتميز بثقافة (اللوم)، فمعظم الأشخاص يُرجعون تعاستهم وشقاءهم إلى الآخرين، كالأحداث المحيطة، والأشخاص الذين نتعايش معهم وغيرهما من الأسباب التي لا نستطيع التحكم فيها. لذا، يُمكن للشخص أن يتحكم في ردود أفعاله تجاه تلك الأحداث على سبيل المثال. الثالثة: «يكون جاداً في السعادة»: فالسعادة هي الهدف الأسمَى للحياة، فالسعيد ليس من يعيش بشكل جيد ومتّزن، بل هو الذي يشعر بالرفاهية ويسعى إلى تحقيق المزيد. الرابعة «يوازن بين الأنواع المتعددة من السعادة»: فالسعادة لا تقتصر على نوع واحد، فهناك سعادة الوصول إلى الرضا حين يُنجز شيئاً معيناً، وعندما يواجه بعض الصعوبات، وعندما يتعلم موهبة أو مهارة جديدة، وعندما يستمتع بتناول طبق معيّن، كل ذلك أنواع من السعادة وعليه ألا يضع نفسه في البحث عن نوع معين فقط. الخامسة «لا يبالغ في الوصول إلى السعادة الغامرة»: فمن ينشد السعادة الفائقة أو الشديدة إنسان مزاجي، فقد يرتفع مزاجه عالياً أو ينخفض حسب نظرته للسعادة المكتسبة، وغالباً ما يؤدي ذلك إلى المعاناة من الضغط النفسي، أما الآخرون فهم يتميزون بالرضا، وبالتالي فوصولهم للسعادة أسهل وأجْدَى.
استشارة
• ابني، عمره 19 سنة، تغيّر منذ سنة تغيراً كاملاً، أصبح عنيداً ولا يطيع الأوامر. أشعر أحياناً بأنه مُتبلّد المشاعر، كما أهمل دراسته وهندامه، وبدأ يتحدث عن أمور غريبة وغير واقعية، كالكائنات الفضائية وبعض التجارب العلمية التي قام بها معهم. ومعظم الأوقات يبقى وحيداً في غرفته بعد أن انعزل عن أصدقائه، ولكننا نسمعه وكأنه يتحدث إلى أحدهم، أخذناه إلى المستشفى وصرف له طبيب الأسرة بعض الأدوية، ولكن حالته بدأت تسوء أكثر، وأنا كأم قلقة جداً. ما الحل؟
- من الواضح أنه يعاني أعراضاً ذهانيّة، وهذه الأعراض قد تكون لأسباب مختلفة، وقد تكون أعراضاً لأحد الاضطرابات النفسية، لا أستطيع أن أشخّص الاضطراب بالاعتماد على ما ذكرت، ولكن عليك الذهاب إلى العيادة النفسية لمقابلة الطبيب النفسي والأخصائي النفسي، للقيام ببعض الفحوص السريرية والنفسية، ولا تتأخري، لأنه يحتاج إلى أدوية معيّنة لتتوقف هذه الأعراض.