لاما عزت 7 مارس 2012
بتلك البشرة السمراء و الملامح الواثقة تحدّثت سناء (34 عاماً) عن حكايتها مع الطلاق قبل ثلاثة عشر عاماً. تلك الحكاية التي جعلتها أسيرة التخفّي في محيط عملها خوفاً من نظرات الرجال التي لا ترحم، و التي تظنّ المطلّقة لقمة سائغة سواءً في التجريح بها و معايرتها أو في افتراض أنّها في وضع بائس قد يدفعها لقبول إقامة علاقات عابرة مع الرجال.
كانت سناء قد تعرّفت على طليقها و هي في الواحدة و العشرين من عمرها، و قد قبلت الارتباط به بعد عام أو أقلّ . تعترف سناء بأنّ نظرتها في ذلك الوقت كانت "ماديّة بحتة " على الرغم من رخاء وضع أسرتها المعيشيّ، و هو ما جعلها تركّز على "أهليّة الزوج للصرف ببذخ كما تعوّدت عند أهلها".
و قد التقته في إحدى المناسبات الإجتماعيّة، ليملك من الذكاء ما يجعله يرصد نقطة ضعفها و هي "المادّة"، فيرتكز عليها في "إظهار ذاته بصورة المليونير في المظهر و السيّارة و الشقّة التي استأجرها ".
و تضيف سناء " ظهر بأنّ كلّ ذلك ما هو إلاّ نتيجة ديون هائلة و عمليّات نصب و احتيال انتهت بطرق الباب يوميّاً من قِبل العشرات الذين يطالبون بسداد ديونهم أو استدعاء الشرطة ".
و لم تكن سناء قد تركت مجالاً قبل الزواج لأحد من أقاربها للسؤال عن خلفيّة هذا العريس بسبب "الحب الذي أعماها عن كلّ شيء".
و قد اضطرّت سناء لطلب الطلاق الذي كابدت لأجله المرّ خوفاً على ابنتها التي كانت حاملاً بها و التي لم ترَ والدها سوى مرّات معدودة كلّ ثلاث أو أربع سنوات مرّة لا تتجاوز البضع ساعات.
و قد كانت سناء تحمل في حينها دبلوم من إحدى الكليّات الإنسانيّة ، إلاّ أنّها صمّمّت عقب طلاقها على إكمال دراستها فحصلت على البكالوريس في إدارة الأعمال من إحدى الجامعات المعتمدة ، كما تشغل حاليّاً منصباً إداريّاً مرموقاً في أحد فروع شركة عالميّة في الأردن .
و تضيف سناء بأنّ معاناتها الحقيقيّة هي في نظرة المجتمع للمطلّقة ، فهي بنظره "متّهمة في سوء اختيارها و إخفاقها في احتمال زوجها السيّء " ، كما أنّ "سلوكيّاتها تقبع تحت مجهر العامّة و تُؤخذ على محمل العُقد و الكبت الذي يظنّه الآخرون ".
و هو ما حدا بسناء إلى إخفاء حقيقة طلاقها في بيئة عملها خوفاً من نظرة معظم الرجال و كذلك النساء على حدّ سواء، كما تقول، و هو ما تبرهنه في قطع كثير من الصديقات علاقتهنّ معها خوفاً على أزواجهنّ منها .
و في إحصائيّة نشرتها مجلّة (المصوّر) المصريّة تبيّن أنّ أعلى نسبة طلاق في المجتمعات العربيّة هي في مصر تليها في المرتبة الثانية الأردن ثمّ السعوديّة فالإمارات و الكويت ثمّ البحرين و قطر و المغرب .
و قد أشارت هذه الإحصائيّة أنّ حالة طلاق تقع كلّ ستّ دقائق ، لأسباب عدّة 42 في المائة منها بسبب ضيق ذات يد الرجل، و25 في المائة بسبب تدخل الأهل، و12 في المائة للسلوك السيء لأحد الزوجين، بينما 6.5 في المائة بسبب تحريض أهل الزوج و5.3 في المائة لتحريض أهل الزوجة .
و تنادي الكثير من منظّمات حقوق المرأة بضرورة العمل بجديّة على تغيير نظرة المجتمع حيال النساء المطلّقات، عبر إفهام العامّة بشتّى الوسائل الإعلاميّة و التعليميّة و التثقيفيّة أنّ الزواج هو تجربة قد تحتمل النجاح أو الفشل. و عبر إمدادهم بإحصائيّات تؤكّد أنّ المرأة هي الضحيّة في معظم الحالات و ليست هي السبب كما يتراءى للمعظم . كما تعمل هذه المنظّمات على إعادة التأهيل النفسي و الإجتماعي للمطلّقة عبر دمجها في المجتمع من جديد و إشعارها بأنّ الطلاق ليس نهاية العالم. كما توجيهها لمزيد من العلم و إشغال الوقت بالعمل و النشاطات المثمرة بعيداً عن هاجس الانتقام من الطليق أو جلد الذات بسبب سوء الاختيار أو الرضوخ لضغوطات الأهل في قبول الارتباط من أيّ رجل يتقدّم لها مجدّدّاً .