#تحقيقات وحوارات
ياسمين العطار الجمعة 1 ديسمبر 2023 13:45
قدمت سارة المزروعي نموذجاً ملهماً للمرأة الإماراتية، التي تستحق الاحتفاء بإنجازاتها الرائدة في ذكرى عيد الاتحاد الـ52 لدولة الإمارات العربية المتحدة، بعدما لمع اسمها في سجل الأوائل، كأول كابتن قطارات إماراتية؛ لترسخ بصمتها في صناعة السكك الحديدية بالدولة، منذ انضمامها إلى فريق شركة الاتحاد للقطارات. وفي حديثها إلى «زهرة الخليج»، أعربت عن اعتزازها كإماراتية بدورها كمساهم في جهود التنمية المستدامة، مؤكدة حرصها على رد الجميل إلى الوطن بالعمل على تدريب الكوادر الإماراتية الجديدة، وإلهامها، وإعداد قادة الغد في قطاع السكك الحديدية.
وأشادت المزروعي بما وصلت إليه المرأة الإماراتية من مكانة رائدة في جميع القطاعات، مشيرة إلى أن نساء وفتيات الإمارات يمتلكن حظوظاً وافرة، لتحقيق النجاح والتفوق عالمياً. كما حدثتنا سارة المزروعي، في هذا الحوار، على هامش جلسة تصوير خاصة، في مركز الفاية الرئيسي للتشغيل والصيانة التابع لشركة الاتحاد للقطارات، عن سبب اختيارها مهنة كابتن قطار، وعن شعورها عند قيادة القطار لأول مرة، والمؤهلات الخاصة التي تحتاج إليها المهنة، خاصةً بالنسبة إلى العنصر النسائي، وكذلك أبرز التحديات التي واجهتها خلال مسيرة عملها.. وتالياً نص الحوار:
ما الذي جذبك إلى مهنة كابتن قطارات؟ بطبيعتي أحب مواجهة التحديات، وتحقيق التميز الشخصي في حياتي. عندما رأيت «قطار الاتحاد» يسير في المرفأ بمنطقة الظفرة، أصابني الفضول؛ لمعرفة المزيد عن هذا القطار وعملياته، والمواد التي ينقلها ومصادرها ووجهاتها. في الوقت نفسه، قام وفد من الشركة بزيارتنا في المدرسة، وقدم شرحاً مفصلاً عن الأهداف الاستراتيجية للشركة، وتحديداً الجانب المتعلق بتطوير قطاع النقل والبنية التحتية في الدولة. من هنا، بدأت الرحلة؛ لقد شعرت برغبة شديدة في أن أكون جزءاً من هذا المشروع الوطني الحيوي، خاصة أن قطاع السكك الحديدية يعتبر من القطاعات الجديدة في الدولة. كما قدم الوفد عرضاً عن دبلوم السكك الحديدية، ولم أتردد في الالتحاق به؛ لأكون أول كابتن قطارات إماراتية، وبدأ شغفي يزداد يوماً بعد يوم. ومع أنني أعتبر عملي، كأول كابتن قطارات إماراتية، مصدر فخر واعتزاز لكل مواطن، يريد أن يساهم في تطور مجال السكك الحديدية، إلا أن حلمي لن يتوقف هنا، إذ أتطلع إلى تقديم المزيد من الإسهامات، لخدمة الوطن، ومواصلة دعم الشركة، والسعي الجاد لتبادل الخبرات التي أكتسبها يومياً مع فتيات وشباب الإمارات، الذين يتطلعون إلى العمل في هذا القطاع.
ميادين جديدة
كيف كانت بدايتك مع تعلم قيادة القطارات؟ كنت أتطلع، دائماً، إلى التميز، والسعي إلى العمل في ميادين جديدة كطريقة لتحقيق التفوق، ما دفعني لأن أكون جزءاً من هذه الشركة الوطنية الحيوية والاستراتيجية؛ للمساهمة في تحقيق أهداف القيادة الرشيدة. وكانت خطوتي الأولى عندما التحقت بأول دبلوم للسكك الحديدية في دولة الإمارات، الذي أطلقته شركة الاتحاد للقطارات، بالتعاون مع معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني، عام 2017، بهدف إعداد كوادر وطنية مؤهلة وقادرة على قيادة مستقبل السكك الحديدية الوطنية، وقطاع النقل بالقطارات والسكك الحديدية.
لقد أمضيت عامين من التدريب النظري، وعاماً آخر من التدريب الميداني والعملي، ثم التحقت بالعمل في الشركة فور تخرجي في الدبلوم. ووفرت الشركة لجميع طلاب الدبلوم، طوال فترة الدراسة، السبل كافة التي مكّنتنا من اكتساب المعرفة، والخبرة العملية، اللازمة لتأدية عملنا على أكمل وجه، حيث أشرف على تدريسنا وتدريبنا أفضل الخبراء العالميين بمجال السكك الحديدية. وكجزء من تبادل المعرفة والخبرات، وفرت لنا الشركة عدداً من تجارب السفر إلى العديد من الدول، التي تتميز بتشغيل شبكات سكك حديدية من الأفضل عالمياً، وكان الهدف من تلك الرحلات الاطلاع على أفضل المعايير العالمية في تطوير وتشغيل السكك الحديدية.
كيف تطورت خبراتك في مراحلها المختلفة؟ إن أهم ما يميّز العمل في شركة الاتحاد للقطارات، هو وجود بيئة عمل جاذبة ومُمكّنة، بفضل التوجيهات والمتابعة الشخصية من سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة الشركة. ويظهر ذلك من خلال حرصها على توفير التدريب والتأهيل للكوادر الوطنية من شباب وشابات الإمارات. وتعمل الشركة، أيضاً، على تعزيز المهارات والخبرات من خلال ورش العمل، التي يشرف عليها الخبراء المختصون بمختلف العمليات. واكتشفت أن خبرتي تتعزز وتتراكم كل يوم من خلال العمل الميداني، وتبادل الخبرات مع الزملاء في فريق العمل. ومع كل رحلة قطار أقودها، أكتسب المزيد من الخبرة والمعرفة، ويتطلب الأمر منا جميعاً مواكبة التحديثات المتلاحقة، التي تطرأ على التقنيات المتعلقة بهذا القطاع. ويمكننا تحقيق ذلك من خلال ورش العمل التي تنظمها الشركة باستمرار، وتبادل الخبرات مع الشركات العاملة في هذا المجال.
هل تحتاج قيادة القطارات إلى مؤهلات معينة، خاصةً للعنصر النسائي، وما أبرز التحديات التي واجهتك، وكيف تعاملتِ معها؟ التحديات موجودة في أي مهنة بالعالم، وهنا يأتي دورنا لتحويلها إلى فرص وإنجازات. وبالنسبة لتعلم قيادة القطارات، كان التحدي الأكبر هو امتلاك المعرفة عن قطاع السكك الحديدية بشكل عام، وقطارات البضائع بشكل خاص، بالإضافة إلى الشعور بالمسؤولية أثناء قيادة القطار، ووصول البضائع إلى المحطات بسلامة وأمان، وبحسب الجداول الزمنية المعتمدة. هنا، أدركت أنني أمام خيار واحد، هو تحقيق النجاح الذي ينتظره الكثيرون مني كأول كابتن قطارات إماراتية، وانعكاس ذلك على صورة بنت الإمارات التي تطمح إلى إثبات ذاتها في هذا المجال. وجاء دور العزيمة والإصرار لتحويل التحدي الماثل أمامي إلى فرصة حقيقية، وتسجيل إنجاز وطني غير مسبوق. وحتى بعد الدخول إلى التدريب النظري والعملي، ظهرت تحديات من نوع جديد، هي السعي المتواصل إلى اكتساب المعرفة بالسكك الحديدية، والوقوف على كل ما هو جديد على مستوى العالم. واستطعت تجاوز جميع هذه الصعوبات، حيث حرصت شركة الاتحاد للقطارات على توفير بيئة مناسبة لتدريب وتأهيل كوادرها، وتحفيزهم وإلهامهم، بالاعتماد على الكثير من السياسات والإجراءات والحوافز. وإلى جانب امتلاك الشخص المؤهلات الأساسية، التي تساعده على بناء المعرفة والخبرات، أعتقد أن الشغف هو الذي يدفعه إلى التعلم المستمر، لمواصلة تطوير الذات، وإثبات جدارته في التوافق مع تطلعات الشركة، وطموحاتها. إن العمل في «الاتحاد للقطارات» فرصة ثمينة لاكتساب الخبرات المتنوعة؛ لتجاوز التحديات، وتحمل المسؤوليات، والإيمان بعدم وجود المستحيل، تماشياً مع الرؤى والاستراتيجيات الوطنية، التي تهدف إلى الوصول بالإمارات إلى طليعة دول العالم في المجالات كافة، مع حلول مئويتها الأولى عام 2071.
دعم.. ومساندة
ماذا كان رد فعل الأهل حيال انضمامك إلى هذا المجال؟ لقد قدمت لي عائلتي دعماً كبيراً منذ اللحظة الأولى لهذا القرار، مستلهمين هذا الموقف من تشجيع القيادة الرشيدة، وتوفيرها الفرص لشابات وشباب الإمارات على حدٍّ سواء، فضلاً عن المبادرات التي تطلقها لتمكين المرأة، وحثّها على الإسهام في تطور الدولة، بجانب الرجل. ويمكن القول، بكل تأكيد، بأنني لم أكن قادرة على تحقيق ما وصلت إليه اليوم من إنجازات لولا مساندتهم لي، وتعزيز إرادتي. ومع ذلك، أنصح كل فتاة إماراتية بالعمل والسعي الجاد؛ لتحقيق حلمها من خلال خوض سباق التعلم، وكسب المعرفة، والثقة بقدرتها على تحقيق النجاح، الذي تتطلع إليه، لاسيما أننا نحظى بالدعم على المستويات كافة، بدءاً من الأسرة، إضافة إلى النظم الحكومية، والتوجيهات والدعم على المستويات كافة.
صفي لنا شعورك عند قيادتك القطار للمرة الأولى، وما أبرز اللحظات العالقة بذاكرتك خلالها؟ عندما قمت بأول رحلة، شعرت بأن حلمي أصبح حقيقة، لكنني في الوقت نفسه أدركت حجم المسؤولية، التي أتحملها كأول كابتن قطارات إماراتية؛ لتقديم نموذج مشرق لفتيات الإمارات، ومصدر إلهام للراغبات في الالتحاق بالعمل بشركة الاتحاد للقطارات. وكان ذلك دافعاً لي لمواصلة النجاح، وإثبات قدراتي كي أكون جديرة بهذا اللقب. أما اللحظة التي لن أنساها، فهي رحلتي الأولى التي كنت فيها مسؤولة بالكامل عن المهام كافة المطلوبة من كابتن القطار. وجاء ذلك بعد مدة زمنية كافية من التدريبات العملية المكثفة، التي أثبتت جدارتي وقدرتي على مواجهة التحديات كافة، إلى أن تم اعتمادي للقيام بمهمة بهذا الحجم.
ما الخبرات التي اكتسبتها، خلال عملك كقائدة قطار؟ تعلمنا من هذه المهنة الصبر، والقدرة على التحمل، والحرص على إظهار أفضل مستويات الأداء؛ لنسهم في تحقيق الأهداف الوطنية التي وضعتها «الاتحاد للقطارات» منذ انطلاقتها، إضافة إلى الخبرات العملية، التي نكتسبها كل يوم. إن الخبرة بهذا المجال لا تُقدّر بثمن، ويفترض بنا - ككوادر وطنية - توظيفها بطريقة مميزة، ليس للارتقاء بقدراتنا فقط، وإنما لرفع مستويات الأداء في الشركة، وتسخيرها لتدريب وتأهيل الأجيال القادمة، التي ستمسك بزمام المسؤوليات التشغيلية في المستقبل.
الوقت ثمين
متى يبدأ يومك.. وكيف تقضينه؟ الوقت ثمين جداً عند العمل بشركة بهذا الحجم، تتولى مهام ومسؤوليات كبيرة، وتأخذ على عاتقها توفير خدمات متميزة لمختلف فئات عملائها، شركات وأفراداً. تنطلق أعمالنا اليومية من خطط وبرامج يتم التقيّد بها بحزم تام، فلا مجال للتأخر في أداء أي عنصر من عناصر الخطة، حتى نضمن تسيير الرحلات بأمان، بدءاً من انطلاقها حتى توقيت وصولها إلى وجهاتها النهائية في مواعيد محددة. وندرك، تماماً، أهمية هذا الجانب لسمعة الشركة ومصداقيتها، كما أنه ينعكس بالإيجاب على علاقاتنا مع شركائنا لخدمتهم وفق أفضل المعايير العالمية.
كيف توازنين بين حياتك العملية والشخصية؟ تمكنت من تحقيق التوازن بين حياتي العملية والشخصية والاجتماعية، بفضل نظام العمل المرن في «الاتحاد للقطارات»، الذي يدعم بشكل كبير المرأة العاملة، لاسيما أنّ جودة إدارة الوقت، وترتيب الأولويات، يلعبان دوراً كبيراً في تحقيق هذا التوازن، يضاف إلى ذلك الدعم الكامل من جميع أفراد الأسرة، وفهمهم المهمة التي أقوم بها. إنني أشعر بالاعتزاز لإسهامي في نجاح هذا المشروع الوطني الاستراتيجي والحيوي، الذي يؤدي دوراً محورياً في تطوير منظومة النقل، ودعم التنمية المستدامة في الدولة التي أفخر بانتمائي إليها، لرد الجميل إلى وطننا الغالي. ومن خلال ذلك، نجحت في إظهار قدرتي على الإسهام في تطور وازدهار وطني، بفضل الدعم الكبير من شركة «الاتحاد للقطارات»، ونهج سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة الشركة، لتحقيق التميز، وإحداث أثر إيجابي على المجتمع.
حضور قوي
كيف ترين ما وصلت إليه المرأة الإماراتية في قطاع السكك الحديدية بدولة الإمارات؟ أثبتت المرأة الإماراتية جدارتها بهذا المجال، وهذا ليس غريباً على بنت الإمارات التي تمتلك، الآن، خبرات وزارية وبرلمانية وأكاديمية، وغيرها الكثير من المجالات، بما في ذلك دورها في القطاع الخاص، وإسهاماتها المتميزة التي جعلت منها نموذجاً يحتذى على مستوى العالم. وفي إطار حرص «الاتحاد للقطارات»، والتزامها بتوجيهات القيادة الرشيدة، الرامية إلى تعزيز مشاركة المرأة الإماراتية، وتمكينها في مختلف القطاعات؛ لترسيخ مساهمتها في مسيرة الدولة نحو الخمسين عاماً المقبلة.. تحرص «الشركة» على تقديم الدعم لها، من خلال توفير بيئة عمل مبتكرة لتطوير مهاراتها؛ لتصبح من الخبراء الرائدين بهذا القطاع الحيوي في الدولة والمنطقة. ومنذ الأيام الأولى لبناء شبكة السكك الحديدية الوطنية، كان للمرأة الإماراتية دور بارز في جميع مراحل تطور مشروع «قطار الاتحاد»، وكانت شريكة في تأسيس صناعة السكك الحديدية في الدولة، وتدشين الشبكة بالكامل، وإطلاق العمليات التشغيلية لقطار البضائع في جميع أنحاء الدولة. اليوم، أصبح لبنت الإمارات حضور قوي في «الاتحاد للقطارات»، إذ إنها تشغل العديد من المناصب المهمة، أبرزها: كابتن قطار، ومراقب عام في غرفة العمليات، ومدير إدارة الاستراتيجية والأداء، ومدير إدارة الهندسة، ومدير إدارة السياسات العامة والاستدامة، ورئيس قسم الامتثال والعلاقات الدولية، ومخطط شؤون الإنتاج، ومهندس مركز التحكم في العمليات، ومخطط صيانة الأصول، وأخصائي إدارة عقود، وغيرها الكثير.
ما نصيحتك للمرأة الإماراتية؟ حظيت المرأة الإماراتية باهتمام كبير من قيادتنا الرشيدة، وتمكنت من التفوق والريادة؛ بفضل إيمان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بأهمية دور المرأة في مسيرة التنمية المستدامة للدولة، إذ تم فتح أبواب العلم والعمل أمام بنات الإمارات منذ الأيام الأولى لتأسيس الاتحاد. ويواصل المسيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتعتبر سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، الداعم الأول ومصدر الإلهام لجميع الفتيات والنساء في الدولة. ومن هذا المنطلق على كل امرأة وفتاة إماراتية أن تواصل سعيها نحو التميز، والمساهمة في تسجيل ريادة الدولة بجميع المجالات والقطاعات.
أخيراً.. ماذا تقولين بمناسبة عيد الاتحاد؟ بمناسبة عيد الاتحاد الـ52 لدولة الإمارات العربية المتحدة، أتشرف برفع أسمى آيات التهنئة والتبريكات إلى قيادتنا الرشيدة، وإلى مواطني الدولة، والمقيمين على أرضها. ويسرني، في هذه المناسبة، أن أتقدم بالشكر إلى قيادتنا على الدعم اللامحدود، الذي تقدمه إلى المرأة الإماراتية، والحرص على تمكينها، كما أعرب عن خالص امتناني لسمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد للقطارات، على دعم سموه المستمر، فبفضل مساندة سموه الدائمة، والتوجيهات السديدة لبلوغ أعلى مراتب الريادة، أعتز اليوم بعملي في واحد من أكثر القطاعات حيويةً.
إنني أفتخر بدعم مسيرة هذه الشركة المسؤولة عن تشغيل وإدارة شبكة السكك الحديدية الوطنية، باعتبارها أحد أهم المشاريع الحيوية والاستراتيجية، التي تدعم مختلف القطاعات الاقتصادية، وفي مقدمتها قطاع النقل، وتسهم في تحقيق مستهدفات رؤية «مئوية الإمارات 2071».