#صحة
زهرة الخليج - الأردن 27 يناير 2025
شهدت السنوات الأخيرة ظهور العديد من الآثار المتعلقة بالعصر الرقمي، وقد تجلى تأثير هذا العصر على الأطفال بشكل أكبر، ويكمن التحدي في بروز مشكلة جديدة للأمهات، ومقدمي الرعاية في جميع أنحاء العالم، وهو تأثير الوقت الطويل الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات.
وهذه الظاهرة، التي يشار إليها غالباً باسم «التوحد الافتراضي»، تلفت الانتباه بسبب أعراضها الشبيهة بالتوحد لدى الأطفال المنغمسين بعمق في العالم الافتراضي للألعاب، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتمرير اللامتناهي للشاشات. لكن ما «التوحد الافتراضي» بالضبط.. ولماذا أصبح موضع قلقٍ متزايدٍ؟
-
ما ظاهرة «التوحد الافتراضي» بين أطفال العصر الإلكتروني؟
مع ترسيخ التكنولوجيا في حياتنا اليومية، يستمر الخط الفاصل بين الافتراضي والواقعي في التلاشي، ويتعرض الأطفال، على وجه الخصوص، أكثر من أي وقت مضى للشاشات.
فمن الأدوات التعليمية إلى جليسات الأطفال الرقمية، يتجلى «التوحد الافتراضي» عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاث سنوات، ويقضون فترات طويلة أمام الشاشات، ويفظهرون أعراضاً مماثلة لتلك المرتبطة بـ«اضطراب طيف التوحد».
وقد تراوح هذه الأعراض بين صعوبات في التواصل والتفاعلات الاجتماعية، والسلوكيات المتكررة والحساسيات الحسية، وكلها تتفاقم بسبب البيئة الرقمية، التي تجذب انتباههم.
ما «التوحد الافتراضي»؟
إنها حالة تُلاحظ لدى الأطفال الصغار، الذين يُظهرون أعراضاً تشبه أعراض «التوحد»، بعد قضاء وقت مفرط في التعامل مع الشاشات، فلا يتعلق الأمر برسوم متحركة عرضية، أو جلسة تطبيق تعليمي، بل يتعلق بوقت شاشة مطول وغير خاضع للإشراف غالباً، يحل محل اللعب البدني، والاستكشاف، والتفاعلات، وجهاً لوجه.
وتحاكي الأعراض أعراض التوحد الكلاسيكي، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر:
- تأخر تطور الكلام واللغة.
- التفاعلات الاجتماعية المحدودة.
- السلوكيات المتكررة والاهتمامات المقيدة، خاصة في الألعاب، والأنشطة الرقمية.
- الحساسية الحسية، خاصة تجاه المحفزات في العالم الحقيقي.
ويتلخص جوهر الأمر في السبب، وهو قضاء الوقت المفرط أمام الشاشة، على عكس التوحد الكلاسيكي، الذي يُفهم أنه يحتوي على عوامل وراثية وبيئية مختلفة، فإن «التوحد الافتراضي» مرتبط - بشكل مباشر - بتأثير البيئة الرقمية على دماغ الطفل النامي.
-
ما ظاهرة «التوحد الافتراضي» بين أطفال العصر الإلكتروني؟
الفرق بين «التوحد الافتراضي».. و«الكلاسيكي»:
في حين أن «التوحد الافتراضي»، و«الكلاسيكي»، يشتركان في أعراض متشابهة، فإن التمييز بينهما أمر بالغ الأهمية لفهمهما والتدخل، فـ«التوحد الكلاسيكي»، أو اضطراب طيف التوحد (ASD)، هو إعاقة في النمو، تظهر أعراضها عادةً في مرحلة الطفولة المبكرة، إذ إنه يؤثر في التواصل والسلوك والتفاعل الاجتماعي في طيف من الشدة.
لكن لا يتم التعرف على «التوحد الافتراضي» كحالة طبية مميزة، بل كمجموعة من الأعراض الناتجة عن التعرض المفرط للشاشة، حيث يكمن الاختلاف الأساسي في السبب، وبالتالي في استراتيجيات التدخل، في حين تركز تدخلات اضطراب طيف التوحد على العلاج والدعم المصمم خصيصاً لاحتياجات الطفل الفريدة في الطيف.
وإدارة «التوحد الافتراضي» تتطلب تنظيم وقت الشاشة، وزيادة التفاعلات في العالم الحقيقي، والتجارب الحسية.
كيفية تحديد علامات «التوحد الافتراضي»:
يتجلى «التوحد الافتراضي»، من خلال علامات مختلفة، أبرزها:
الحرمان الحسي:
يُظهر الأطفال استجابة ضعيفة للمدخلات الحسية من العالم الحقيقي، ويتجلى هذا في شكل رد فعل غير كافٍ للألم أو درجة الحرارة أو اللامبالاة بالأنشطة البدنية، التي كانوا يستمتعون بها ذات يوم.
تأخر نمو اللغة:
التأخر الملحوظ في مهارات الكلام واللغة هو علامة حمراء، ويشمل ذلك: مفردات محدودة، أو صعوبات في ربط الجمل معاً، أو عدم اهتمام عام بالانخراط في التواصل اللفظي.
ضعف التفاعل الاجتماعي:
إذا أصبح طفلكِ منعزلاً بشكل متزايد، مفضلاً صحبة الشاشات على رفقة البشر، فهذه علامة تستحق الملاحظة، ويتجلى هذا، أيضاً، في شكل نقص بالتواصل البصري، أو صعوبة في قراءة الإشارات الاجتماعية، أو عدم الاهتمام بالمشاركة في الأنشطة الجماعية.
التغيرات السلوكية:
احترسي من علامات الانفعال أو تقلبات المزاج، خاصةً عندما يكون وقت الشاشة مقيداً، أو عندما يتم تشجيعهم على المشاركة في أنشطة غير الشاشة.