#علاجات تجميلية
تغريد محمود اليوم
لم تعد حماية البشرة من أشعة الشمس تقتصر على طبقة من الكريم الأبيض السميك، نوزعها - بتردد - قبل الخروج من المنزل. ففي زمن يتغذى فيه الجمال على العلم، تبدل مفهوم الحماية، وبات الحديث اليوم عن ابتكارات ذكية تتفاعل مع «ميكروبيوم» البشرة، وتحافظ على البيئة، لاسيما الشعاب المرجانية، وتركيبات تعتمد المرشحات المعدنية بجزيئات نانوية. إنها ثورة تقودها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ويعززها الوعي الصحي والاهتمام المتزايد بجمالٍ آمن مستدام.
«فلورا الجلد»، أو ما يُعرف بـ«الميكروبيوم الجلدي»، طبقة طبيعية من البكتيريا والفطريات تعيش على سطح الجلد. هذه الكائنات الدقيقة تُشكل خط الدفاع الأول ضد العوامل الضارة، وتحافظ على توازن درجة الحموضة (pH) في الجلد، وتحميه من الملوثات والجراثيم، وتساهم في الحد من الالتهابات، وتهيج البشرة. ومع تزايد فهم العلماء لأهمية «الميكروبيوم الجلدي»، بدأ التركيز يتجه نحو تطوير واقيات شمسية، تتفاعل إيجابياً مع البكتيريا المفيدة على سطح الجلد.
-
تركيبات «ميكروبيومية» وجزيئات «نانوية»
وغالباً تحتوي هذه المنتجات على البريبيوتيك أو البروبيوتيك أو البوستبيوتيك، التي تُغذي وتعزز «ميكروبيوم» البشرة. البريبيوتيك (Prebiotics): مواد غذائية تغذي البكتيريا الجيدة الموجودة في الجلد، وتساعد على نموها وتوازنها. والبروبيوتيك (Probiotics): بكتيريا نافعة تُضاف إلى المنتجات لدعم «الميكروبيوم» الطبيعي للبشرة وتقويته. والبوستبيوتيك (Postbiotics): نواتج عملية التخمير، التي تقوم بها البكتيريا النافعة، مثل: الأحماض، أو الإنزيمات، وتُستخدم لدعم الحاجز الجلدي، وتهدئة الالتهابات.
شركة «Bacfarm» الإيطالية الناشئة، المتخصصة في استخلاص جزيئات جديدة من البكتيريا، والكائنات المحبة للظروف القاسية بوجه عام، نجحت في تطوير مكون مستخلص من بكتيريا «Deinococcus radiodurans»، التي تُعرف بأنها أكثر الكائنات الحية مقاومة للإشعاع، ويُستخدم هذا المكون في مستحضرات موضعية، وأخرى يتم تناولها عن طريق الفم في منتجات العلامة اليابانية «Gallinée»، المقتصرة على عالم «الميكروبيوم الجلدي»، والتابعة لشركة «Shiseido» الفاخرة.
مرشحات معدنية بجزيئات «نانوية»
في السنوات الأخيرة، شهد مجال واقيات الشمس تطوراً ملحوظاً، بإدخال تقنيات مبتكرة، تهدف إلى تحسين فاعلية المنتج، ومظهره الجمالي على البشرة. ومن أبرز هذه الابتكارات استخدام المرشحات المعدنية بجزيئات «نانوية»، التي تمثل نقلة نوعية في هذه الصناعة. وتعتمد هذه التقنية على تصغير حجم جزيئات المعادن، مثل: أكسيد الزنك، وثاني أكسيد التيتانيوم إلى مستوى «النانو»، ما يسمح لها بالاندماج بشكل أكثر سلاسة مع البشرة، دون ترك آثار طبقة بيضاء مزعجة، وهي المشكلة التي كانت تواجهها واقيات الشمس المعدنية التقليدية.
حماية مدعومة بالذكاء الاصطناعي
يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً فعّالاً في مجال حماية البشرة من الأشعة الشمسية، فقد أصبح وسيلة دقيقة وشخصية؛ لتقييم الاحتياجات الفردية، وتوفير الحماية المناسبة. وتعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على تحليل مجموعة من البيانات، مثل: نوع البشرة، والعمر، والتاريخ الطبي، والموقع الجغرافي، ومستوى التعرض اليومي للأشعة فوق البنفسجية، بالإضافة إلى العوامل البيئية، مثل: التلوث، والرطوبة. ومن خلال هذه التحليلات، يمكن لتطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل «My Skin Track UV»، من «La Roche-Posay»، أو أجهزة «Skin360»، أن توصي بمستحضرات واقية من الشمس، مصممة خصيصاً لتناسب حالة البشرة. كما تساعد هذه التقنيات على تتبع الضرر التراكمي الناتج عن الشمس، وتنبيه المستخدمات عند الحاجة إلى تجديد الواقي الشمسي.
-
تركيبات «ميكروبيومية» وجزيئات «نانوية»
إنزيمات إصلاح الحمض النووي
تمتد الحماية إلى إصلاح التلف، الذي يصيب الحمض النووي؛ نتيجة التعرض للأشعة فوق البنفسجية، اعتماداً على إنزيمات، مثل: الفوتولياز (Photolyase)، والإندونيوكلياز (Endonuclease)، وهي مستخلصة من الطحالب أو البكتيريا، وتعمل على تصحيح الطفرات، والتلف الجزيئي الذي يطرأ على خلايا الجلد بفعل التعرض المتكرر للأشعة الضارة، باختراق الطبقات السطحية للبشرة، وتفعيل آليات إصلاح ذاتي، تُعيد ترتيب الروابط الجينية التالفة، مثل: مستحلب «Eryfotona Actinica» من «ISDIN»، وكذلك «DNA Total Repair» من «Neova»، المحتويين على مزيج من إنزيمات متعددة لإصلاح الحمض النووي.
صديقة الشعاب المرجانية
نظراً لتأثير المستحضرات الموضعية في البيئة البحرية، بدأت علامات تجارية عدة في تطوير حلول أكثر وعياً بالبيئة، وتسعى من خلالها إلى تقليل الإضرار بالنظم البيئية البحرية. إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 14 ألف طن من واقيات الشمس تذوب سنوياً في مياه المحيطات، ما يشكل تهديداً مباشراً للشعاب المرجانية. واستجابةً لذلك، يتم استخدام عبوات قابلة لإعادة التدوير، أو خالية تماماً من البلاستيك، أو ابتكار تركيبات لطيفة على البيئة، مثل لوشن الحماية من الشمس Everyday California Mineral SPF30 Reef Safe Sunscreen، الذي يتميز بتركيبته الخالية من البارابين، والمرشحات الكيميائية. ويحتوي بدلاً منها على مكونات طبيعية، مثل: الطحالب البحرية، وفيتامين (هــ). وتتميّز واقيات الشمس، الصديقة للشعاب، بخلوها من المواد الكيميائية، التي تسبب تبييض الشعاب المرجانية، وتعيق نموها الطبيعي، وقد تتراكم في أجسام الكائنات البحرية، وتؤثر سلباً على دورتها الحيوية.