#منوعات
خالد خزام اليوم
بين موازين الموسيقى، وميزان القانون.. يجد طارق المنهالي صوته الحقيقي؛ فهو لا يقدم نفسه كـ«نجم»، بل كصوت يحمل رسالة، ومهمة يتبناها عن قناعة، هي «إيصال الموروث الإماراتي بكل تنوعه إلى أبعد نقطة في هذا العالم». كما لا يرى المنهالي في الفن ترفاً، بل أداة حضارية قادرة على فتح نوافذ التفاهم بين الشعوب. وفي زمن تتسارع خلاله الإيقاعات، وتتشابه الألحان، يصرّ على تقديم ما يعبّر عن جذور المكان وروحه، وإن اختلفت اللهجات، وتنوّعت اللغات. «زهرة الخليج» التقت الفنان الإماراتي الدكتور طارق المنهالي، نائب رئيس جمعية الموسيقيين الإماراتيين، الذي تحدث عن رؤيته الخاصة للفن، ودوره في إيصال الموروث الإماراتي بلغات ولهجات عدة، دون أن يفقد جوهره المحلي.. وهذا نص الحوار:
-
طارق المنهالي: الموسيقى قوة ناعمة تقرب الشعوب
جسر بين الشعوب
يرى المنهالي أن العلاقة بين الموسيقى الإماراتية، والموسيقى العربية الكلاسيكية، متأصلة؛ فقد بدأت متأثرة بمبادرات روّاد عديدين، كالفنان الإماراتي الراحل جابر جاسم، الذي تميز بتقديم الموروث المحلي الإماراتي بطريقة فريدة، لا تزال مستمرّة إلى وقتنا الحاضر.. يقول: «الموسيقى ليست مجرد ترفيه، بل قوة ناعمة تحمل - في طياتها - القدرة على إحداث تأثير حقيقي في تقارب الشعوب، وفهم بعضها بعضاً». ويضيف أن الدولة أدركت، مبكراً، هذا الدور، وسعت إلى توظيف الفنون في مدّ جسور ثقافية حول العالم.
قوالب متجددة
في محاولاته لكسر الحواجز، خاض المنهالي تجارب مختلفة، قدّم خلالها الموروث الإماراتي بقوالب متجددة؛ فغنّى ألحاناً إماراتية باللهجات: المغربية، والسودانية، والمصرية، وحتى بلغة «سقطرى» النادرة. كما لحّن أشعاراً فصيحة لشعراء، مثل: المتنبي، وقيس بن الملوّح، بطابع محلي. ويوضح: «الفكرة ليست في تقليد الآخر، بل في تقديم ذاتك بروح منفتحة، فنحن لا ننقل الموسيقى فحسب، بل ننقل القيم والثقافة والانتماء. لقد نجحنا في إيصال هويتنا بشكل راقٍ إلى أشقائنا في دول عدة، بمشاركتهم حب ثقافتهم، وإيصال ثقافتنا الأصيلة إليهم».
-
طارق المنهالي: الموسيقى قوة ناعمة تقرب الشعوب
حماية فكرية
درس طارق المنهالي القانون والموسيقى والإعلام؛ لرغبته في الإحاطة بالمجال من جوانبه كافة، وعن هذا يقول: «القانون منحني أدوات فهم حقوقي كفنان. والإعلام ساعدني في تطوير ظهوري، ومخاطبة الجمهور. أما الموسيقى، فهي المجال الذي أعبّر فيه عن كل شيء». ويدرك نائب رئيس جمعية الموسيقيين الإماراتيين أن الفنان المعاصر بحاجة إلى وعي قانوني وثقافي؛ لحماية فنه وهويته من الاستغلال، أو التهميش. ويتابع: «الفنان يمتلك بداخله جانباً إعلامياً، فقد دفعتني رغبتي في تطوير منهجية الحضور أمام الشاشات، وتقديم الأفضل، إلى دراسة الإعلام. أما القانون المدني، فيوجد - ضمن تفرعاته بالقانون التجاري - جانب متعلق بالملكية الفكرية، وحقوق المؤلف، وغيرها. وقد وجدت أن هذا التخصص نادر، وقد يضيف إليَّ الكثير؛ بحكم قربي من الفن والموسيقى؛ فنلتُ درجة الماجستير فيه، وبعدها رسالة الدكتوراه أيضاً، في حماية حقوق الملكية الفكرية والمصنفات الفنية والأدبية، ما جعلني أكتسب شخصية فنية فريدة نوعاً ما على الساحة حالياً».
أصالة.. وتجديد
وحينما يُسأل طارق المنهالي عن «الأصالة»، نجده يشبّهها بصندوق عتيق، مليء بالنفائس.. يوضح: «الأصالة ليست عائقاً أمام التجديد، بل منبع له، ومَنْ يفهمْها جيداً، يُنتجْ فناً قادراً على الاستمرار، والانتقال عبر الأجيال». لذلك، لا يجد نائب رئيس جمعية الموسيقيين الإماراتيين غضاضة في خوض تجارب جديدة، شرط أن تظل الجذور حاضرة في التفاصيل.
-
طارق المنهالي: الموسيقى قوة ناعمة تقرب الشعوب
غائب.. حاضر
ولا ينسى الدكتور طارق المنهالي دعم والده الراحل، الذي كان أول من استمع إليه، وصدّق موهبته، فيقول: «كان والدي مستمعي الأول، والأقرب.. فرحيله ترك فراغاً، لكنه أيضاً منحني مسؤولية الاستمرار».
عندما تعجز الكلمات
بالنسبة له، الموسيقى وسيلة للتعبير عندما تضيق اللغة، فيشرح نائب رئيس جمعية الموسيقيين الإماراتيين: «أحياناً، لا يمكننا قول كل شيء بالكلمات، لكن الأغنية تفعل ذلك بصدق مدهش». كما يرى أن الفنان الحقيقي ينقل مشاعر مجتمعه، وهموم بيئته، وأحلام وطنه، بنغمة، أو لحن.
-
طارق المنهالي: الموسيقى قوة ناعمة تقرب الشعوب
حلم ثقافي
يحمل الدكتور طارق المنهالي حلماً ثقافياً، يتجاوز حدود المسرح والأغنية، يتمثل في إيصال الموروث الإماراتي - بغناه وتنوعه - إلى جمهور عالمي، بلغات ولهجات عدة، وبرؤية معاصرة تحفظ روح الأصالة.. يقول: «المشهد الثقافي في الإمارات يجد دعماً كبيراً من القيادة، والجهات المعنية، ما يمنحنا - كفنانين - مساحة واسعة للإبداع»، ويضيف: «طموحي أن أقدّم مشروعاً فنياً متكاملاً، يعكس هويتنا، وأعمل بخطى مدروسة؛ لتحقيق هذا الهدف».