#منوعات
زهرة الخليج - الأردن اليوم
تمتاز دولة الإمارات العربية المتحدة، على امتدادها الجغرافي، بالعديد من المواقع الأثرية التي تعبّر عن هوية الدولة التاريخية المتجذّرة منذ القدم، وتُعد مزارات وطنية تسعى الحكومة الإماراتية إلى الاهتمام بها وإبرازها، مع الحفاظ على سياقها التاريخي، وتبيان أهمية الحضارات المتعاقبة التي مرّت عليها.
ولا تقتصر المواقع الأثرية على منطقة معينة في دولة الإمارات، إذ تحمل كل إمارة خصوصية تنفرد بها عن باقي الإمارات، لكنها تتشكّل في بوتقة واحدة تمنح الدولة امتيازات تاريخية مهمة معترفاً بها دولياً، من خلال منظمة اليونسكو، حيث تُعد هذه المواقع جزءاً لا يتجزأ من الهوية التاريخية والوطنية لدولة الإمارات، ما يشدد على التزام الجهات المختصة بحماية وتوثيق التراث الثقافي.
ومن بين الأماكن التي يجري البحث والتنقيب فيها من قبل بعثات التنقيب الإماراتية، موقع الغلة في إمارة أم القيوين، بهدف الوصول إلى فهم أعمق للجذور الحضارية للإمارة.
-
المواقع الأثرية في الإمارات.. هوية تاريخية ووطنية متجذّرة
ووفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية (وام)، تشكّل الاكتشافات الحديثة في جزيرة الغلة بإمارة أم القيوين، نقلة نوعية في كشف عمق الاستيطان البشري في المنطقة، كما تسلّط الضوء على نمط الحياة المتكامل الذي عاشه السكان قديماً، حيث أظهرت نتائج البحث والتنقيب لموسم 2025 أن الموقع الأثري في الغلة يمتد على مساحة تُقدّر بنحو 0.60 هكتار (6000 متر مربع)، وهو ما يفوق التقديرات السابقة بأربعة أضعاف، التي كانت تصل إلى 0.15 هكتار (1500 متر مربع)، ما يعني أنه لا يُعد مجرد تلة صغيرة كما كان يُعتقد سابقاً، بل مجتمعاً متطوراً استثمر موارده الطبيعية بكفاءة.
وتشير دلائل فرق البحث والتنقيب الأثري إلى أن موقع الغلة كان يضم قرية تعود إلى العصر الحجري الحديث، عاش فيها ما بين 100 و120 شخصاً، ما يدل على وجود مجتمع مستقر ومنظم. كما شهد الموقع مرحلتين رئيسيتين من الاستيطان شبه المتواصل، بين عامي 4500 و3300 قبل الميلاد.
وتعود المرحلة الأولى إلى الفترة بين 4500 و3800 قبل الميلاد (من منتصف الألفية الخامسة إلى بداية الألفية الرابعة قبل الميلاد)، بينما ارتبطت المرحلة الثانية بعظام حيوان الأطوم (بقر البحر)، والتي تعود إلى ما بين 3500 و3300 قبل الميلاد (من النصف الثاني من الألفية الرابعة قبل الميلاد).
كما اكتُشف مؤخراً تكوين أثري فريد لحيوان الأطوم، عبارة عن مصطبة حجرية بطول 10 أمتار وارتفاع نصف متر تقريباً، شُيّدت من نحو 40 عظمة من هذا الحيوان. ويُعتبر هذا التركيب الأثري الوحيد من نوعه المعروف عالمياً لهذه الحقبة الزمنية، حيث تشير المكتشفات الأثرية والأدلة التاريخية الحديثة في جزيرة الغلة إلى مدى تطور الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والتجارية لسكان الجزيرة آنذاك.