د. نرمين نحمدالله تكتب: خمس نجوم
#مقالات رأي
د. نرمين نحمدالله اليوم
مهووسة بالتقييم!.. هكذا تصفني أنتَ (ضاحكاً) في كل مرة أسألك عن رأيك، مستخدمة عبارتي الشهيرة: «تعطيها كم نجمة من خمس؟!».. ربما هي سمة هؤلاء، الذين يسيرون على «الخيط الرفيع» بين القلب والعقل مثلي!.. هؤلاء الذين سقطوا كثيراً بين ضفتَيْ مبالغات العاطفة؛ فصاروا يُؤْثرون أمانهم على «شاطئ الواقعية».
اليوم، وفي ذكرى لقائنا، التي لا أريد حساب عددها؛ كي أحتفظ لك، دوماً، بسحر البدايات التي لا تنتهي أبداً، تقلب أنت الأدوار؛ فتسألني (بمكر): «تعطينني كم نجمة من خمس؟!».
تصدقني لو قلت لك: إنه السؤال الوحيد، الذي لم أجهز له، يوماً، إجابة؟!.. لكن لِمَ لا؟!.. دعنا نحسب!
النجمة الأولى.. (نجمة الميلاد!).. حين التقت عيوننا، لأول مرة، شعرت بأن كل سُفُني التائهة وجدتْ فيك مرفأها، قطعة (البازل) الناقصة في لوحتي الكبيرة، وجدتها لديك تناسب مكانها تماماً!.. العين المُغْمضة في قلبي رمشت ببطء؛ عندما تثاءب الحلم القديم، يستعد للاستيقاظ بعد طول نوم.. هكذا منحتُك «النجمة الأولى» يوم التقينا.. سحر الميلاد الذي لا يشبهه سحرٌ!
النجمة الثانية.. (نجمة التفاصيل).. لن أكلمك عن لوني المفضل، أو قصيدتي المحببة، أو كم ملعقة سكر أضيفها إلى مشروباتي، بل عن تلك الدقائق التي تجعل مني أنا، والتي لا يَتَبيَّنُها عني إلا خبير مثلك.. وهذه أمنحك علامتها الكاملة؛ فكلَّ مرة يراني فيها الناس أتوهج ضاحكة، أنتَ وحدك مَنْ تميل على أذني هامساً، بنبرة من يدرك السر: «ما بك؟!.. لستِ بخير!».
النجمة الثالثة.. (نجمة الدعم).. مَنْ سواك يمكنه أن يرسم وسط الريح شراعاً؟!.. أن يصنع من شظايا الليل خيوطاً للشمس؟!.. مَنْ سواك أُلقي بين كفَّيْه وجعاً ودمعاً ورماداً؛ فيرده إليَّ فرحاً وضحكاً وحياة؟!.. مَنْ سواك حين تخذلني الدنيا؛ أجد على كتفه المتكأ؟!
النجمة الرابعة.. (نجمة الصمود).. لا!.. لم يكن طريقنا ممهداً دون عراقيل، فسماؤنا الرحبة تقلبت بين الفصول الأربعة، حزنَّا معاً كما فرحنا، افترقنا كما تلاقينا، لكن ما كان يميز شجارنا، دوماً، أنه لم يكن رغبة في انتصار أحدنا على الآخر، بل في حمايته، فمهما علتْ أصواتنا؛ كان هدير قلبَيْنا أعلى!.. كنا - حتى في فَوْرة غضبنا - ندرك أن أرض عشقنا تحتنا ثابتةٌ.. لا تهتزُّ!
النجمة الخامسة.. (نجمة الأبدية).. وهل يكفينا الأبد؟!.. علمونا في «مدرسة الحياة» أن من يُولد كعنقاء من وسط رماده؛ لا يموت بعدها أبداً.. ونحن؟!.. كم أغلقنا خلفنا من أبواب؟!.. كم ردمنا من حفر؟!.. حين ابتدأنا لم نكن لننتهي أبداً!
تظنني، بعد كل هذا، أعطيك من النجوم خمساً؟!.. لا يا «سيد العاشقين»؛ فما بيننا لا يعرف ميداليات، أو جوائز، أو كؤوساً ذهبية؛ لأنه - ببساطة - خارج التقييم.. (خمس نجوم!).. لا أبداً.. لك النجوم كلها، والقمر، والليل، والسماء.. وليتها يا «توأم الروح» تكفيك!