شتاء الإمارات يجمع العائلة ويحيي التراث
#سياحة وسفر
ياسمين العطار اليوم
مع انخفاض درجات الحرارة، تغمرنا نسائم الشتاء التي تبعث الدفء في الأرواح، فتتحول البيوت الإماراتية إلى فضاءات تنبض حياةً، حيث تتجمع العائلات في جلساتٍ دافئة، تعكس روح المجتمع وتراثه الأصيل. وليست هذه اللقاءات مجرد أوقات للراحة أو السمر، بل مدارس إنسانية مصغرة، تُغرس فيها القيم، وتُروى خلالها القصص التي تصوغ وجدان الأجيال. في هذا الموسم، تحديداً، تنطلق الجلسات من بَهْو البيت إلى رحلات البر، ومن طقوس إعداد الأكلات الإماراتية التقليدية إلى جلسات السمر حول النار، حيث تُستعاد الذكريات، التي تحفظ الهوية الوطنية.. إنها طقوس متوارثة، لا ترتبط بالزمن، لكنها في الشتاء تكتسب نكهة استثنائية، تُذيب المسافات بين الأجيال، وتُعيد إلى الذاكرة جمال البساطة، وعمق الانتماء.
-
شتاء الإمارات يجمع العائلة ويحيي التراث
الأسرة.. دفء التعليم والمشاعر
تعكس الجلسات الشتوية عمق البنية الاجتماعية الإماراتية، فهي مساحات تربوية، يعيش فيها الأطفال تجربة التعلم من الحياة ذاتها. وفي ظل دفء الحوار، ومشاركة الأنشطة اليومية، يكتسب الصغار مهارات التواصل والعمل الجماعي واحترام الكبير، بينما يجد الكبار فرصة لغرس القيم الإماراتية الأصيلة في نفوسهم، ومنها: الكرم، والتعاون، والمسؤولية. ففي تلك اللحظات، التي يجتمع فيها أفراد الأسرة، يتشكل الوجدان العاطفي للأبناء، فتمنحهم هذه اللقاءات إحساساً بالأمان والانتماء، وتفتح أمامهم مساحة للتعبير عن الذات، والتفاعل الصحي مع من حولهم. إن هذه التجارب الحية تغرس في نفوسهم الفخر بالهوية الوطنية، وتربطهم بتاريخ بلادهم، وقيم مجتمعهم.
-
شتاء الإمارات يجمع العائلة ويحيي التراث
الطبيعة.. مدرسة الحياة
إلى جانب الجلسات المنزلية، تمثل الرحلات البرية جزءاً أساسياً من الشتاء الإماراتي. فالخروج إلى الصحراء، وركوب الإبل، واكتشاف الطبيعة، ليست ترفيهاً فقط، بل هي دروس في الاعتماد على النفس، والصبر، وحل المشكلات. كما تشكل هذه المغامرات تجربة مشتركة بين الأجيال، حيث يشارك الأهل والأجداد في توجيه الأطفال، وينسجون ذكريات جماعية، تعزز الترابط العاطفي، والهوية المجتمعية.
-
شتاء الإمارات يجمع العائلة ويحيي التراث
رمزية ثقافية.. واجتماعية
تلعب الأكلات التقليدية دوراً مهماً في هذا السياق، فمشاركة الأطفال في إعداد وجبات، مثل: الهريس، والمجبوس، واللقيمات، ليست مجرد متعة، بل درس عملي في صَوْن التراث، وفهم رمزيته الثقافية والاجتماعية، وتجسيد لمعنى المشاركة والتواصل بين أفراد الأسرة.
قيم ممتدة
تظل الجلسات الشتوية الإماراتية امتداداً لروحٍ مجتمعية راسخة، تؤمن بأن التواصل الإنساني أساس النهضة. فمن دفء العائلة تنبثق طاقة المجتمع، ومن تماسك البيت تتشكل ملامح الوطن المتماسك. وهكذا، يبقى شتاء دولة الإمارات معزّزاً للاستقرار والدفء الإنساني، حيث تتحد المشاعر والقيم، التي تعكس تاريخ هذا الوطن، وروحه المتفردة.