راشد السالمي: أبناء الإمارات يبنون مستقبل التصنيع والتنقل الذكي
#رياضة
ياسمين العطار اليوم 11:00
تُجسّد قصة راشد السالمي نموذجاً إماراتياً يجمع بين الشغف والإصرار والإيمان بالقدرات الذاتية. بدأ مشواره كهواية بسيطة في تعديل وتجميع المركبات، لكن حلمه كان أبعد من مجرد ورشة صغيرة. أراد أن يبرهن أن أبناء الإمارات قادرون على صناعة منتجات ذكية بأيديهم، تحمل بصمة وطنية وتنافس عالمياً. واليوم، يقف راشد خلف مشروع «سَلْمي» الذي قدّم أول دراجة كهربائية ذكية إماراتية بالكامل (EB-One)، ثمرة سنوات من العمل والتجريب والطموح. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، يشاركنا السالمي محطات رحلته، وتفاصيل تحدياته، ورؤيته لمستقبل الصناعة الإماراتية في عالم المركبات الذكية.
حدثنا عن اللحظة التي قررت فيها أن تتحول الهواية إلى مشروع حقيقي.
لم تكن تلك اللحظة عابرة، بل محطة مفصلية غيّرت مسار حياتي. فقد أمضيت سنوات أمارس شغفي بتعديل وتجميع المركبات، خاصة السيارات، بدافع حب متأصل منذ الطفولة. ومع مرور الوقت، بدأت أنظر إلى الأمر من زاوية أوسع: ماذا لو تحوّل هذا الشغف إلى مشروع يحمل قيمة حقيقية؟ ماذا لو أصبح وسيلة للمساهمة في بناء صناعة وطنية تُظهر قدرات أبناء الإمارات في الابتكار والإنتاج؟.. مثل هذه الأسئلة كانت الشرارة التي دفعتني للانتقال من مجرد هاوٍ عاشق للمحركات إلى رائد أعمال يؤمن بأن الإبداع يمكن أن يكون رسالة ومسؤولية في آنٍ.
-
راشد السالمي: أبناء الإمارات يبنون مستقبل التصنيع والتنقل الذكي
طريق النجاح
كثيرون يمتلكون الشغف؛ فما الذي جعلك مختلفاً؟
ما جعل شغفي مختلفاً هو أنني لم أهرب من التحديات، بل واجهتها بإصرار. كنت أؤمن بأن التجربة والخطأ يعتبران جزءاً لا يتجزأ من طريق النجاح، لذلك كنت أتعلم باستمرار، وأدوّن ملاحظاتي، وأبحث وأطوّر من نفسي في كل مرحلة. لم يكن الأمر مجرد «لعب بالقطع» أو تعديل في الهياكل، بل كان رحلة فكرية وإنسانية عميقة، هدفها أن نصنع نحن العرب أدواتنا بأيدينا، لننافس بها في الأسواق العالمية.
ما أصعب قرار اتخذته، وهل فكرت في التوقف خلال لحظة ما؟
أصعب قرار اتخذته كان الاستمرار، خاصة في المراحل الأولى حين غاب الدعم المالي والمعنوي تماماً. كنت أمام خيارين: إما الاكتفاء بالراحة الشخصية والاستسلام للظروف، أو التضحية بمالي ووقتي وصحتي لأجل حلم لم يؤمن به كثيرون آنذاك. نعم، راودتني لحظات شعرت فيها برغبة في التوقف، لكنني كنت أستحضر دائماً دعوات أمي وإيماني الداخلي بأن لهذا المشروع غاية أكبر من مجرد إنجاز شخصي؛ فواصلت السير خطوةً بخطوة، حتى وأنا أمشي وحدي.
لماذا اخترت اسم «سَلْمي» لمشروعك؟
اسم «سَلْمي» لم يكن اختياره قراراً تسويقياً فقط، بل كان يحمل عمقاً وجدانياً. فالاسم مستمد من جذوري العائلية، ومن هويتي كإماراتي وعربي، إنه رسالة بأن المشروع ليس غريباً عن البيئة التي خرج منها، بل نابع منها، ويعبر عنها. هذه الهوية منحتنا تميزاً محلياً، وأثارت فضولاً عالمياً حول خلفيتنا، وقصتنا.
تطور.. وتوسع
ما أول إنجاز حقيقي شعرت معه بانطلاق المشروع؟
كانت لحظة التحول الحقيقية حين نجحنا في بناء أول وحدة طاقة كهربائية ذكية (SEU – Sulmi Energy Unit)، وهي القلب التقني للدراجة. وعندما رأيتها تعمل بنجاح للمرة الأولى، شعرت بأن المشروع تحرر من مرحلة الفكرة إلى عالم الواقع؛ وأن ما كان حلماً على الورق أصبح نواة حقيقية يمكن تطويرها والبناء عليها.
حدثنا عن دراجة «EB-One»!
EB-One» ليست مجرد دراجة كهربائية، بل مركبة ذكية تُصمَّم وتُطوَّر بالكامل بأيادٍ إماراتية، تمثل ثمرة سنوات من العمل والتجريب. النتيجة: تصميم جريء، ونظام ذكي متكامل، وأداء استثنائي. فهي تتسارع من صفر إلى 100 كم/س في أقل من 5 ثوانٍ، بقوة 70 حصاناً، وتضم نظام الأمان الذكي «SIRA» المزود بكاميرات 360 درجة، وإنذارات استباقية، وإضاءة «Matrix» أمامية وخلفية، مع قضبان جانبية مضيئة، ووزن خفيف لا يتجاوز 190 كغم بفضل المواد الصديقة للبيئة. الهدف لم يكن فقط ابتكار مركبة كهربائية، بل إطلاق هوية صناعية إماراتية تثبت قدرتنا على الإبداع في مجالات التصنيع المتقدم والتنقل الذكي.
-
راشد السالمي: أبناء الإمارات يبنون مستقبل التصنيع والتنقل الذكي
كيف كانت ردة فعل السوق بعد الظهور الرسمي الأول لـ«EB-One»؟
كان الظهور الأول للدراجة خلال فعالية رسمية لحظة فارقة في مسيرة المشروع؛ إذ بدأ الناس ينظرون إلى «سَلْمي» بجدية أكبر، وتحولت نظرات الدهشة إلى إعجاب. سمعت تعليقات كثيرة، مثل: «لم نكن نعلم أن مثل هذا العمل يُنفذ هنا في دولة الإمارات!». كانت تلك الكلمات كفيلة بأن تُشعرني بأن كل الجهد والتعب لم يذهب سدى، وأن المشروع لم يعد مجرد فكرة طموحة، بل إنجازاً يعكس روح التحدي والإبداع الإماراتي.
ما الخطوة التالية؟
بدأت «سَلْمي» بالدراجات الكهربائية، لكنها ليست الهدف النهائي؛ فرؤيتنا تتجه نحو بناء منظومة متكاملة للتنقل الذكي، تشمل: الطاقة، والأنظمة الذكية، والتصميم الهندسي، وحتى التصنيع المحلي. كما نطمح أن نصبح شركة رائدة في حلول المركبات الذكية، ليس فقط في الإمارات، بل على مستوى العالم العربي، وربما أبعد من ذلك!
الآن.. لو جاءك شاب صغير، وقال: «أريد أن أبني شيئاً من الصفر؛ مثلما فعلت!»، فما أول نصيحة ستسديها إليه؟
سأقول له: لا تخف من البدايات الصغيرة، وابدأ الآن حتى لو لم يكن معك شيء سوى الفكرة. وواصل التعلم، واقرأ كثيراً، وابحث عمن يلهمك؛ فالفشل جزء من الرحلة، فلا تجعل كلام الناس يُثنيك عن هدفك، وكن مؤمناً بأن الأبواب تفتح لمن يُخْلِصُ النية، ويسعى بقوة. وأخيراً، لا تنسَ أن تبني مشروعك على قيمة حقيقية تخدم بها الناس؛ فهنا يكمن النجاح الحقيقي.