شما الطواش: الخيل شريكي في الحلم والتحدي
#رياضة
خالد خزام اليوم
وجدت الفارسة الإماراتية، شما الطواش، في الخيل عالمها الأقرب؛ فكانت الساحات ملاذها، والفرس صديقتها الأولى، والسباقات طريقها؛ لإبراز تناغم القوة والأنوثة في شخصيتها. وقد تَوَّجت الطواش مسيرتها بلقب «كأس حتا للقدرة»، مؤكدة أن الفروسية لا تفرّق بين من يمتطي ظهر الخيل، بل تُنصِف من يملك الإصرار، والمهارة.. التقتها «زهرة الخليج»؛ فتحدثت عن شغفها بالخيل، وبداياتها معه، وعن رؤيتها لدور الفارسة الإماراتية، التي تثبت، في كل سباق، أن الإصرار لا يفرق بين شاب وشابة:
-
شما الطواش: الخيل شريكي في الحلم والتحدي
ما الذي جذبكِ إلى رياضة الفروسية؟
منذ طفولتي، كنت مأخوذة إلى عالم الخيول؛ فكنت أراها كائنات مهيبة، تجمع بين القوة والجمال، وشعرت بأن بيني وبينها رابطًا لا يُفسَّر. لم أكن أفكر - وقتها - في مدى صعوبة الفروسية، بل كنت أستمتع بقضاء الوقت في الإسطبلات؛ لأتعلم، وأراقب، وأحلم. ومع الوقت، تحوّل الشغف إلى التزام ومسؤولية، بفضل والديَّ اللذين قدّما إليَّ دعماً كاملاً، فقد كانا يأتيان معي إلى نادي الفروسية؛ لتشجيعي على المُضي قدمًا. لم تكن الفروسية مجرد هواية، فهي تجربة شكّلت شخصيتي منذ الصغر، وعلّمتني الصبر، والانضباط، والثقة بالنفس.
هوية.. وتراث
ما الذي تشعرين به؛ حين تمتطين جوادك، وتنطلقين في الميدان، وهل لوزن الفارس تأثير في الفوز أو الخسارة؟
عندما أكون على ظهر الحصان، أشعر كأنني أترك العالم خلفي تمامًا؛ فتختفي الضغوط والأفكار، ويغمرني إحساس بالسكينة، والحرية. الفروسية - بالنسبة لي - ليست مجرد رياضة، بل نوع من العلاج النفسي، يمنحني صفاءً داخليًا، وتركيزًا لا أجده في أي مكان آخر. خلال السباقات، لا يتعلق الفوز أو الخسارة بوزن محدد، بقدر ما يعتمد على الانسجام بين الفارسة وجوادها. لكن في سباقات القدرة والتحمل، تحديدًا، يُشترط الحفاظ على وزن خفيف؛ لتحقيق الأداء الأفضل.
-
شما الطواش: الخيل شريكي في الحلم والتحدي
الفروسية رمز راسخ في الهوية الإماراتية.. كيف تنظرين إلى علاقتها بالتراث، وما دورك في الحفاظ عليه؟
بالنسبة لي، الفروسية ليست مجرد رياضة، بل امتداد لجذورنا، وهويتنا الإماراتية، التي قامت على الشجاعة والكرم والفروسية، بمعناها الواسع. وقد حظي هذا الإرث بدعم كبير من القيادة الرشيدة، التي جعلت من الفروسية رمزًا للحضارة، والإنسانية معًا. من خلال ممارستي هذه الرياضة؛ أشعر بأنني أشارك في الحفاظ على هذا التراث الحيّ، ونقل قيمه إلى الأجيال، بأسلوب يربط الماضي بالحاضر.
كيف واجهتِ تحديات الفروسية، ووازنتِ بينها وبين دراستك؟
حظيت بدعم كبير من أسرتي، وكان لذلك أثر كبير في استمراري وتقدمي، فالفروسية تتطلب التزامًا ووقتًا وجهدًا كبيرًا. أحيانًا، أبتعد عن الأصدقاء والعائلة، خلال مواسم السباقات لأتدرب. وبفضل تفهم من حولي، وتشجيعهم، وتعاون الأستاذة (نوال رزيق) في جامعة السوربون-أبوظبي؛ وازنت بين دراستي وشغفي بالخيل، دون أن يطغى أحدهما على الآخر.
-
شما الطواش: الخيل شريكي في الحلم والتحدي
ما أبرز المحطات، التي تفخرين بها في مسيرتكِ بعالم الفروسية؟
بدأت ركوب الخيل منذ طفولتي، وكان دخولي عالم سباقات القدرة، عام 2015، محطة فارقة في حياتي. وبمرور السنوات، حققت مجموعة من الإنجازات التي أعتز بها، أبرزها حصولي على المركز الثاني في سباق كأس رئيس الدولة (جونيور 120 كم) عام 2018، وهو أول إنجاز كبير لي. كما نلت المركز الثالث في كأس محمد بن راشد (101 كم)، وهو من أصعب السباقات التي خضتها، إلى جانب تتويجي بالمركز الأول في كأس حتا للقدرة (101 كم) عام 2024، وهو فوز أعتز به كثيرًا؛ لأنه جاء بعد منافسة قوية، ومجهود كبير. هذه التجارب جعلتني أكثر إصرارًا على مواصلة المشاركات محليًا وعالميًا، وتحقيق نجاحات جديدة في عالم الفروسية، الذي أصبح جزءًا من حياتي.
دور مجتمعي
ما الشعور الذي انتابك بعد فوزكِ بلقب «كأس حتا للقدرة»؟
كان شعورًا لا يوصف؛ فالتتويج في سباق بهذا الحجم لحظة استثنائية لأي فارسة. المنافسة منحتني دافعًا أكبر، وأكدت لي أن الفروسية لا تعترف إلا بمن يملك العزيمة، والمهارة. لقد شعرت بفخر كبير؛ لأنني مثّلت الفارسات الإماراتيات، وأثبتُّ أن الإصرار هو الفارق الحقيقي في الميدان.
-
شما الطواش: الخيل شريكي في الحلم والتحدي
مجتمعياً.. ما الدور الذي تقوم به الفارسة، وهل تختلف تدريباتها عن تدريبات زميلها الفارس، وماذا تفضلين من الخيول؟
تحمل الفارسة دورًا يتجاوز حدود المنافسة؛ فهي تمثل روح القوة والالتزام والإلهام. الفروسية تغرس فينا قيم: الصبر والانضباط والثقة، وتجعلنا أكثر وعيًا بالتوازن بين القوة والهدوء. لا تختلف تدريبات الفارسات عن الفرسان، لأنها تركز على اللياقة البدنية، والتحكم، والانسجام مع الخيل في كل حركة؛ لأن الفروسية - في جوهرها - شراكة بين عقل الفارس، وقلب الجواد. إنني أفضّل الخيول الأسترالية؛ لما تتميز به من جمال، وقدرة على التحمل، وأطمح إلى امتلاك خيلي الخاص بعد التخرج.
حالياً.. ما مدى تطور مشاركة الفارسات الإماراتيات في السباقات؟
تشهد الفروسية النسائية في الإمارات تطورًا لافتًا، مع تزايد عدد الفارسات، وتنظيم سباقات خاصة بهن، تضم عشرات المشاركات. هذا التوجه يعكس دعمًا حقيقيًا، وتمكينًا متواصلًا، للمرأة في ميادين الرياضة.
ما نصيحتك للفتيات الراغبات في دخول عالم الفروسية؟
أنصحهنَّ بأن يتحلين بالصبر والثقة، وألا يخشين صعوبة البداية؛ فالطريق في الفروسية طويل، ويتطلب التزامًا وجهدًا، لكن مع الإصرار يمكن لكل فتاة أن تصل إلى الحلم الذي تسعى إليه.