رحلة أبوظبي نحو حكومة توفر الجهد والوقت
#تكنولوجيا
كارمن العسيلي اليوم
تواصل إمارة أبوظبي ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للابتكار، ليس بالبنية التحتية العمرانية فحسب، بل من خلال بناء الحكومة الذكية للجيل القادم، المعتمدة كلياً على الذكاء الاصطناعي. إن الإنجازات، التي كشفت عنها حكومة أبوظبي في معرض «جيتكس العالمي 2025»، وتحديداً عبر إطلاق منصة «تم 4.0»، ومبادرة «الذكاء الاصطناعي في صندوق»، ليست تحديثات تقنية، بل هي بمثابة هدية استباقية للمواطنين والمقيمين، تعكس الرؤية الطموحة للقيادة بتحويل الخدمات إلى تجارب سلسة، وإنسانية.
حكومة تفاعلية.. شريك استباقي
يمثل الإصدار الأحدث، من منصة خدمات حكومة أبوظبي الموحدة (تم 4.0)، نقلة نوعية تتجاوز مفهوم الأتمتة التقليدية، حيث أعلنت الإمارة إطلاق «ميزة الحكومة الذاتية»، وهي الأولى من نوعها عالمياً. إن الميزة الجوهرية في «تم 4.0»، هي قدرتها على إدارة المهام المتكررة تلقائياً، ودون أي تدخل من المتعامل. تخيلوا عالماً، يقوم فيه المساعد الذكي في «تم» بتجديد رخصة مركبتكم، أو دفع فواتير الخدمات الروتينية، أو حجز مواعيدكم الطبية الدورية، كل ذلك في الخلفية، ضمن بيئة رقمية آمنة وموثوقة.
وكما أشار معالي أحمد تميم هشام الكتّاب، رئيس دائرة التمكين الحكومي – أبوظبي، في حديث على هامش فعاليات معرض «جيتكس 2025»، فإن هذه الميزة «تعيد تعريف دور الحكومة في حياة الأفراد، لتصبح شريكاً ذكياً يوفّر الوقت، ويضع احتياجات الناس في صميم أولوياته». هذا التحول الجذري يمنح الأفراد الوقت؛ للتركيز على حياتهم وطموحاتهم، بعيداً عن التفكير في الروتين الحكومي.
-
رحلة أبوظبي نحو حكومة توفر الجهد والوقت
دمج الخدمات بذكاء.. رحلات متكاملة
لم تعد «تم 4.0» مجرد بوابة لتقديم الطلبات، بل هي رحلة ذكية. فالمنصة تدمج، الآن، أكثر من 1100 خدمة حكومية وخاصة.. ومن أبرز الإضافات النوعية:
• المالية الذكية: دمج خدمات سوق أبوظبي للأوراق المالية؛ ما يتيح للمستخدمين إدارة محافظهم الاستثمارية، ومتابعة بيانات السوق مباشرة، من خلال «تم».
• التنقل والتعليم: دمج خدمات شاملة من شركات تدريب القيادة، بما في ذلك دورات القيادة الوقائية والصديقة للبيئة.
«الذكاء الاصطناعي في صندوق».. تمكين كل موظف
لتحقيق رؤيتها بأن تكون أول حكومة تعتمد، بالكامل، على الذكاء الاصطناعي، تدرك أبوظبي أن التمكين يجب أن يبدأ من الداخل. هنا، يأتي دور مبادرة «الذكاء الاصطناعي في صندوق» (AI in a Box). وتعتبر هذه المنصة، التي لا تتطلَّب كتابة الرموز البرمجية (No-Code AI Platform)، ثورة في التمكين الحكومي. فهي تهدف إلى:
• الشمول الرقمي: تمكين جميع موظفي الجهات الحكومية، بغض النظر عن خلفيتهم التقنية، من تطوير ونشر حلول وتطبيقات قائمة على الذكاء الاصطناعي بسهولة فائقة.
• التدريب المتقدم: دعم «المبادرة» بشراكات استراتيجية مع عمالقة التكنولوجيا، مثل: «أمازون ويب، وأوراكل»؛ لتطوير برامج تدريب متخصصة في الأمن السيبراني، وإدارة البيانات، ضمن منصة «طموح 2.0».
وهذه «المبادرة» دليل على أن الذكاء الاصطناعي، في أبوظبي، ليس حكراً على النخبة التقنية، بل هو أداة شاملة ومتاحة لخدمة المجتمع بفاعلية أكبر.
شراكات عالمية.. استدامة رقمية نظيفة
تؤكد حكومة أبوظبي أن الابتكار المستدام، والتحوُّل الرقمي، يسيران جنباً إلى جنب. وقد تجلّى ذلك في الإعلان عن شراكات استراتيجية رئيسية، أبرزها:
• الطاقة النظيفة مع «غوغل»: تهدف هذه الشراكة، التي تقودها دائرة الطاقة، إلى تعزيز التحوُّل الرقمي نحو الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي، ببنية تحتية مستدامة. وهذا يخدم، بشكل مباشر، جهود الإمارة لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، رابطة - بذلك - الابتكار التكنولوجي بأهداف الاستدامة البيئية العالمية.
الذكاء الاصطناعي.. مستقبل ينتظره الاتحاد
بينما تستعد الإمارات للاحتفال بعيد الاتحاد الـ54، تُظهر إنجازات أبوظبي - في مجال الذكاء الاصطناعي - روح الاتحاد المؤسَّسة على الرؤية المستقبلية والريادة. إن هذه المبادرات، وفق ما جاء في موقع مكتب أبوظبي الإعلامي الإلكتروني، تمثل:
1. تمكين الإنسان أولاً: من خلال تحرير الأفراد من الأعباء الروتينية عبر «الحكومة الذاتية»، تعيد أبوظبي تكريس المبدأ الاتحادي، القائم على توفير أرقى مستويات الحياة، للمواطنين والمقيمين.
2. بناء قدرات وطنية: مبادرة «الذكاء الاصطناعي في صندوق» استثمار في العنصر البشري؛ لتدريب «الموظف الحكومي الرقمي»، وتجهيزه لقيادة حقبة جديدة من الخدمات المبتكرة.
3. الريادة العالمية: إن إطلاق «الحكومة الذاتية»، كأول ميزة من نوعها عالمياً، يرسّخ مكانة الإمارات نموذجاً عالمياً للحكومة الرقمية الاستباقية، وشهادة على أن الـ54 عاماً، من الاتحاد، كانت رحلة نحو قمة الابتكار.
إن «تم 4.0»، والمبادرات المرافقة، وعد من حكومة أبوظبي للمجتمع الإماراتي بأن المستقبل سيكون أكثر ذكاءً واستدامة، وأكثر استجابة لاحتياجات الفرد.