كريم معتوق 25 سبتمبر 2018
هناك واقع نعيشه ونعرفه، وهو نقيض الخيال والأمنيات، وهناك واقع من اشتقاقات المصدر وقع، ولتكون الفكرة أقرب للقارئ، فدعوة الناس إلى بيوتنا من الأمور المفرحة، حيث نلتقي الأهل ومن نحب عادة من العادات الاجتماعية عالمياً، فلا تقتصر الضيافة على شعب معين، فكل شعوب الدنيا لديها هذه العادة.
نقوم بواجب الضيافة، سواء كانت وليمة غداء أم عشاء، ونقوم بترتيب المنزل بالكماليات من ألوان الضيافة كالحلويات والورود، وبدأت تتغير هذه العادة لتدخل الألبسة من واجبات الضيافة، وكل هذه الأمور من العادات الجميلة بمجتمعاتنا من الواقع المتوارث.
ولكن الواقع الآخر جعل الضيافات تدخل في مجال البذخ، وأصبح التباهي والتفاخر والاستعراض في الألبسة والأطعمة مبالغاً فيها كثيراً، فأصبحت الزيارات حتى العائلية منها عبئاً اجتماعياً على الأسر، بعد أن كانت فرحة، وأصبح اللقاء محزناً فقط لأننا لم نجد الوقت الكافي للإعداد له بالمزيد من الأطعمة والألبسة، حتى أصبحت هناك أزياء لحفلات العشاء خلاف حفلات الأعراس والمناسبات.
وما أسهم في تأصيل هذه العادة هو وجود العديد من الشركات المتخصصة في حفلات المنازل، بدءاً من الطاولات والورود والزينة والأكل. ولأنها أصبحت تجارة رائجة، فقد قام العديد من الفتيات بتقدم هذه الخدمات للمنازل، وهناك حفلات واستعدادات خاصة لاستقبال الأم أولادها، وأخرى لاستقبال الولد والبنت أمهما، وإذا لم تتم تلك التجهيزات فلن تتحقق تلك الزيارة بكل أسف.
لا أحد يطالب بالتقصير في الضيافة، ولكن الواقع من ذلك الواقع أن الحزن يصبح مفردة بين الأهل والأصدقاء، لو حدث أي تقصير من المطعم المزود للطعام وكمية الأكل التي يجب أن تثقل كاهل صناديق الفضلات خارج المنزل.
إن الأم التي تزور ابنها تريد رؤيته مع أولاده وزوجته أولاً، وهذا سيفرحها، وليست كمية الأطعمة التي أعدتها أو اشترتها زوجة الابن، وأثبتت لنا كثرة الدعوات أن الناس لم يعودوا يأكلون كثيراً، لوجود ثقافة غذائية بين الناس، ولكننا نصر على المبالغة من دون مبرر إلا لأنه واقع من ذلك الواقع.
لقد حضرت وليمة لأحد الأصدقاء، وما أذكره أن هناك سبعة أصناف لم يذقها أحد من المدعوين، ناهيك عما تبقى من الأطباق التي تناولها الأصدقاء، لم تكن الترتيبات أكثر أهمية من أحاديثنا معاً، وفرحتنا باللقاء نظراً إلى كثرة مشاغلنا جميعاً، بكل أسف إننا بين الواقع والواقع.
شعر
وبها عيبٌ إذا ما ضحكتْ ولها طبعُ نخيلٍ كلما
يضحك النهر ويمتدُ السهرْ جاءها صخرٌ توافيه ثمرْ
وإذا ما ابتسمت في وجهنا إنها أجملُ عطرٍ مرني
تبسم الدنيا ويخضرُ الشجرْ من ربى بيروت جاءت بالمطرْ
ثم يبقى عيبها إن وقفتْ ها أنا أسرجت شعري جامحاً
خلت نخلاً شامخاً بين البشرْ إنما الشعر بعينيها عثرْ