أسامة ألفا 16 أغسطس 2019
في الوقت الذي يتكلم فيه معظم البشر بشكل لا يتوقف، هنالك من يُسخّرون أصواتهم لمهنهم، ويفردون مساحات من حياتهم اليومية لتقديم خبراتهم للناس من خلال أصواتهم، فمنهم المعلم والمحامي والمغني والممثل وما يشابه ذلك من تصنيفات، إلا أن هنالك أصواتاً صرنا نألفها دون أن نفكر من هم أصحابها، وهي الأصوات التي نسمعها في المطارات وفي الإعلانات أو عند الاتصال بشخص عبر الهاتف ونجده مشغولاً، أو عند التنقل بالسيارة في طريق لا نعرفه ونستخدم خرائط جوجل، وغيرها الكثير، فمؤدي هذه العبارات هم نجوم الـVoice Over الخفيين، لا نعرفهم شكلاً ولكننا نعرفهم بكل تأكيد من أصواتهم الشهيرة.
رفيق الطريق
أصبح شائعاً أن يطلب أي شخص «لوكيشين» للوصول إلى مبتغاه، وما إن نفتح الخريطة حتى يأتينا صوت جهوري جميل بلغة عربية سليمة وواضحة، رفيق الطريق وصاحب هذا الصوت، هو وائل حبال الذي اختارته Google Map ليكون صوتها العربي في مختلف أنحاء العالم، وهو يقول: «تم اختياري لأداء خرائط جوجل الصوت العربي، بعد تصفيات لعدد من الأصوات إثر دراسة عميقة من طرفهم لخاصية طبقة الصوت وملائمتها للأجهزة الذكية ووضوحها، لأنها تستخدم مكبرات صوت دقيقة تزرع في الهواتف التي بين أيدينا، وبناءً عليه يجب أن يكون صوت المُلقي ملائماً وصاحب مخارج حروف صحيحة ومناسبة ولغة مفهومة وسليمة».
وعن الإلقاء الصوتي (Voice Over) والشروط الواجب توفرها في الصوت ليكون صالحاً للأداء، يبين حبّال: «الإلقاء الصوتي هو أحد فروع الأداء، وللأداء الصوتي فروع عديدة أهمها الغناء والإنشاد والتلاوة والتمثيل والإلقاء، ونحن نختص بفن الإلقاء الصوتي والذي بدوره يتفرع إلى العديد من الفروع كالإلقاء الإعلامي (إذاعة، تلفزيون وسينما)، التقديم المسرحي والاحتفالي، والإلقاء الإعلاني، والإلقاء التكنولوجي والمرتبط بالأجهزة الذكية ومعطياتها، والأصوات البشرية المستخدمة فيها كتنبيهات المطارات والهاتف الآلي وتطبيقات الهواتف الذكية وصوت المرشد في المتاحف. ولا يوجد صوت بشري غير قادر على الأداء الصوتي، كل حسب خامته وطبيعة صوته، وقد أصبح الأمر أكثر سهولة، بعد الاستعانة بخبراء الصوت لتحديد أي فرع من الأداء الصوتي هو الأفضل والأنسب لخامة الصوت ولطريقة الأداء وللشخصية الصوتية».
مهنة المستقبل
يختتم حبال كلامه بالقول: «الإلقاء الصوتي من المهن التي ستزدهر مستقبلاً، فالتطور التكنولوجي استغنى عن الكثير من المهام البشرية التقليدية، الروبوتات وبعض وسائل النقل دون سائق بشري وبعض العقول الذكية المساعدة للبشر كخاصية (سيري) والكثير غيرها، لكنها لم تستغنِ عن الصوت البشري! فالروبوت بمعظم نماذجه ناطق بصوت بشري مسجل مسبقاً، والمترو والقطارات والمطارات تنبه عن محطاتها ووجهاتها بأصوات بشرية، و(سيري) هي زميلة لنا، سجلت هذا المشروع وكان ضرباً من الخيال حينها كعقل إلكتروني مساعد للبشر يعيش في هاتفنا الصغير، كل هذه الأعمال هي أعمال تختص بالمستقبل، وما سيأتي ولم تكن موجودة منذ بضع سنين خلت».
خصوصية
إلى جانب عملها كمذيعة، تستخدم رانيا أبي نادر صوتها كمصدر ثانٍ للرزق، من خلال وضعها صوتها على عدد من التطبيقات، وتوضح: «الصوت النسائي يجب أن يدل على الأنوثة والرقي في توصيل الرسالة، وأن يكون مميزاً من ناحية الصوت والإلقاء، مريحاً للأذن وخالياً من النشاز، ومخارج الحروف واضحة، ومن المهم أن يكون صافياً وسلساً، فليس كل من وقف وسجل صوته أصبح متمرساً، فهذه المهنة مثل موهبة التمثيل تصبح أقوى مع عدد الأعمال وتنوعها على مر السنين، والأداء الصوتي ليس فقط جمال الصوت، فالأداء التمثيلي مهم أيضاً لإقناع المستمع بالمنتج أو حتى بالكتاب أو التقرير». وتحذر أبي نادر من محظورات الصوت النسائي، كالوقوع في التقليد أو التصنع أو عدم توصيل الرسالة بشكلها الصحيح فهذا يؤثر في المنتج». وعن التنسيق بين أصوات الرجال والنساء رغم اختلاف طبقاتهم، توضح أبي نادر بأن الدراسات أكدت أن الصوت النسائي لديه قبول عند المستمع أكثر من صوت الرجل.
أداء صوتي
علمياً، يؤكد مدرب الأصوات عمر نويلاتي، أن كل الأصوات جميلة، لكن هناك أصوات تمتاز عن غيرها بالشدة والحدة والمدى والمساحة الصوتية والنوع، موضحاً: «يمكن أن نستخدم أو نوظف كل صوت بما يتناسب مع نوع العمل المراد به في الأداء الصوتي، فالأصوات التي تمتلك شخصية صوتيه وخامات أو أنواع أصوات مثل (الباص والباريتون) عند الرجال و(الآلتو والكاونتر ألتو) عند النساء، يمكنهم أن يعملوا في مجال التعليق الصوتي، لأن هذه الأصوات تكون مريحة للمستمع أو المتلقي، شرط أن يكون لديهم إحساس عالٍ، وقدرة على تلوين الكلمة والتعبير عنها والإحساس بالنص المراد العمل عليه. أما الأصوات التي يصعب تدريبها من يفتقر إلى الحس الموسيقي والتعبيري وأحياناً التمثيلي، أو أن يكون لديه مشاكل خلقية في النطق أو مشاكل ناجمة عن حالات صحية معينة، تصيب الأحبال أو الأوتار الصوتية مثال (البوليب) أو الانتفاخات التي تحدث على الأحبال الصوتية نتيجة الاستخدام الخاطئ للصوت».
الكراكتير الصوتي
يشرح عمر نويلاتي «الكراكتير الصوتي»، قائلاً: «لكي نعرف معنى الكراكتير الصوتي يجب نعود إلى تشريح الحنجرة، فهي عبارة عن تسعة غضاريف متلاصقة ومترابطة، تشكل الصندوق الصوتي، وتختلف من حيث الأبعاد من شخص لآخر، بداخلها عضلات مرتبطة بها هي (الحبال الصوتية)، والتي تختلف أطوالها وسماكاتها بين الرجل والمرأة، ومن شخص لآخر وتوجد عليها نتوءات، فكل هذه العوامل تعمل على إعطاء الشخصية الصوتية واختلاف الصوت من إنسان لآخر»