هديل عللوه 19 نوفمبر 2019
في عالم افتراضي، يسعى فيه الكبير والصغير لحجز مقعده على منصات التواصل الاجتماعي، يتطلع من هم في سن المراهقة وحتى الطفولة، إلى إطلاق صفحاتهم الخاصة على هذه المواقع. ومن بين ملايين مستخدمي «السوشيال ميديا» هناك صفحات لأطفال قصر دون السن القانونية، إما أنشؤوها بأنفسهم أو بإشراف ذويهم، تبقى فكرة أن ينفرد قاصر بدخول هذا العالم من دون توجيه، مقلقة بعض الشيء بالنسبة لعمره، أو ما يمكن أن يواجهه من تعليقات أو منشورات أو محتوى غير ملائم. «زهرة الخليج» استطلعت آراء سيدات لأبنائهنَّ منافذ على العالم الافتراضي، وسألت مختصين حول الظاهرة.
تقول ربة المنزل أمنية دواس، إنها تترك لابنتها إلينا (14 عاماً) مساحة حرية وثقة في صفحتها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، إذ لإلينا متابعون يزيدون على ثلاثة آلاف شخص، وتضيف دواس: «تمكنت ابنتي من جمع هذا العدد من المتابعين، بعد أن عززت صفحتها بمحتوى وصور يلامس اهتمامها، فابنتي تهوى عالم الأزياء والجمال رغم صغر سنها، وتحب التقليد والفن، وأنا من شجعتها على فتح حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي». ورغم هذه الثقة التي منحتها أمنية لابنتها، إلا أنها تؤكد أنها دائماً ما تكون مراقبة لما تنشره، أو للمتابعين على صفحاتها، كما أنها تلاحظ أن ابنتها ذاتها، تغلق حساباتها بين الحين والآخر، بسبب تعليقات مزعجة تتعرض لها أو مضايقات».
أما وكيلة مدرسة، سهى شعلان، فتشير إلى أن لدى ابنتها سوار (10 سنوات) صفحة خاصة غير مفعلة للعموم على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تعتبرها سهى أرشيفاً للصور، وهي من تتحكم فيها وتستخدمها مع رفضها أن تفتح ابنتها الصفحة من دون توجيه منها أو تكون كلمة السر معها، وتضيف: «ولدي محمد (17 عاماً) أنشأ صفحته الخاصة على موقع انستجرام قبل أربع سنوات، ولم أعترض على إنشاء الصفحة، كوني أعلم اهتماماته، حيث يمتلك موهبة التصميم ويحب مسلسلات الإنمي اليابانية بشكل كبير، مما مكنه من جذب الآلاف من المتابعين، بعد أن عزز صفحته بصور للإنمي ومقاطع فيديو، أجرى تعديلات عليها ووضع لمسته الخاصة في التصميم على كل منها».
بينما تتخذ أخصائية التحاليل الطبية، هناء سعادة، مبدأ النقاش والحوار أسلوباً تتبعه مع أبنائها خاصة فيما يتعلق بصفحاتهم على «السوشيال ميديا»، فبعد أن تقبلت أن يفتح ابنها عبد الرحيم (14 عاماً) قبل عام صفحة له على موقع انستجرام، بعد إلحاح وإصرار منه، رأت أن تترك له هامشاً من الحرية، حيث تعلم تماماً شغفه واهتماماته، فأغلب منشوراته تكون عن رياضة كرة القدم، وتضيف: «الأبناء في مثل هذا العمر إن لم يفتحوا صفحاتهم الشخصية بموافقة أهلهم، سيتوغلون في هذا العالم الافتراضي من ورائهم».
حماية
تقول الخبيرة في شؤون الإنترنت، المهندسة هناء الرملي: «من الناحية التقنية، تتيح منصات التواصل الاجتماعي لأي شخص فتح حسابات شخصية، بشرط أن يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، حيث توفر هذه المنصات للأشخاص بين الثالثة عشرة والثامنة عشرة من العمر، خيارات الحماية الممكنة وتحد من الخطر الذي يمكن أن يتعرض له المراهقون، كأن تمنع الغرباء من التواصل معهم بشكل مباشر، وتراقب وتمنع مضمون الرسائل التي تحتوي على روابط لمواقع إباحية مثلاً أو ملفات وروابط برامج تجسس أو فيروسات، كما أن محركات البحث لمواقع «السوشيال ميديا» لا تظهر منشورات هذه الفئة ضمن نتائج بحثها، ولا يمكن للغرباء البحث عن أسماء حسابات القصر وإيجادها» وتلفت الرملي النظر إلى أن هذه الحماية متوافرة للأشخاص الذين يضعون حقيقة أعمارهم بين الـ13 و18، لأن هناك قصراً يضعون تواريخ ميلاد غير حقيقية.
مواهب
تشير الرملي إلى أهمية دعم الطفل من أصحاب المواهب، موضحة: «في حال أراد الطفل الموهوب فتح صفحة له على «السوشيال ميديا» لا يجب منعه، بشرط أن تكون تحت إشراف الأهل وبمساعدة خبراء في مواقع التواصل الاجتماعي، لأن هذه المرحلة في غاية الحساسية، لا سيما أن شكل المراهق يتعرض لتغيرات ولا يكون في أوج نضارته، إضافة إلى أن أصحاب المواهب يحتاجون إلى تجدد دائم وأفكار مبتكرة، كي يبقوا على حضورهم، والطفل في هذا العمر لا يملك هذه المهارات إلا في الحالات الاستثنائية، إذ يجب تعليم الأبناء في مرحلتي الطفولة والمراهقة أن حضور شخصيته وفكره يتشكل فيما يمتلك من معرفة وما يطور من مهارات وهوايات، وليس بما يلبس أو بالأماكن التي يذهب إليها، وينشر صوره عبر منصات التواصل الاجتماعي».
توجيه تربوي
يقول مدرب التواصل الاجتماعي، معتصم الأحمد: «كل جيل جديد يبرز تطوره عن الجيل السابق في مجال التكنولوجيا، لذا من المحال أن تمنع طفلك من إنشاء صفحة له على «السوشيال ميديا»، فالتوجيه التربوي أهم من كل الوسائل والتطبيقات التي يتم وضعها لمراقبة الطفل على هاتفه، سواء في منصات التواصل الاجتماعي أو جميع استخداماته على الإنترنت، ولكنه لا يقلل من أهمية تطبيقات المراقبة بذات الوقت التي تساعد على التحكم الكامل فيما يتصفحه الطفل من محتويات، كما تتيح للأهل معرفة إذا ما كان الطفل لديه حساب آخر على الفيسبوك أم لا». وحول التأثير السلبي الذي يمكن أن يتعرض له الطفل، يوضح الأحمد: «هناك عدة خطوات تضعها مواقع التواصل الاجتماعي، تحد من التأثير السلبي الذي يمكن أن يتعرض له الطفل، مثلاً في الفيسبوك، تمت حماية المعلومات الحساسة للقصر كتاريخ الميلاد والمدرسة من الظهور للجمهور العام في البحث، وإيقاف تشغيل مشاركة الموقع بشكل افتراضي في حساب القاصر».