#مقالات رأي
أسماء الفهيم 1 يونيو 2020
كثيرة هي النعم التي أنعم بها الله على دولة الإمارات، لكن تبقى النعمة الأكبر هم قادتها، حفظهم الله، فمن قبل أزمة «كورونا» بسنوات وضعت القيادة الرشيدة ملف الأمن الغذائي في قمة أولوياتها، إذ إن كانت الدولة تستهدف تقليل هدر الطعام بنسبة 15% بحلول عام 2021، في حين خطتها بعيدة المدى هي خفض معدل الهدر والخسائر الغذائية بنسبة 50% بحلول عام 2030.. كما أن مبادرات التعامل مع هدر الغذاء قديمة ومتفردة، فهيئة الهلال الأحمر أطلقت قبل سنوات مشروع «حفظ النعمة»، كما تم إنشاء «بنك الإمارات للطعام» وكلا المشروعين يتعاملان مع الطعام الفائض ويوصلانه إلى أفواه المستفيدين بدلاً من مكبات النفايات.
لم تثبت جائحة كورونا قوة منظومة الأمن الغذائي في الدولة فحسب، بل كشفت عن قدرة الإمارات على التعامل مع المستقبل من قبل أن يأتي، بفضل حكومتها الذكية، والبنية التحتية التكنولوجية التي أرستها قبل سنوات ومكنتها من التأقلم السريع مع المتغيرات الطارئة، وهو ما يجب أن نتعلم منه كأفراد، لنتحلى بروح المسؤولية، وندرك أهمية التباعد الجسدي، حماية لنا ولأحبائنا ووطننا، بعد أن غيرت الأزمة من شكل حياتنا اليومية التي أصبحت في كثير من تفاصيلها «أون لاين» على مستوى العمل والعائلة والأصدقاء.
علينا أن نتعلم الكثير من أزمة كورونا، وفي المقدمة أن نحافظ على صحتنا النفسية التي هي في أبسط مفهوم لها «قدرة الفرد على الاستمتاع بالحياة» وما أحوجنا إلى تحقيق ذلك في هذا الوقت تحديداً، وتلك هي قمة الإيجابية والتكيف مع المتغيرات، ليس من أجلنا فحسب، بل لوطننا أيضاً، فالجهود الحكومية لن تؤتي ثمارها في أي مجال من دون أن يسهم المجتمع في تعزيزها، فعلى سبيل المثال، عندما نمارس التباعد فنحن نسهم في نجاح جهود جهات كثيرة تراهن على وعينا في تحقيق الهدف، ولكي يتحقق الأمن الغذائي بمفهومه الحقيقي، علينا إعادة النظر في عادات الشراء وتعديل بعض أساليب الإنفاق، وهو الأمر الذي يجب أن ينطبق على كل ما نستهلكه.. باختصار نحن في حاجة ماسة إلى تغيير جذري في ثقافتنا الاستهلاكية.
في عدد يونيو من مجلتكم نتحدث عن الأبعاد الاجتماعية والبيئية والاقتصادية لهدر الطعام، وكيف أن ترشيد الاستهلاك فريضة اجتماعية في أوقات الشدة والرخاء، وحوار خاص مع الرئيس التنفيذي لـ«Piaget» شابيه نوري، ونرصد كيف انتصرت الحياة في معركتها مع «كورونا»، إضافة إلى لقاء مع النجمة دينا الشربيني التي تزين غلاف العدد، وحوارات أخرى مع عدد من نجوم الفن.. وكل شهر وأنتم بخير.
