#منوعات
نوال نصر 19 مارس 2023
أينما ذهبتم؛ فاذهبوا بكامل قلوبكم.. فالقلب في المنزلة يحلّ حتى قبل العقل «فليكن لديكم العقل القوي، والقلب الليّن».. لكن ماذا لو عانى القلب وذبل، وأصبح عليلاً؟ فهل يعاني الحبّ والمحبون؟ هل تزيد الكراهية وتقوى؟.. لا، فالقلب سيبقى يدقّ، وبقوة، في كل الصدور الإنسانية، وما عليكم إلا الحفاظ على صحته وعافيته؛ ليصمد ويقهر كلَّ من ليس له قلب.. لكن كيف؟ وماذا لو تعب القلب كثيراً؟ ماذا لو أصابته العلل والأمراض؟.. يُقال: النور الذي في العيون ليس إلا أثراً من نور القلب؛ فلنحمِ قلوبنا. ولنصغِ - بإمعانٍ - إلى استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية في مدينة الشيخ شخبوط الطبيّة بأبوظبي، الدكتور هادي سكوري:
حينما يكون الطبيب صاحب قلب؛ تُصبح العناية مزدوجة، الدكتور هادي سكوري يملك الاثنين: العلم والقلب؛ لذلك تأتي نصائحه ثمينة ومليئة بالمعلومات. نسأله عن أصول حماية القلب؛ كي يبقى يعزف على أوتار الحب والإنسانية، نسأله عن قصور القلب ومعاناته، فيجيب: «يتزايد انتشار قصور القلب مع مرور الوقت، لأن المرضى باتوا يتعافون من انسداد الشرايين التاجية، واحتشاء عضلة القلب، إضافة إلى تقدم السكان في العمر. لذلك، أصبحت بين 2 و4% من حالات الشفاء مرتبطة بفشل القلب». العلم إذا أطال عمر من يعانون انسداد واحتشاء في القلب، فأمدّ في عمرهم، وكلما عاشوا أكثر قد يعانون مع تقدمهم في العمر من قصور في خفقان القلب. فماذا عن قصور القلب؟.. يجيب: «يعرّف القصور بأنه عدم قدرة القلب على ملء أو ضخّ الدم الكافي؛ لتزويد الأعضاء الحيوية بما تحتاج إليه؛ لتحيا سليمة معافاة. ويمكن أن يحدث ذلك في جميع الفئات العمرية، لكن كلما زاد العمر ارتفعت الإصابات».
«هناك نوعان من قصور القلب: أحدهما مرتبط بعدم قدرة عضلة القلب على الانقباض، وضخّ الدم إلى الشريان الأورطي والأعضاء الحيوية مع انكسار الكسر القذفي. والنوع الآخر هو عدم قدرة القلب على الاسترخاء واستيعاب الدم وتعبئته، وهذا يسمى فشل القلب مع الكسر القذفي المحفوظ. وهناك مجموعة ثالثة في الوسط لديها كسر طرد وسيط».
وقد تبدو بعض العبارات الطبية صعبة على الفهم الشعبي، وعلى فهم الناس، أصحاب القلوب البيضاء، فماذا يقصد الطبيب بها؟.. يجيب: «الكسر القذفي هو طريقة لقياس قدرة القلب على الانقباض، وضخّ كمية معينة من حجمه، وقياس كمية الدم المندفعة خارج القلب، والاسترخاء».
العلاج الرباعي
ماذا عن العلاجات؟.. يقول الدكتور سكوري: «هناك أدوية تعمل على تحسين البقاء على قيد الحياة، وتقليل الاستشفاء، وتحسين الأعراض ونوعية الحياة». ويضيف: «هناك ما يسمى العلاج الرباعي، وهو يعني أنه يجب وصف أربعة أدوية، وزيادة الجرعة في غضون فترة معينة، ولهذا العلاج تأثير مفيد، وقد يزيد البقاء على قيد الحياة من خمسة إلى ثمانية أعوام، مقارنة بالعلاجات المتوافرة سابقاً. وهناك علاجات أخرى أثبتت فائدتها، أحدها تناول مكملات الحديد في الوريد، حيث ثبت أن مكملات الحديد من خلال الفم ليست فعالة، كما تبيّن أن نحو 50% على الأقل من مرضى قصور القلب يعانون نقصاً في مادة الحديد».
يتحدث الطبيب هادي سكوري عن أجهزة من شأنها الحدّ من الموت القلبي المفاجئ، أو تحسين النتائج والانقباض، فيقول: «عندما يفشل كل هذا العلاج يكون المريض قد وصل إلى مرحلة متقدمة من قصور القلب، والحلول الوحيدة تكون في العلاج الملطف، أو زرع القلب، أو زرع جهاز مساعدة البطين الأيسر. والعلاجان الأخيران غير متوفرين في جميع المرافق، ويتطلبان وجود مراكز متخصصة مع اختصاصيين في قصور القلب».
قصور القلب
حكاية القلب الذي يعاني لا تتوقف عند هذه النقطة «فهناك أسباب أخرى مختلفة لفشل القلب، أبرزها مرض القلب الإقفاري بسبب انسداد الأوعية أو الشرايين، التي تغذي عضلات القلب، وأكثر من قد يعانون ذلك هم مرضى احتشاء عضلة القلب، وارتفاع ضغط الدم غير المعالج، والسكري، وعدم انتظام ضربات القلب، ومن يتعرضون لسموم العلاج الكيميائي، أو من مشاكل خلقية، ومن تكون وظيفة صمام القلب لديهم غير طبيعية، كما قد تتسبب العدوى الحيوية في التهاب عضلة القلب. وتأتي الأسباب الوراثية، أيضاً، لتتسبب في أذى القلب، ومثلها إدمان المخدرات أو اعتلال عضلة القلب الناجم عن الإجهاد أو قصور القلب».
يا لهذا القلب صغير الحجم، الذي قد يعاني الأمرَّين في الحياة!.. والسؤال: ماذا عن الإحصاءات؟ هل هناك أرقام واضحة حول نسبة السكان الذين يعانون اعتلالات القلب؟.. يجيب سكوري: «تُظهر السجلات في منطقة الخليج أن متوسط عمر مرضى قصور القلب فيها أقل بعشرة أعوام مما هي عليه في الغرب، ويتزامن ذلك مع انتشار أعلى لمرض السكري في المنطقة. وما بدا واضحاً هو أن 60% من مرضى قصور القلب مصابون بمرض السكري. ويُردّ سبب ارتفاع مرض قصور القلب، في المنطقة، إلى انتشار انسداد شرايين القلب، أو مرض الشريان التاجي في سن مبكرة، مقارنة بالدول الأخرى».
في المحصلة، قال علم القلب كلمته، أما في علم الحبّ فحينما يوجد الحبّ في قلب القلب، تكون هناك حياة.
قلوب المشاهير
نراهم في أدوار الحبّ. ونكاد نشعر بدقات قلوبهم، وهم يؤدون أدوار العشق. ونتأخر كثيراً قبل أن ندرك أن قلوب بعض هؤلاء مريضة.. بعض المشاهير لا يرغبون، عادة، في الإعلان عن معاناتهم مع قصور وعلل في القلب؛ خوفاً من أن يجافيهم المنتجون؛ فيموتون قبل الموت. نجلاء فتحي، النجمة المصرية الناعمة التي أحببناها في أدوار الرومانسية، عانت مرض القلب، وأجرت عملية «قلب مفتوح». ومثلها الفنانة مديحة كامل مع فارق أن الممثلة، التي أدت أدوار الإغراء والعشق عانت ضعفاً في عضلة القلب طوال حياتها، ما تسبب في موتها.
عالمياً، أسطورة عالم كرة القدم البرازيلي «بيليه»، توفي منذ شهرين تقريباً، بسبب فشل قلبي ناجم عن تفاقم حالته السرطانية. من جهتها، الممثلة الأميركية، مارين هينكل، قررت أن تحافظ على قلبها، بعد إصابة والدها بأزمة قلبية. فقد أدركت مبكراً أنها تحمل علامة وراثية، تؤثر في مستويات البروتين الدهني الضار لديها، ما جعلها تقوم بفحوص دورية، وتكثر التمارين الرياضية، وتعدل نمط حياتها. أرادت هينكل أن تحافظ على قلبها مفعماً بالحبّ والحياة.
محمد هنيدي انضم، هو أيضاً، إلى قائمة المشاهير الذين عانوا أمراض القلب. في المقابل، عمدت الممثلة المصرية، مي عز الدين، إلى دعم أمراض القلب، بقلبها النابض، من خلال حثّ الناس على التبرع في اليوم العالمي للقلب، مقابل إهدائهم فستان زفافها، الذي ارتدته في فيلم «عمر وسلمى» مع تامر حسني.. حبّ من نوع آخر.
مادلين ستيوارت، عارضة الأزياء المصابة بمتلازمة داون، متلازمة الحبّ، ولدت بعيب في القلب، وخضعت لجراحة «قلب مفتوح» وهي بعمر ثمانية أسابيع فقط. وعادت وخضعت، لاحقاً، لعملية أخرى في القلب، بعد أن اكتشف الأطباء أن الصمام التاجي لديها يتسرب. واجهت، تعالجت، وها هي مليئة اليوم بالحبّ.. ألا يقال: «الحب من قلب القلب علاج كل داء».
1. ما أعراض قصور القلب؟
يصاب مرضى قصور القلب، عادة، بواحد أو أكثر من الأعراض التالية: ضيق التنفس عند المجهود، وضيق التنفس أثناء النوم، يبدأ باستخدام المرضى مزيداً من الوسائد تحت رؤوسهم؛ ليشعروا بالارتياح، والاستيقاظ فجأة مع ضيق في التنفس، وضربات قلب سريعة، خاصة أثناء التمرين حتى لو كانت خفيفة، أو عند صعود السلالم، والدوار، والإعياء، وتورم في الساقين، وتورم في البطن.
2. ما الاختبارات التي تؤكد، أو تنفي، الإصابة؟
يحتاج المريض إلى إجراء اختبارات الدم، وتخطيط صدى القلب، وتشخيص المؤشرات الحيوية للدم، مثل: اختبار (BNP)، أو (NTproBNP)، التي تقيس الضغط، أو التمدد داخل مقصورة القلب بشكل مباشر. وهناك اختبارات إضافية قد تفيد، بينها: تخطيط كهرباء القلب، والتصوير بالرنين المغناطيسي.
3. ماذا عن الخلل القلبي المرتبط بعلاج السرطان، أو قصور القلب؟
معلوم أن علاج السرطان تطور كثيراً، ونحن - يقول الدكتور هادي سكوري - نعرف أن الأدوية المعطاة لا تخلو من تأثيرات، أحدها هو تسمم القلب. وهذه السمّية لا تأتي على شكل خلل في وظائف القلب، أو قصور القلب، لكن من آثارها أيضاً ارتفاع ضغط الدم، وتغير غير طبيعي في إيقاع القلب يزيد المضاعفات، بينها: خطر الإصابة بالتهاب القلب، وارتفاع ضغط الشريان الرئوي.
4. كيف يواجه الطب تلك المضاعفات؟
وُجد تخصص جديد في أمراض القلب، يسمى «طب الأورام القلبية»، يهدف إلى تقليل الحوادث ومخاطر النتائج السلبية المحتملة. وفي حال حدوث التسمم القلبي؛ يجب التدخل المبكر، وبدء العلاج سريعاً.
5. هل هناك خطوات استباقية.. تتخذ؟
نعمل على تقييم المرضى في وقت مبكر، من خلال مراقبتهم أثناء علاج السرطان وبعده؛ لأن الهدف ألا يكون مريض السرطان اليوم مريضاً بالقلب غداً.