#عروض أزياء
سارة سمير اليوم
في أسبوع باريس للهوت كوتور لخريف وشتاء 2025-2026، تقاطعت الحكايات بين عالمين مختلفين في الشكل، لكنهما متشابهان في الروح: عالم «آشي ستوديو» المتجذر في البحث الحسي والمواد الخام، ورؤية زياد نكد المترفة المستلهمة من مجد لبنان، وثقافته البصرية الغنية. فكلا المصممين اختار أن يبدأ من نقطة شخصية، ثم ينطلق إلى فضاء سردي فني، يحاكي جوهر الأنوثة والهيبة.
محمد آشي: حين يُستمد الإلهام من صمت الأسواق
-
من مجموعة محمد آشي
في مغامرة غير معتادة، هجر محمد آشي دفاتر الرسم، واتجه نحو أسواق السلع المستعملة، يبحث بين القطع المهملة عن حكايات منسية، وعن أثر يدٍ لم تعد تُرى. فكان أن ولدت مجموعته الجديدة من ملمس النسيج القديم، وبريق عرق اللؤلؤ، ونقوش خزفية صينية، تُخفي خلفها عصوراً من الفن والهندسة. داخل أروقة قصر شانتيلي، وديكورات لندن الداكنة، فشُيّدت قطع تتحدث عن زمن لا يزال يهمس في أزياء اليوم.
-
من مجموعة محمد آشي
إن استخدم آشي الكورسيهات النحتية، والسترات الصارمة، والبدلات غير المتناظرة، يُعيد رسم الجسم الأنثوي عبر بنية معمارية، تحاكي الساعة الرملية. كما أن الألوان: البيج، والعاجي، والأسود، امتزجت مع لمسات معدنية، فيما تباينت الخامات بين التول، والدانتيل، والجاكار والساتان، وانتهت بزخارف دقيقة من الريش والخرز وعرق اللؤلؤ المحفور بالليزر، كأن كل قطعة أثر فني لا يُعاد.
زياد نكد: كنز بصري يولد من قلب الجبال
-
من مجموعة زياد نكد
أما زياد نكد، فقرر أن يروي قصة مختلفة، تبدأ من قصر لبناني قديم، وتُترجم إلى عرض بعنوان «كنز»، حيث تتقدّم المرأة في مشهد ملكي، تُحاكي فيه أناقتها قوة الجبال، وجمال التناقض. وجاءت فساتينه كبيان بصري درامي، متقن التفاصيل، لا يبحث عن البساطة، بل يحتفي بالتكلف المتوازن، بالمسرحة المدروسة، وبالخفة التي تحاكي العمق.
-
من مجموعة زياد نكد
وقد تألقت تصاميمه بأسلوب «عروس البحر»، لتلامس الجسد برقة، ثم تعانده بخطوط معمارية مشدودة، عبر أكتاف حادة، وخصر دقيق، وتطريزات تلمع كالنجوم. فالألوان لم تكن مجرد خلفية، بل كانت شخوصاً في الحكاية، كالأحمر الياقوتي، والأخضر الزمردي، والبنفسجي الجمشتي، والفضي المعدني، وكلها ألوان تنطق بالملكية والتمرّد في آنٍ.
وقد نسج نكد، بخيوطه، حواراً بين الشرق والغرب، وبين الحنين والابتكار، في عرض يُكرّس الأزياء الراقية كمرآة للهوية الثقافية.