#سياحة وسفر
لاما عزت اليوم
أن تذهب إلى عُمان، لا يعني فقط أنك تختار وجهة جديدة؛ بل يعني أنك تعيد اكتشاف معنى السفر ذاته؛ فهناك بلدان تسحر الناظر بسرعة، وهناك أماكن تتسلل إليك ببطء، بشبه صمت، ولا تخرج منك بعدها بسهولة، وعُمان تنتمي إلى الفئة الثانية؛ فهي لا ترفع صوتها في عالم مزدحم، لكنها تترك أثرًا عميقًا في من يقترب منها دون استعجال. فمنذ لحظة وصولك، ستجد أن كل شيء هنا يطلب منك التريّث؛ ليس لأن الحياة بطيئة، بل لأن المكان يطالبك بأن تعيشه بإحساس مختلف. ففي الطرق الممتدة بين المدن، وفي القرى التي لا تزال تحتفظ بإيقاعاتها، وفي وجوه الناس الذين لا يبدون مستعجلين أبداً، ستشعر بأن عُمان لا تلهث خلف الزمن، بل تمشي بمحاذاته.
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض
تأمل على مهل
تحتفظ عُمان لنفسها بخيار الهدوء، والانتماء العميق إلى الأرض؛ فلا تزال العمارة التقليدية موجودة في القرى، ولا تزال الأسواق الشعبية تبيع المنتجات اليدوية، كما كانت قبل عقود، من الخناجر إلى الفضيات والعطور وماء الورد. فالبلد الذي يمتد من بحر العرب إلى قلب جبال الحجر، ومن صحراء الربع الخالي إلى سواحل مسندم، يمتلك تنوّعًا طبيعيًا وثقافيًا نادرًا، لكنه لا يُقدَّم بطريقة صاخبة. بل يُكشف لك شيئًا فشيئًا، تماماً كما تُكشف الصداقة مع الزمن.
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض
حين يصبح الهواء فكرة
من بين أكثر المناطق سحرًا في عُمان، يبرز الجبل الأخضر تحفةً جيولوجيةً وإنسانيةً في آنٍ. فالجبل الذي يقع ضمن سلسلة جبال الحجر، يرتفع إلى أكثر من 2000 متر، ويشكل عالماً مناخيًا وثقافيًا منفصلًا تقريبًا. هنا، تنخفض درجات الحرارة، وتزدهر مدرّجات الزراعة، وتفوح روائح الورود في الربيع، ويخفت الضجيج إلى أدنى مستوياته. وأيضًا في هذه البيئة الطبيعية، يرتفع منتجع أنانتارا الجبل الأخضر حصنًا فخمًا ينسجم تمامًا مع محيطه؛ فقد تم تصميمه ليستمد روحه من الحصون العمانية القديمة، وليطل على «وادي سيق» العميق بمناظر تأسر الأنفاس. ولا يقدّم «المنتجع» فخامة فقط، بل تجربة متكاملة تنبع من فلسفة التماهي مع الأرض، من الحجر الذي بُني به، إلى النكهات، والجلسات التي تدعو إلى التأمل.
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض
ويمتد «المنتجع» على مساحة واسعة، تضم 115 غرفة وفيلا، جميعها مطلة على مشاهد بانورامية للوادي أو الحدائق. والفلل الخاصة، المزودة بمسابح لا متناهية، تمنح الزائر شعورًا بالعزلة الراقية، فيما تستلهم التصاميم الداخلية روح العمارة العمانية بزخارفها البسيطة، وألوانها الترابية، وتفاصيلها المنحوتة من خشب الجوز المحلي. إن كل شيء في المكان يدعوك إلى التنفس بعمق، بدءًا من الشرفات الهادئة، وصولاً إلى الحمامات المصممة كمنتجعات صحية خاصة، باستخدام مواد طبيعية من الجبال المحيطة.
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض
وعلى الصعيد الحسي، يقدّم «أنانتارا» تجارب عافية لا تشبه غيرها، من جلسات التدليك الممزوجة بمستخلصات الرمان، وشذا الورد المحلي، إلى الحمّام التقليدي الذي يعيد إحياء طقوس الاسترخاء المشرقية. ويُضاف إلى ذلك نادي لياقة بدنية عالي التجهيز، ومسبح مطل على الحافة، ونادٍ للأطفال والمراهقين؛ ما يجعل التجربة متكاملة لجميع أفراد العائلة، سواء كانوا يبحثون عن المغامرة، أو السكينة.
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض
تجارب الطعام والذوّاقة
الطعام في «أنانتارا الجبل الأخضر» لا يُقدَّم كخدمة، بل كرحلة حسّية تَعْبُرُ الثقافات. ففي مطعم «الميسان»، القلب النابض للمكان، تُعدّ الأطباق أمامك على محطات طهي حيّة، تمتد من المطبخ العُماني إلى «السوشي الياباني»، مرورًا بنكهات جنوب شرق آسيا. أما «بيلا فيستا»، فهو اسم على مسمّى؛ لأنه يضم جلسات مفتوحة تطل على الوادي، فتتناول فطورك، أو غداءك، على إيقاع الضوء، ويتحول غروب الشمس إلى حدث بصري مذهل. لكن التجربة الأشد فرادة تأتي مع «Dining by Design» وعشاء خاص على حافة الجرف، أو داخل «مخيم ديانا»، حيث تتزيّن الطاولة بالشموع، ويأتي الطاهي خصيصًا ليطهو لك. إنها لحظة شاعرية تختصر ما يقدّمه هذا «المنتجع»: الفخامة الممزوجة بالعزلة، والتجربة التي لا تتكرر.
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض
مغامرات على حافة الجرف
وراء الهدوء الظاهري للجبل، يكمن عالم من المغامرات لمن يطلبها. فيقدّم «المنتجع» باقة تجارب جبلية، تُنظَّم بدقة، وتشمل: المشي على الممرات الصخرية القديمة، وركوب الدراجات الجبلية، والهبوط بالحبال من حواف الجرف، والتسلق عبر كابل فولاذي يمتد على ارتفاعات شاهقة، فيمنحك مشهدًا جويًا للجبل، لا يمكن رؤيته إلا من الأعلى. وفي مواسم محددة، يمكن للضيوف الانضمام إلى رحلات ميدانية؛ لاستخلاص ماء الورد الدمشقي من مزارع الجبل، أو زيارة القرى المهجورة برفقة مرشدين محليين، يحكون الحكايات كأنها لا تزال حية. وللصغار، هناك «خريطة الكنز»، وورش الطبيعة والحِرَف اليدوية، تحت إشراف فريق متخصص يدمج اللعب مع التعلّم.
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض
نزوى.. و«سوق الجمعة»
من الجبل، يمكن الانطلاق نحو نزوى، المدينة التي كانت ذات يوم مركزًا للعلم والتجارة. ولا تزال القلعة التاريخية هناك شامخة، بجدرانها الطينية، ودرجها الحلزوني. وفي ساحة «السوق» لا يزال المزاد الشعبي للماشية يُقام كل جمعة، حيث يلتف المزارعون والبدو والتجار في مشهد يبدو كأنه من قرون مضت، لكنه لا يزال حيًّا وبكرًا. نزوى ليست وحدها؛ فقرى، مثل: «بركة الموز»، و«الحمراء»، و«جبل شمس» كلها قريبة، وتحمل تفاصيل تُروى بالأقدام لا بالكلمات. فمن نظام الأفلاج، المسجل على قائمة التراث العالمي، إلى البيوت الطينية القديمة، والحكايات التي يرويها المرشدون المحليون، ستجد نفسك غارقًا في طبقات من التاريخ لا تشبه متاحف المدن الكبيرة فقط، بل تنبض بالحياة في كل زاوية.
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض
الناس.. والمكان
السحر الحقيقي في عُمان لا يكمن في جبالها ووديانها، بل في أهلها. فالكرم، هنا، جزء من الشخصية الوطنية؛ فيتم تقديم القهوة من دون طلب، ويُعْرَضُ العَوْنُ بلا مقابل، ويُحدّثك الناس من القلب، لا من وراء «قناع السياحة». في عُمان، لا تخرج محمّلاً بالصور فقط، بل بما هو أعمق، إذ تشعر بأن العالم، رغم كل شيء، ما زال يخبئ أماكن لم تفسدها السرعة، أماكن تعلّمك كيف تسكن اللحظة.. على مهل!
-
عُمان.. حيث تسكن القِمم وتهمس الأرض