#صحة
كارمن العسيلي 10 أغسطس 2025
نعيش اليوم محاطين بالشاشات من كل جانب، ننجز أعمالنا عبر الأجهزة الذكية، ونرفّه عن أنفسنا بمحتوى لا ينتهي. وبينما نُمعن النظر في هذه الشاشات، نُهمل أعيننا، التي تتحمل عبء هذا العصر الرقمي بصمت. ومع تزايد شكاوى الجفاف والصداع وعدم وضوح الرؤية، بات من الضروري تسليط الضوء على أهمية العناية بالعين، وسبل الوقاية من مضاعفات الحياة العصرية.
وللحديث عن هذا الموضوع، التقينا الدكتورة هدى سيف عبيد الظاهري، استشاري ورئيس قسم طب العيون بمدينة الشيخ شخبوط الطبية، فوضعت بين أيدينا دليلاً شاملاً ومبسطاً للعناية بالعيون، يبدأ من الطفولة، ولا ينتهي عند الشيخوخة.
-
العين نعمة تستحق الحماية والعناية
لكل مرحلة تحدياتها
توضح الدكتورة الظاهري أن أمراض العيون لا تقتصر على فئة عمرية محددة، بل تتباين مظاهرها وأسبابها. فالأطفال قد يعانون قصر أو طول النظر، أو «الحَوَل»، أو حتى انسداد القنوات الدمعية، وهي مشكلات يمكن علاجها بسهولة؛ إذا شُخّصت مبكراً. أما البالغون، فتزداد لديهم معدلات الإصابة بجفاف العين؛ بسبب الاستخدام المفرط للشاشات. ومع التقدم في العمر، تظهر أمراض أكثر تعقيداً، تتطلب متابعة مع الطبيب، مثل: «الساد» (إعتام العدسة)، و«الزَّرَق» (ارتفاع ضغط العين)، واعتلال الشبكية السكري، والضمور البقعي.
عدو خفي
تؤكد استشاري ورئيس قسم طب العيون أن الشاشات الرقمية أصبحت من أبرز مسببات إجهاد العين، الذي له أعراض عدة، منها: الحكة، والجفاف، والغباش، والصداع. والسبب؟.. تراجع عدد مرات الرمش عند التركيز، والإضاءة الاصطناعية، إضافة إلى الإيقاع غير الطبيعي للنوم؛ بسبب الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة. وتشير إلى وجود دراسات حديثة، تربط بين ازدياد حالات قِصَر النظر لدى الأطفال، وبين انخفاض معدل الأنشطة الخارجية، ما يدعو إلى القلق، ويُحتّم التدخل العائلي، والمجتمعي.
تمرين بصري بسيط.. لكنه فعّال
تنصح الدكتورة الظاهري باتباع قاعدة (20-20-20) الذهبية للوقاية، وهي: «بعد كل 20 دقيقة من استخدام الشاشة، يجب أخذ استراحة لمدة 20 ثانية والنظر إلى شيء يبعد 20 قدماً (6 أمتار)». وتضيف: «هذه القاعدة تريح عضلات العين، وتُقلل الجفاف، خاصة لمن يعملون في بيئات مغلقة، أو مكيّفة». وأوضحت أن الشكوى المتزايدة من جفاف العين والضبابية، تتطلب التمييز بين إجهاد العين المؤقت، وأمراض العيون المزمنة؛ فإجهاد العين المؤقت يظهر بأعراض بسيطة، مثل: الحكة، وعدم الراحة، والجفاف، والصداع الخفيف، وصعوبة التركيز. في المقابل، تُظهر أمراض العيون المزمنة أعراضاً أكثر عمقاً وخطورة، من أبرزها: الفقدان الجزئي أو الكلي للرؤية، والتشوّش الدائم في البصر، وصعوبة الرؤية الليلية، وتغير لون العين، والآلام المتكررة والمستمرة. وللتفريق بين الحالتين، تنصح استشاري ورئيس قسم طب العيون بمتابعة الأعراض عن كثب، وتقول: «إذا اختفت الأعراض بعد فترة قصيرة من الراحة، فغالباً يكون الأمر مؤقتاً. أما إذا استمرت أو تطورت إلى فقدانٍ في الرؤية أو ألم دائم، فعندها يجب التوجه فوراً إلى طبيب العيون؛ لتقييم الحالة بدقة».
-
العين نعمة تستحق الحماية والعناية
فاعلية نظارات الضوء الأزرق
تؤكد الظاهري أن نظارات الضوء الأزرق مفيدة، لكنها ليست بديلاً عن العناية الشاملة بالعين، بل تكمّلها. وتشدد على أهمية دور الأسرة، وخاصة الأمهات في حماية نظر الأطفال، وتنظيم استخدام الشاشات، وضبط الإضاءة، وتقديم الأغذية الغنية بالعناصر المفيدة للنظر، وإجراء الفحوص المنتظمة، وتشجيع الأطفال على اللعب في الهواء الطلق.
عادات تهدد العيون
تحذر استشاري ورئيس قسم طب العيون من بعض العادات اليومية، التي تؤثر سلباً في صحة العين، ومنها: فرك العينين، والقراءة بإضاءة ضعيفة، وتجاهل الفحوص الدورية، والتدخين، واستخدام عدسات لاصقة بشكل خاطئ. وفي المقابل، تنصح باتباع نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة (مثل: الجزر، والسبانخ، والأسماك)، وارتداء نظارة شمسية، وتقليل وقت الشاشة، والالتزام بالفحص السنوي.
تأثير الهرمونات
وعن المشكلات البصرية المرتبطة بالتغيرات الهرمونية لدى النساء، أكدت الدكتورة هدى الظاهري وجودها، خاصة خلال الحمل، وانقطاع الطمث. وأوضحت أنه خلال هذه الفترة قد تعاني بعض النساء تغيرات في الرؤية، بالإضافة إلى جفاف العين، وقد تزيد مشاكل الحساسية والالتهابات. وشددت على أهمية استشارة طبيب العيون؛ عند ظهور أيٍّ من هذه الأعراض.
«الليزك».. لتصحيح النظر
وفي ما يخص تصحيح النظر بـ«الليزر»، أوضحت الدكتورة الظاهري أن عملية «الليزك» إجراء جراحي، يهدف إلى تصحيح مشاكل الرؤية، وتنصح بالخضوع لها عند استقرار مقاسات النظر لمدة عام أو أكثر، وأن يكون عمر المريض 18 عاماً، وما فوق، مع التأكد من خلو العين من المشاكل الصحية، كالجفاف الشديد، أو الالتهابات، وعدم وجود حالات صحية أخرى تُؤثر في الشفاء كالسكري غير المنضبط. وأكدت أن «الليزك» من العمليات الآمنة، وأنها ذات نسبة نجاح عالية، لكنها أشارت إلى بعض المضاعفات المحتملة، وشددت على أهمية مناقشة كل الجوانب مع الطبيب المختص؛ لاتخاذ قرار مستنير.
-
العين نعمة تستحق الحماية والعناية
5 أسئلة.. وأجوبة
1 . هل يؤثر المكياج، بشكل مباشر، في صحة العينين؟
إذا لم يطبق المكياج بشكل صحيح وآمن؛ فإنه يؤثر مباشرة في صحة العينين؛ مسبباً التهابات، أو حساسية، أو انسداداً في الغدد الدهنية للعين. لهذا، ينصح بتجنب مشاركة الماسكارا وكحل العيون؛ لمنع انتقال البكتيريا، وتجنب وضع الكحل داخل خط الرموش السفلي، وتنظيف فرش المكياج بانتظام؛ لمنع تراكم البكتيريا.
2 . ما أعراض حساسية العين، وكيف يمكن تخفيفها؟
تعتبر حساسية العين مشكلة شائعة، خاصة خلال مواسم معينة. وتشمل أعراضها: الحكة الشديدة، والاحمرار، والدموع الزائدة، والشعور بالحرقة، وتورم الجفون. ولتخفيف هذه الأعراض، ينبغي تجنب المسببات قدر الإمكان، واستخدام قطرات العين المضادة للحساسية، ووضع كمادات باردة على العينين؛ لتقليل الحكة والتورم، وتجنب فرك العينين، وغسل اليدين والوجه بانتظام، خاصة بعد التعرض لمسببات الحساسية.
3 . ما المدة القصوى، الموصى بها لارتداء عدسات العين اللاصقة؟
تعتمد المدة القصوى، الموصى بها لارتداء العدسات اللاصقة، على نوع العدسة (يومية، أو أسبوعية، أو شهرية)، وتوجيهات طبيب العيون، والشركة المصنّعة. بشكل عام، لا يُنصح بارتداء معظم العدسات اللاصقة لأكثر من 10-12 ساعة في اليوم، وتجب إزالتها دائماً قبل النوم؛ إلا في حالات خاصة عندما يكون الهدف من العدسات علاجياً، وتحت إشراف طبيب العيون.
4 . هل جميع النظارات الشمسية توفر الحماية اللازمة من الشمس؟
ليست كل النظارات الشمسية توفر الحماية اللازمة من الأشعة فوق البنفسجية، التي تسبب ضرراً للعينين. ومن الضروري عند الشراء، التأكد من أن النظارة تحمل ملصقاً يُفيد بأنها تحجب 99 أو 100% من الأشعة فوق البنفسجية (UVA)، و(UVB)، أو أنها تحمل علامة (UV400).
5 . متى يُنصح بإجراء الفحص الدوري للعين؟
يُنصح بإجراء الفحص الدوري للعين، وفق الجدول التالي:
• الفحص الأولي للأطفال بين 6 أشهر وسنة، ثم الفحص الشامل بين 3 و5 سنوات، وبعد سن 6 سنوات تُفحص العين كل عامين (أو حسب توصيات الطبيب).
• الفحص كل عامين للراشدين (18-64 سنة)؛ إذا كانت الرؤية طبيعية.
• الفحص السنوي لكبار السن (65 سنة، وما فوق).
• الأفراد ذوو التاريخ العائلي لأمراض العيون، ومرضى السكري أو الضغط، يحتاجون إلى متابعة أكبر، وفحوص أكثر تكراراً.