#منوعات
ياسمين العطار اليوم
على مدى عقدين، جسدت «جائزة أبوظبي» مرآة صادقة للقيم المتجذرة في مجتمع الإمارات، محتفية بأشخاص استثنائيين، لم يسعوا يوماً وراء الأضواء، بل كانت أعمالهم النبيلة كافية؛ لتضيء دروب الآخرين. ومنذ انطلاقتها عام 2005، و«الجائزة» تسرد فصولاً متجددة من العطاء بصمت، وتوثق قصصاً ملهمة، لأفراد كرسوا وقتهم وجهدهم لخدمة الوطن، والمجتمع، دون انتظار مقابل. اليوم، ومع مرور عشرين عاماً على هذا المسار المضيء، تواصل «الجائزة» رسالتها النبيلة: «التعبير عن امتنان المجتمع لمن حافظوا على نُبله، وجسدوا إنسانيته بأفعال راسخة وقلوب كبيرة». إنها ليست جائزة للأفعال المؤثرة فحسب، بل شهادة على أن الأثر الطيب، مهما بدا بسيطاً، يمكن أن يترك بصمة في وجدان وطن.
في رحاب «عام المجتمع».. الدورة الثانية عشرة
تتزامن الدورة الثانية عشرة، من «جائزة أبوظبي»، مع إعلان 2025 «عاماً للمجتمع»، ما يعكس روح التلاقي بين المبادرات الوطنية، والرسائل الإنسانية، المتجذرة في وجدان الدولة. وتُجسد «الجائزة»، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، رؤية دولة الإمارات في بناء مجتمع متلاحم ومتعاطف، يُكرم النماذج التي أضاءت طريق الآخرين، وساهمت - بصمت وإخلاص - في خدمة الناس. وعلى مدى عشرين عاماً، كرمت «الجائزة» 100 شخصية، من 18 جنسية، تركت بصمة في مجالات شتى، من الرعاية الصحية والعمل التطوعي، إلى حماية البيئة وتمكين أصحاب الهمم، مروراً بصَوْن التراث، وتعزيز الثقافة.
أثر يتجاوز الأوسمة
تقوم فلسفة «الجائزة» على يقين راسخ بأن الخير لا تحده جنسية أو مهنة أو عمر. فكل من يترك أثراً إيجابياً في حياة الناس بدولة الإمارات، يستحق الاحتفاء. لهذا، تدعو «الجائزة» كل من يعيش على أرض الدولة، أو يرتبط بها، إلى ترشيح «أبطال الظل».. أولئك الذين ربما لا يعرفهم أحد، لكنهم غيّروا حياة من حولهم، سواء معلمين، أو عمالاً، أو جيراناً، أو متطوعين، أو حتى غرباء، في لحظة فارقة.
الخير في كل مكان
كجزء من التزامها الراسخ بنشر ثقافة الخير، تطلق «الجائزة»، هذا العام، حملة مجتمعية تحت عنوان: «الخير في كل مكان»، تصل من خلالها إلى المدارس، ومراكز التسوق، ومواقع البناء، والمساحات العائلية. وتحمل الحملة، في طياتها، حقائب هدايا، وورشاً تفاعلية، ومحاضرات توعوية، بالتعاون مع مؤسسات وطنية مختلفة. والهدف: غرس مفاهيم العطاء والمسؤولية المجتمعية، وتعميق روابط المجتمع، خاصة لدى الجيل الجديد.
قصص تُكتب في وجدان الوطن
«جائزة أبوظبي» لا تكتفي بمنح الأوسمة، بل تحرص على سرد الحكايات. وقصص المكرمين تُوثق كجزء من الذاكرة الوطنية؛ لتُلهِم الأجيال، وتؤكد أن العطاء سلوك يومي، يمكن للجميع ممارسته.. في ما يلي لمحات من بعض الشخصيات الملهمة، التي كرمتها «الجائزة» في دوراتها المختلفة:
-
كليثم المطروشي
كليثم المطروشي.. إرادة تتحول إلى رسالة
تجاوزت كليثم عبيد المطروشي إصابتها، منذ الحادث الذي تعرضت له في 1990، واختارت أن تُعيد تعريف مفهوم الإرادة والعطاء، كقيمة إنسانية تتجسد في دعم الآخرين. لأكثر من ثلاثة عقود، كانت كليثم - وما زالت - صوتاً نسائياً صادقاً في قضايا أصحاب الهمم، وركيزة أساسية في إعداد اللوائح والسياسات، التي تمهد لهم دروب التمكين. فمن نادي الثقة للمعاقين، إلى مجلس أمناء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، كانت إنسانيتها، دائماً، تسبق خطواتها.
-
أحمد شتيلا
أحمد شتيلا.. طبيب ضمد القلوب قبل الأبدان
منذ قدومه إلى الإمارات عام 2011، أسهم الدكتور أحمد عثمان شتيلا في تأسيس عيادة التصلب المتعدد، بمدينة الشيخ شخبوط الطبية، مقدماً إلى المرضى رحلة أمل ووعي. وبجهوده، لم يعد «التصلب المتعدد» مجرد تشخيص طبي، بل قضية مجتمعية، تحتاج إلى وعي مبكر، ودعم إنساني مستمر. وفي كل محاضرة، وورشة عمل، كان شتيلا يحمل رسالة واحدة: «الشفاء يبدأ بالوعي، والرحمة أساس كل علاج».
-
سعيد المنصوري
سعيد المنصوري.. معلم كتب اسمه على جدران القلوب
وُلد سعيد نصيب المنصوري، في ليوا، عام 1933، لكنّ المدرسة التي أسسها في الوثبة جعلته أباً روحياً لأجيال متعاقبة. وقد علم نفسه القراءة والكتابة وهو في الثالثة عشرة؛ ليمنح بعدها مئات الأطفال فرصةً لم تُمنح له. مدرسة لتحفيظ القرآن، تحولت إلى مؤسسة تعليمية رسمية، ودعمه المتواصل للطلاب والمعلمين جعل اسمه رمزاً للعطاء الهادئ، الذي يُكتب في القلوب قبل السجلات.
-
إيمان الصفاقسي
إيمان الصفاقسي.. حين تسبق الإنسانية الخوف
قَدِمَت إيمان الصفاقسي إلى الإمارات حاملة معها شغفها بالعمل الإنساني، لكنَّ موقفاً واحداً جعلها نموذجاً يُحتذى في الإيثار. فأثناء اشتعال حريق بأحد المباني في الخالدية ـ أبوظبي عام 2022، لم تتردد في تعريض نفسها للخطر لإنقاذ الآخرين. وبإحساس فطري بالمسؤولية، سحبت المتضررين بعيداً عن ألسنة اللهب، وقدمت إليهم الماء؛ لتخفيف الاختناق. ورغم إصابتها بمضاعفات خطيرة، إلا أن رسالتها بقيت واضحة: «الإنسان أولاً».
الملهمون.. بإنجازاتكم نحتفي، وبإلهامكم نستشرف الغد
على مدى عشرين عاماً، أثبتت «جائزة أبوظبي» أن كل فرد قادر على إحداث فرق. فكل قصة تُروى من منصتها، تزرع بذرة إلهام جديدة في أرض الوطن. وهؤلاء الأبطال يحملون في أعماقهم قوة التغيير، التي تحافظ على قِيَم المجتمع.