#ثقافة وفنون
لاما عزت اليوم 09:15
رئيسة التحرير: نسرين فاخر - مديرة التحرير: لبنى النعيمي
بين زمنَيْن: طفولتها التي عاشتها بين الولايات المتحدة الأميركية ووطنها دولة الإمارات العربية المتحدة، ومستقبلها الذي تصنعه بخطوات واثقة.. تقف الإماراتية مهرة راشد سيف بن جبر السويدي على أرض القيم والأحلام؛ لتكون إحدى المشاركات في عملية التنمية، منطلقةً من فكرة الاعتماد على النفس، والمرونة، إلى جانب الإيمان بأن النجاح باب حقيقي نحو العلم والحياة، وأحد مفاتيح الطموح. تلك القيم التي غرستها عائلتها فيها تحولت، لاحقاً، إلى سلوك حقيقي في رحلتها المهنية، التي تمتد من «دولفين إنرجي»، التي صقلت فيها خبراتها المالية، مروراً بـ«مبادلة»، حيث كانت أول امرأة تُنتخب في إحدى الشركات التابعة لها، ووصولاً إلى قيادتها «هورايزون إنرجي» منذ عام 2013.
وفي كل محطة، أثبتت مهرة قدرة المرأة على المشاركة في القيادة، والمسؤولية، وصناعة القرارات الصعبة، فهي ابنة قيمٍ إنسانية، وصانعة غدٍ يمشي على خطى الطموح والعلم، اللذين تتسم بهما دولتنا الحبيبة. ومثلما تنظر بعين القائدة إلى استراتيجيات المستقبل، تنظر، أيضاً، بعين الأم إلى أبنائها؛ لتزرع فيهم قيمنا الاجتماعية، مؤكدة أن رحلة النجاح تُبنى بالصبر والعمل والجدارة. وفي حضورها، لا تنفصل الأناقة عن القيادة؛ فهي تدرك أن المجوهرات والموضة لغة الأنوثة، وأحد عناوين جمال المرأة.. في هذا الحوار الخاص، تتألق مهرة السويدي، الرئيس التنفيذي لشركة «هورايزون إنرجي» متزينةً بمجوهرات «دي بييرز» (De Beers) الراقية، وتكشف عن تفاصيل طفولتها، وشبابها، وأمومتها، ورحلتها في عالم العمل والطموح؛ لتروي كيف تصوغ، اليوم، فصلاً جديداً من حكاية المرأة الإماراتية، التي لا تعرف المستحيل:
قلادة من الذهب الأبيض/ خاتم كبير من الذهب الأبيض - خاتم صغير من الذهب الأبيض/ خاتم كبير من الذهب الأبيض - خاتم كبير من الذهب الوردي، جميعها من مجموعة TALISMAN Fine Jewellery.. من De Beers London - عباية من Alanood Haider/ شيلة من Manaal Alhammadi/ بلوزة وتنورة وحزام من Max Mara
جذور.. وبدايات
البدايات.. كيف تتذكرين طفولتك، وما الذكريات التي شكّلت شخصيتك في بيت العائلة؟
بداياتي كانت مزيجاً من التجارب التي صنعت شخصيتي اليوم؛ فقد عشت فترة من طفولتي في الولايات المتحدة، حيث التحقت بالحضانة هناك. وما زلت أذكر تفاصيل صغيرة، لكنها أثرت فيَّ كثيراً، مثل طريقي اليومي من الحديقة، مروراً بالجسر، ووصولاً إلى الحضانة التي كنت أدخلها بمفردي. في تلك المرحلة المبكرة، تعلمت الاعتماد على نفسي، وتحمل المسؤولية في أبسط الأمور، وهما قيمتان ظلتا رفيقتين لي في مسيرتي. بعد عودتنا إلى الإمارات، واجهت ما يمكن وصفه بـ«المرحلة الانتقالية المفاجئة»، فقد انتقلت مباشرة إلى مدرسة حكومية إماراتية، كانت صارمة في قوانينها، وأنظمتها. في البداية كان الأمر صعباً، لكنني تعلمت كيف أتأقلم مع مختلف البيئات مهما كانت متغيرة. وهذا منحني مرونة في التفكير، وسرعة في التكيف. أما عائلتي، فكانت دائماً شريكاً أساسياً في حياتي؛ فقد كان أفرادها قريبين منا في كل التفاصيل، ويسيرون معنا خطوةً بخطوة، يوجهوننا ويشجعوننا. هذا الحضور الدائم زرع بداخلي شعوراً بالأمان، ورسخ لديَّ قيمة بأن النجاح لا يأتي من الفرد وحده، بل من بيئة داعمة، وأسرة حاضنة.
مِنَ العائلة.. مَنْ كان له الأثر الأكبر في شخصيتك، وقيمك، وطموحك؟
كان لوالديَّ (أطال الله عمرهما) الأثر الأكبر في حياتي؛ فكلاهما كان يعمل في تلك الفترة، ورغم انشغالهما؛ إلا أنهما لم يتخلّيا يوماً عن دورهما التربوي والإنساني. والدي بدأ مسيرته المهنية في شركة «أدنوك» موظفاً، ثم تدرّج حتى وصل إلى مناصب رفيعة. فقصته كانت، دائماً، مصدر إلهام لي، لقد علّمني أن الطموح والاجتهاد هما الطريق لتحقيق أي إنجاز. أما والدتي، فكانت معلمةً بدار حضانة، وكنت أرافقها صباحاً، ثم يمضي كلٌّ منا إلى وجهته، لكنني كنت أشعر، دائماً، بالقرب منها، وبوجودها الداعم، فقد زرعت بداخلي العطاء والرعاية. ولا أنسى، أيضاً، دور جدتي (أطال الله عمرها)؛ فقد كانت شخصية حاضرة بقوة في حياتنا. كانت تدير مدرسة «المنارة»، والتحقت بها أنا، أيضاً، لسنوات عدة. وأكثر ما تعلمته منها هو مبدأ العدالة؛ لأنها كانت ترفض تماماً فكرة التفضيل، أو المعاملة الخاصة؛ لأنها جدتنا، وكانت تكرر دائماً: «لا بد أن تبرهني على جدارتك بنفسك». هذه العبارة رسخت بداخلي قناعة بأن النجاح الحقيقي لا يُمنح، بل يُكتسب بالجد والعمل، بغض النظر عن الأسماء، أو القرابة. تلك هي القيم التي غُرست بداخلي منذ الصغر: الطموح من والدي، والعطاء من والدتي، والعدالة من جدتي؛ وأصبحتْ حجر الأساس لمسيرتي لاحقاً؛ فقد منحتني القدرة على قيادة الفرق المتعددة بروح المسؤولية، واتخاذ قرارات مبنية على الجدارة، والإيمان بأن العمل الشاق، وحده، يصنع الفارق.
عندما تنظرين اليوم إلى أبنائك.. هل ترين فيهم انعكاساً لطفولتك، وهل تحرصين على أن يحملوا القيم نفسها التي نشأتِ عليها؟
بالتأكيد أرى فيهم شيئاً مني، وأحاول جاهدة أن أغرس بداخلهم القيم نفسها التي نشأت عليها. فأنا مؤمنة بأن «من شبَّ على شيء شاب عليه»، والذي يتعلمه الطفل في صغره يبقى راسخاً بداخله طوال حياته. والتحدي الأكبر، اليوم، في تربيتهم أنهم يعيشون زمن «السوشيال ميديا»، التي تضع أمامهم عالماً مليئاً بالخيارات، والتأثيرات. ورغم صعوبة التوجيه في هذا العصر، إلا أنني أبحث دائماً عن نقاط مشتركة بين ماضينا وحاضرهم، لأجعلهم أكثر إدراكاً للقيمة الحقيقية للأشياء، وأكثر صبراً في سعيهم نحو تحقيق أهدافهم، وأن يفهموا أن النجاح لا يأتي بسرعة، بل هو ثمرة التمسك بالقيم، والعمل المستمر.
-
سوار من الذهب الأبيض/ خاتم من الذهب الأبيض، كلاهما من مجموعة Enchanted Lotus Fine Jewellery.. من De Beers London - عباية من Manaal Alhammadi
فلسفة القيادة
بدأتِ مشوارك من مواقع مالية متخصصة، في «مبادلة»، و«دولفين إنرجي»، وصولاً إلى قيادة «هورايزون إنرجي».. ما المحطات المفصلية، التي صنعت قصتك المهنية؟
منذ بداياتي المهنية، أدركت أن النمو الحقيقي يتطلب الخروج من الدائرة المألوفة.. في «مبادلة»، و«دولفين إنرجي»، تعلمت كيف أتحرر من التفكير المحدود إلى فضاءات أوسع، وكيف أبني الثقة كقيمة أساسية، سواء في العمل الفردي، أو في العلاقات المهنية. كنت أؤمن بأن أي نجاح مستدام لا يقوم إلا على بناء روابط قائمة على الاحترام، والثقة المتبادلة، ما ساعدني في صنع فرص عمل مشتركة بين الشركات والمؤسسات، تحقق مبدأ الـ«win-win» للجميع. أحد المنعطفات المهمة، كان حين تم انتخابي لمنصب في «مبادلة». لم أصل إلى ذلك الموقع شكلياً أو لمجرد التمثيل، بل بجهد حقيقي وتفانٍ في العمل. أذكر، جيداً، ما قاله لي مديري حينها: «Earn your own stars»، أي: «ليكن مجدك ثمرة اجتهادك، لا هدية تُمنح لك». هذه العبارة كانت بمثابة مبدأ أتبعه دائماً: أن على الإنسان أن يصنع مكانته بنفسه، لا أن تُمنح له. وكان انتخابي، في ذلك الوقت، حدثاً استثنائياً، إذ كنت أول سيدة تصل إلى هذا الموقع، قبل صدور قانون تمكين المرأة في مجالس إدارات الشركات الحكومية.. تلك التجارب كوّنت ملامح شخصيتي المهنية، ورسّخت قناعتي بأن العمل الجاد، والالتزام الحقيقي بالقيم، يفتحان الأبواب، وليس أي اعتبار آخر.
كونك أول امرأة تُنتخب في إحدى شركات «مبادلة».. هل استوعبتِ حجم رمزية تلك اللحظة، وكيف تغيّرت نظرتك إلى نفسك كقائدة؟
بالفعل، استوعبت الرمزية الكبيرة لتلك اللحظة، فشعرت باعتزاز عميق. لكن ما منحني الشعور الحقيقي بالإنجاز لم يكن مجرد كوني أول امرأة تصل إلى هذا الموقع، بل وصولي إليه عبر السعي والعمل الجاد والمستمر، وليس لمجرد الظهور الشكلي، أو الرمزية فقط. تجربتي بموقع قيادي كانت ثرية، ومنحتني مبادئ حوكمة مجالس الإدارة، وكيف أنظر إلى المؤسسة من زوايا متعددة. كما أدركت أنه لا يكفي التركيز على الجانب المالي وحده، بل يجب أن أكون مُطّلعة، ومتمكّنة من مختلف المجالات، ومنها: التسويق، والشؤون القانونية، والمالية، والعمليات. هذا الفهم الشامل منحني رؤية مستقبلية أوسع، ومكّنني من التفكير بشكل استراتيجي، يوازن بين التفاصيل الدقيقة والصورة الكبرى. تلك التجربة لم تغيّر نظرتي إلى نفسي فقط، بل جعلتني أكثر إيماناً بأن القيادة الحقيقية تقوم على المعرفة المتكاملة، والعمل المستمر، لا على الألقاب.
تحديات.. وفرص
هل واجهتِ تحدياتٍ، وما الاستراتيجيات الداخلية (النفسية)، التي ساعدتك في المضي قدماً؟
طبعاً واجهت تحديات عدة، في قطاع يغلب عليه الرجال، لكنني اخترت أن أراها فرصاً لأثبت نفسي. لقد اعتمدت على الثقة بالنفس، والإيمان بأن كفاءتي وعزيمتي تحددان قيمتي، كما تعلمت تحويل القلق إلى دافع، والتشكيك إلى حافز، وتعلمت أيضاً التمسك بالصبر، ورؤية الهدف البعيد. كذلك واظبت على التعلم، والاطلاع الدائم؛ لتكون المعرفة سلاحي، الذي يمنحني الثقة، والقدرة على اتخاذ القرارات من موقع قوة. وفي النهاية، أدركت أن النجاح لا يقوم على المواجهة فقط، بل على بناء الاحترام المتبادل، وإيجاد لغة مشتركة مع الشركاء.
في موقعك اليوم كرئيس تنفيذي لشركة «هورايزون إنرجي»، ما أبرز المهام التي تستحوذ على وقتك، وتركيزك؟
معظم وقتي يتركز على اتخاذ القرارات الاستراتيجية، ومتابعة العمليات اليومية، وضمان انسجام فرق العمل؛ لتحقيق أهدافنا. كما أحرص على بناء علاقات قائمة على الثقة مع شركائنا، بما يفتح فرص نجاح متبادل. وطموحي أن يتحول ما نبنيه، اليوم، إلى إرث مستدام للأجيال القادمة؛ لذا أتابع، باستمرار، تطورات القطاع؛ لضمان ريادتنا، واستجابتنا السريعة لأي تغيرات.
-
خاتم كبير من الذهب الوردي/ سوار من الذهب الوردي، - كلاهما من مجموعة TALISMAN Fine Jewellery.. من De Beers London - عباية من Alanood Haider/ شيلة من Manaal Alhammadi
عندما تجلسين خلف مكتبك يومياً.. ما الذي يشغلك أكثر: الأرقام والصفقات، أم بناء فرق عمل وصناعة رؤية طويلة الأمد؟
بالطبع كلا الجانبين مهم، لكن ما يشغلني أكثر هو إدارة الوقت بفاعلية. فالعمل اليومي يفرض عليَّ الموازنة بين متابعة الأرقام والصفقات من جهة، وبين بناء فرق عمل قوية، وصناعة رؤية استراتيجية طويلة الأمد من جهة أخرى. لذا أحرص على تنظيم يومي؛ فأخصص وقتاً لكل جانب بما يضمن استمرار تقدم الشركة، مع التركيز على تطوير فرق العمل، وتمكينها، وأغرس بداخلها تلك القيم التي أؤمن بها. إن إدارة الوقت، بشكل صحيح، تسمح لي بأن أحقق نتائج ملموسة على المديين القصير والطويل. في النهاية، القيادة ليست فقط اتخاذ القرارات، بل أيضاً معرفة كيف توزّع وقتك وطاقتك بين الأولويات الاستراتيجية، والعمليات اليومية؛ لضمان الاستدامة، والنجاح.
ريادة.. واستدامة
نجحتِ في تحويل انبعاثات الكربون إلى منتجات كيميائية صديقة للبيئة، وفي قيادة «AGSI» نحو الفولاذ المحايد كربونياً.. متى أدركتِ أن الاستدامة ستكون «خيطاً أحمر» في قصتك المهنية؟
لا شك في أن صناعة الحديد تعتبر من الصناعات التقليدية الثقيلة، التي تُعرف بتلوثها، وكانت بالفعل «AGSI» كذلك بالمعنى التقليدي منذ عام 2015. لكن منذ 2018، قررنا أن نفكر بشكل مختلف، وأن ننفذ تحولاً شاملاً نحو «الاقتصاد الأخضر»، مُوَاكَبَةً لتوجهات رؤية الإمارات. هذا التوجه لم يكن سهلاً، فقد واجهتنا تحديات كبيرة على صعيد التكنولوجيا والعمليات، لكننا تمسّكنا بالرؤية، وصممنا على الابتكار المستدام. وبفضل هذا الالتزام؛ أصبحنا أول شركة من نوعها، في المنطقة، تعتمد معايير صديقة للبيئة في صناعة الحديد، محولين التحدي إلى فرصة للتفوق، والمسؤولية البيئية. الاستدامة لم تكن خياراً ثانوياً في مسيرتي المهنية، بل كانت «خيطاً أحمر» ينسج كل قراراتنا، وخططنا المستقبلية، ويشكل علامة فارقة في قصة نجاحنا، لترك أثر إيجابي في المجتمع، والبيئة.
ما أصعب قرار اتخذتِه في رحلتك؛ لتوازني بين الربحية، والالتزام بالقيم البيئية؟
أحد أصعب القرارات كان حين اضطررنا إلى إغلاق المصنع لمدة شهرين. كان هذا القرار خطوة مكلفة للغاية على صعيد الخسائر المالية، لكنه كان ضرورياً؛ لضمان دراسة الخطة بعناية، وتنفيذها بشكل صحيح، دون أي أخطاء. كان من الواضح لنا أن الاستدامة والالتزام بالقيم البيئية، لا يمكن أن يأتيا على حساب الجودة أو السلامة. القرار كان صعباً، لكنه كان ضرورياً لإعادة تصميم العمليات بما يتوافق مع معايير البيئة الحديثة، وحماية مستقبل الشركة، والبيئة، على حد سواء. هذه التجربة رسَّخت لديَّ قناعة بأن القيادة تتطلب، أحياناً، اتخاذ قرارات صعبة؛ لأن الالتزام بالقيم والأخلاقيات المهنية فوق أي اعتبار مؤقت للربحية.
دخلتِ أسواقاً جديدة، مثل: عمان، والغابون، وغينيا الاستوائية.. هل كان ذلك مغامرة، أم ضرورة استراتيجية؟
دخولنا هذه الأسواق لم يكن مجرد مغامرة، بل كان خطوة استراتيجية متسقة مع توجهات دولة الإمارات، ووزيرَي الاستثمار والتجارة الخارجية. نحن نتعامل مع كل فرصة استثمارية، ضمن الإطار الدولي للتجارة والاقتصاد، مع التركيز على تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول، ووضع بصمة واضحة للشركات الإماراتية في الأسواق العالمية. ورغم حجم التحديات، إلا أننا رأينا في هذا التوسع فرصة لترجمة رؤية قيادتنا الرشيدة، فصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بمثابة الأب الثاني لنا؛ لذلك نحرص على أن تكون خطواتنا متماشية مع توجهات سموه؛ لوضع بصمة إماراتية في كل مكان. هذه الاستراتيجية ليست مجرد توسع تجاري، بل رسالة قوية عن ريادة الإمارات، وقدرتها على إحداث تأثير اقتصادي مستدام على مستوى العالم.
-
عقد من الذهب الأبيض، من مجموعة Enchanted Lotus Fine Jewellery.. من De Beers London - عباية من Lamaeya/ شيلة من Manaal Alhammadi/ بلوزة من Mango/ بليزر من Marella
أمومة.. وقيادة
مهرة الأم، ومهرة الرئيس التنفيذي.. كيف تعيشين هذا الازدواج، وهل تعتقدين أن الأمومة صقلت حسك القيادي بطريقة ما؟
الأمومة، والقيادة، تتطلبان التزاماً وتركيزاً كبيرين، لكنني أرى فيهما توازناً ثرياً. فالأمومة علمتني الصبر، والقدرة على الاستماع، وفهم احتياجات الآخرين، وهي مهارات تنعكس مباشرة على أسلوبي القيادي. كوني أماً جعلني أكثر قدرة على اتخاذ القرارات بحكمة، وتقدير الوقت، وتنظيم الأولويات. كما أن المسؤولية تجاه أسرتي علمتني كيف أوازن بين الطموحات المهنية، والحياة الشخصية؛ ما عزز قدرتي على قيادة فرق العمل بشكل أكثر إنسانية، وفاعلية. في النهاية، الأمومة صقلت مهاراتي القيادية، وعززت قدرتي على التواصل والتحفيز واتخاذ القرارات الصائبة، ما منحني رؤية قيادية أوسع.
في البيت.. ما الطقوس الصغيرة، التي تمنحك شعوراً بالسلام، وسط زحمة المسؤوليات؟
لديَّ بعض الطقوس اليومية، التي تساعدني في الحفاظ على توازني وراحة بالي، منها: ممارسة الرياضة، أو قراءة كتاب جديد، أو تعلم شيء آخر، فكلها تمنحني شعوراً بالإنجاز، والهدوء. كما أحرص، أيضاً، على تخصيص وقت للتنفس الواعي، بالإضافة إلى الدعاء، والتأمل.. هذه اللحظات تساعدني في تصفية ذهني، وتجديد طاقتي، وسط زحمة المسؤوليات. وحتى في أصغر التفاصيل، أجد السكينة، والسلام النفسي، فأعود، دائماً، إلى طاقتي، وأكون أكثر جاهزية؛ لمواجهة تحديات جديدة.
أناقة.. وحضور
الأناقة ليست مجرد مظهر، بل انعكاس لهوية القائد وشخصيته.. كيف تعبرين عن نفسك من خلال الأزياء، والمجوهرات؟
أنا عملية جداً في اختيار ملابسي، فأحرص، دائماً، على أن تكون مريحة، وتلائم طبيعة عملي اليومي. لكن في الوقت نفسه، أهتم بالأناقة؛ فكل ما أرتديه يجب أن يعكس شخصيتي، وأن يتماشى مع المكان، والمناسبة. فهناك مناسبات تتطلب التأنق بالمجوهرات بشكل أكبر، وأحب في هذه المناسبات ارتداء قطع مجوهرات لافتة، تمنح الإطلالة قوة طاغية، وأناقة مميزة. وأحب، أيضاً، ارتداء قطع الألماس من «De Beers»، فهي علامة عالمية لها تاريخ عريق، وبصمة مميزة، وهذه القطع تعكس ذوقي، وتضفي لمسة فريدة على إطلالاتي. أحياناً، تكفي قطعة فاخرة؛ لجعل الإطلالة بأكملها أنيقة وخلابة، وفي الوقت نفسه، أحب أن أكون أنيقة وبسيطة في الحياة اليومية؛ فالأناقة - بالنسبة لي - تنسيق واعٍ، يعبّر عن ثقتي بنفسي، ورؤيتي.
كثيراً ما يُنظر إلى المرأة القيادية على أن حضورها يسبق كلماتها.. ما الدور الذي تلعبه الأناقة، والمجوهرات، في تعزيز هذا الحضور؟
أؤمن كثيراً بما يُعرف بـ«الأناقة الدبلوماسية»، ذلك الفن الذي أتقنتْه شخصيات ملكية، مثل: الملكة إليزابيث الثانية، والأميرة ديانا، حيث تتحول الأزياء إلى لغة تعبر عن الاحترام والتقدير للبلد المضيف. وقد برز ذلك بوضوح في زيارة الأميرة ديانا إلى اليابان، عندما استوحت إطلالتها من ألوان العلم الياباني، كرسالة أنيقة وذكية في الوقت نفسه. هذا النهج ألهمني شخصياً؛ فعند لقاء شركاء من آسيا، قد أحرص على ارتداء قطعة من حجر اليشم، الذي يحظى بمكانة خاصة في ثقافتهم. بينما مع ضيوف من أفريقيا أختار، أحياناً، سواراً يدوياً ملوناً، أو وشاحاً يعكس روح ثقافتهم. بالنسبة لي، المظهر أداة لتعزيز الحضور، وكسر الجليد، وإظهار الاحترام المتبادل، ما يجعل اللقاءات أكثر دفئاً، وفاعلية.
-
سوار من الذهب الأبيض/ خاتم من الذهب الأبيض، كلاهما من مجموعة Enchanted Lotus Fine Jewellery.. من De Beers London - عباية من Manaal Alhammadi/ بلوزة من Magda Butrym / سروال من Marella
رؤية.. ومستقبل
لو عاد بك الزمن إلى «مهرة الطفلة».. ماذا ستقولين لها من قلب امرأة قادت شركات كبرى اليوم؟
سأقول لها: اعلمي أنه لا يوجد مستحيل؛ كلما توكلنا على الله، وثقي بنفسك وبقدراتك، ولا تخافي من التفكير خارج الصندوق؛ فالأفكار الجديدة والابتكار، هي الطريق الصحيح للوصول إلى أهدافك، وتحقيق أحلامك. وأود أن تعلم «مهرة الصغيرة» أن الطموح والعمل الجاد والشجاعة في مواجهة التحديات، هي مفاتيح النجاح، وأن كل تجربة في الحياة تضيف قوة ورؤية، تجعلانها أقوى وأكثر استعداداً لمستقبلها.
ما الحلم الشخصي، الذي لم يتحقق بَعْدُ، وتودين أن يكون جزءاً من قصتك القادمة؟
هناك منظمة دولية تسمى «Doctor without Borders» تعمل في أوروبا، وتضم نخبة من الأطباء المتطوعين حول العالم، وتكرس جهودها لعلاج القرى الفقيرة في الدول النامية. ويواجه هؤلاء الأطباء تحدياً كبيراً؛ بسبب عدم توفر أماكن مناسبة لإنشاء عيادات متنقلة، فيضطرون إلى تقديم العلاج في خيام، وظروف قاسية. حلمي الشخصي أن أساهم في توفير هذه العيادات، وتقديم بيئة مناسبة للمرضى والأطباء على حد سواء؛ لأكون جزءاً من هذا العمل المهيب، الذي يغير حياة الناس، ويمنحهم الأمل.
أخيراً.. ما نصائحك للشابات الطامحات إلى دخول قطاع الطاقة والصناعة؟
أقول لكل شابة منهن: أولاً: ثقي بأن لا سقف لطموحاتك، وكوني دائماً جاهزة لتحدي نفسك، والخروج من منطقة الراحة. ثانياً: استثمري في المعرفة واكتساب المهارات المتنوعة، فقطاع الطاقة والصناعة يحتاج إلى فهم شامل: تقنياً، وإدارياً، ومالياً. ثالثاً: ابني شبكة علاقات قوية ومستدامة، فالعلاقات المهنية الصحيحة تفتح أبواباً جديدة، وتمنحك فرص التعلم والنمو. رابعاً: كوني مرنة ومبدعة في التفكير، ولا تخافي من تقديم أفكار مبتكرة، أو اقتراح حلول مختلفة، فالابتكار مفتاح التميز. وأخيراً: احرصي على تطوير نفسك باستمرار، وموازنة الطموح المهني مع القيم الشخصية، فالقوة الحقيقية للقيادة تأتي من المعرفة، والثقة بالنفس، والقدرة على التأثير الإيجابي في فريقك، والمجتمع.