#صحة
زهرة الخليج - الأردن اليوم
يُقال: إن الخريف فصل الاكتئاب، كأن أوراقه المتساقطة تسحب معها المزاج نحو الحزن والجمود. وربما لهذا الوصف ما يبرّره، فمع تقلّص ساعات النهار، وتراجع ضوء الشمس، وهدوء الإيقاع بعد صخب الصيف، يشعر كثيرون بانخفاض الطاقة، وفتور الحماسة.
لكن هل الخريف حقًا هو السبب، أم أن وراء هذا الشعور أسبابًا أعمق تتجاوز تغيّر الطقس؟.. في وقتٍ يُعتبر فيه الاكتئاب أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا في العالم، كشفت دراسة علمية حديثة عن جانب جديد، يفسّر سبب إصابة النساء بالاكتئاب بمعدلات أعلى من الرجال، ليس فقط لأسباب اجتماعية أو هرمونية، بل من الجذور الوراثية نفسها.
-
النساء أكثر عرضة للاكتئاب السريري «جينيًا» من الرجال.. وهذه هي الأسباب
الفروق الجينية بين الجنسين.. تفسير جديد لظاهرة قديمة:
من خلال تحليل المادة الوراثية لعشرات الآلاف من المصابين بالاكتئاب، اكتشف العلماء آلاف المؤشرات الجينية المرتبطة بالمرض. والمفاجأة أن النساء يمتلكن قرابة ضعف عدد هذه المؤشرات، ما يجعل استجابتهن النفسية والجسدية للاكتئاب مختلفة تمامًا عن استجابة الرجال.
ويُعتقد أن بعض هذه الجينات تؤثر في مسارات بيولوجية، تتعلق بالتمثيل الغذائي وإنتاج الهرمونات، ما قد يفسر معاناة كثيرات من النساء أعراضاً جسدية مصاحبة، مثل: تغيّر الوزن واضطراب الشهية وانخفاض الطاقة.
العلاج المخصص للنساء.. خطوة نحو فهم أعمق:
تشير النتائج إلى ضرورة إعادة النظر في طرق علاج الاكتئاب؛ لتراعي الفروق البيولوجية بين الجنسين. فأبحاث سابقة كثيرة ركزت على الرجال، ما جعل فاعلية بعض العلاجات لدى النساء أقل وضوحًا. ومع توسّع الفهم العلمي للعوامل الوراثية، يمكن تطوير استراتيجيات علاجية أكثر دقة، تستهدف الاحتياجات الخاصة بالمرأة، سواء من حيث الأدوية، أو أساليب الدعم النفسي.
تفاعل الهرمونات مع الجينات.. سرّ الأوقات الحرجة:
تزداد احتمالية إصابة المرأة بالاكتئاب خلال مراحل حياتية محددة، مثل: فترة ما بعد الولادة، أو سنّ انقطاع الطمث. ففي هذه الفترات، تحدث تغيّرات هرمونية حادة، قد تتفاعل مع العوامل الوراثية؛ لتزيد خطر الإصابة.
من هنا، يبرز دور الوعي الصحي، والمتابعة الطبية المنتظمة، خاصة في المراحل الحساسة، كعامل أساسي في الوقاية والدعم المبكر.
-
النساء أكثر عرضة للاكتئاب السريري «جينيًا» من الرجال.. وهذه هي الأسباب
لماذا يجب أن تهتمي بصحتكِ النفسية مثل اهتمامكِ بجمالكِ؟
الاكتئاب لا يميّز بين الأعمار أو الطبقات الاجتماعية، لكنه يتسلل بهدوء إلى حياة المرأة، التي غالبًا تضع احتياجات الآخرين قبل نفسها. ومع أن الدراسات العلمية تتحدث عن الجينات، إلا أن الجانب الإنساني يذكّرنا بأن الوقاية تبدأ بالاهتمام بالذات، والبحث عن التوازن.
إن فهم المرأة أن ما تمرّ به قد يكون له أصل بيولوجي لا يقلل من قوتها، بل يساعدها على التعامل مع مشاعرها دون جلد الذات، ويدفعها لطلب الدعم من مختصين بثقة ووعي.
نصيحة للمرأة.. ابدئي من الداخل:
عندما تشعرين بالإنهاك، أو بانخفاض في المزاج يستمر لأيام طويلة، لا تهملي الأمر. فالاكتئاب ليس ضعفًا بل حالة تحتاج إلى رعاية. خصّصي وقتًا للراحة النفسية، كما تفعلين لجمالكِ الخارجي، وامنحي نفسكِ مساحة للتعبير والمشاركة والهدوء.
وتذكّري أن العلم يؤكد اليوم أن الفروق بين النساء والرجال لا تعني ضعفًا، بل هي تميّز بيولوجي يستحق الفهم والرعاية. فاهتمي بصحتكِ النفسية كما تهتمين بقلبكِ وبشرتكِ، لأن الجمال الحقيقي يبدأ من الداخل، من امرأة تعرف قيمتها، وتدرك احتياجاتها، وتعتني بروحها قبل كل شيء.