#مشاهير العرب
نوال العلي 28 نوفمبر 2010
كانت إجاباتها مفاجئة لشدة مباشرتها وابتعادها عن الردود الدبلوماسية المتوقعة من سيدة في مكانتها. تتحدث بحماس ويظهر احتجاجها على الكثير وكأنه قلق إزاء مسألة شخصية جداً. وحين سألناها: من هي قدوة هند القاسمي. قالت بلا تردد: هند القاسمي.
وأردفت: "أنا قدوة نفسي لأنني لم أعتمد على اسمي، ربما نفعتني درجة الدكتوارة أكثر لكي أشق طريقي، وقد فشلت مرةً واثنتين وثلاث، وأعدت المحاولة مرة ومرتين وثلاث".
في مكتبها بمقر مجلس سيدات الأعمال في دبي، الذي ترأسه، الكثير ممن ينتظرون وقت الاجتماع معها، تدخل هي بوجهها البشوش تسلّم على الجميع، وتعطي كل ذي حق حقه من الوقت والاهتمام. مشغولة جداً ولكنها تريد أن يخرج الجميع من مكتبها وهو راضٍ.
بدأنا معها بالحديث عن المشهد العام، وكيف ترى حال المرأة الإماراتية على صعيد المال والأعمال؟
"المرأة الإماراتية لم تحقق شيئاً"، تقول القاسمي بصرامة، وتزيد على ذلك "المشكلة أننا في مجلس سيدات الأعمال لم نحقق شيئاً للمرأة الإماراتية، ماحدث أن كل واحدة تقيس النجاح على أساس نجاحها الشخصي وتحقيق أمانيها الخاصة، ولكن هذا ليس هو المقياس الذي نعرف به مدى نجاحنا كمجلس".
ورغم أن عمر التجربة النسائية في مجال الأعمال مازال غضاً، تقسو الشيخة هند كأمٍ تريد الأفضل لبناتها وتقول "ينقص هذه التجربة قصيرة العمر، المزيد من الدعم وينقصها تعديل بعض اللوائح لإخراج بعض القوانين إلى الوجود. أمّا "النجاحات التي تحققت فهي فردية، ولم نقطع شوطاً كبيراً للأسف بل إن هناك من تناسى دورنا الأساسي".
وكثير من القوانين التي تتحدث عنها الشيخة القاسمي تمس المرأة سيدة الأعمال مثلما تمس الرجل، كأن تصب القوانين في صالح الشريك الأجنبي أو الوافد وليس في مصلحة المستثمر الإماراتي. "كما أن الدعم لم يخرج عن دعم الأسر والمشاريع الصغيرة، ولكن كل امرأة صغيرة ستكبر وكل مشروع سينمو فما هي خطط المستقبل؟" تبين القاسمي.
هذه هي الشيخة هند القاسمي. رئيسة مجلس إدارة مجلس سيدات أعمال الإمارات منذ العام 2009. تجسد شخصيتها المرأة الإماراتية المعاصرة. فلم تركن القاسمي لنسبها الرفيع وتكتفي به مصدراً لفخرها ومكانتها، بل شقّت أيضاً طريقاً التعليم والعمل ساعية لفرادة من نوع آخر تضاف إلى صفاتها الأولى، فرادة الذات وفرادة المرأة المبدعة والناجحة في طريقها.
انطلقت الشيخة القاسمي في العام 1976 إلى الكويت لتدرس علم الاجتماع، وبعد أن حصلت على درجة البكالوريوس فيه انتقلت إلى القاهرة لتكمل دراساتها العليا كباحثة في جامعة عين شمس. لتعود بعد ذلك إلى الشارقة مسقط رأسها، وتنخرط في العمل العام وتصعد السلم درجة درجة معتمدة على نفسها، وهكذا كان أول منصب لها سنة 1985 حين تقلدت أمينة سر أندية الفتيات في الشارقة لعامين متواليين.
ومع اقترابها أكثر فأكثر من واقع الحياة العملية بشكل عام وواقع المرأة بشكل خاص كباحثة متفحصة، وضعت كتابها الأول "أثر التعليم والعمل على المرأة في اتخاذ القرارات" سنة 1994 لتتبعه بكتاب آخر ذي أهمية خاصة بعنوان "الثابت والمتغير في ثقافة المرأة في الإمارات" سنة 1997. كانت القاسمي تسعى من خلال بحثها هذا إلى محاولة التعرف على مظاهر الثبات والتغير في ثقافة المرأة الإماراتية، وعمدت إلى التركيز على الثقافة المنظمة لعملية التنشئة الاجتماعية وأدوار المرأة في الحياة الأسرية، والثقافة التي تحكم حياتيها الأسرية والاجتماعية، والتفتت أيضاً إلى مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية.
أما الهدف من وراء كل هذا التمحيص في واقع المرأة الإماراتية فقد كان السعي إلى استشراف خطة وطنية للنهوض بأوضاعها.
التشريعات، اللوائح القوانين، حسناً يبدو أن الشيخة هند لديها ما تقوله وتحتج عليه هنا، إذ ترى أن أصحاب القرار اتخذوا الكثير من القوانين التي تصب في صالح المرأة، بل وقدموا الكثير في سبيل تنفيذ برامج لدعم الشباب والمشاريع، ولكن ما يستهلك الكثير من الوقت هو أن تأخذ تلك القرارات حيز التنفيذ وتصبح مطبقة ومعمولاً بها، مثل هذه العراقيل تعوق الكثير في مسيرة تطور الحالة العامة للمرأة في الإمارات.
الحديث إلى الشيخة هند القاسمي يفتح على الكثير من الأسئلة، ولكنها في آخر المطاف أعطت نصيحتها الذهبية للصغيرات المقبلات على المشاريع والأعمال فقالت "نصيحتي للصغيرات أن لا يبدأن من القمة. أن يقرأن جيداً ويفهمن اللوائح والأنظمة، أن يكن قنوعات ويفكرن في تحقيق ذواتهن في بلادهن أولا قبل العالمية".