#تكنولوجيا
خالد خزام اليوم 13:00
دخلت المرأة الإماراتية مجالات عدة، وتميزت فيها، لكنَّ ريم الحساني طرقت بابًا غير مألوف، هو صناعة القوارب الأولمبية. هذا الخيار الصعب لم يكن صدفة، بل كان نتيجة شغف عميق، وإرادة قوية؛ فكانت من أوائل مَنْ سلكوا درب هذه المهنة. ومن خلال مزج الرياضة بالابتكار؛ قررت ريم أن تصنع فارقًا في عالم التجديف. في هذا الحوار، نتعرف - عن كثب - على دافعها وراء هذا الاختيار الجريء، وكيف تحدت الصعوبات، وحققت النجاح في مجال لم يكن معتادًا للمرأة الإماراتية:
ما نوع القوارب الأولمبية، التي تصنعينها، وما الدافع وراء دخولكِ هذا المجال؟
نصنع قوارب فردية، وثنائية، ورباعية، مخصصة لبطولات التجديف الأولمبية. إن تصميم هذه القوارب دقيق جدًا، حيث كل تفصيل محسوب بشكل دقيق في جزء من الثانية. البداية كانت من شغف بالرياضة البحرية، التي تملكتني منذ الصغر. وبينما كان لديَّ اهتمام بالرياضات بشكل عام، كنت أركز أكثر على الرياضات المائية، فقررت أن أكون جزءًا من صناعة هذه القوارب، وابتكارها.
-
ريم الحساني: كل تحدٍّ نقطة انطلاق لابتكار جديد
ثقافة التجديف
ما دورك في تطوير رياضة القوارب بالإمارات، وما أبرز الصعوبات التي تخطيتها؛ لتحقيق ذلك؟
بدأت نشر ثقافة التجديف بأسلوب غير تقليدي، من خلال تنظيم ورش في المدارس والجامعات. لكنَّ التحدي الأكبر كان انسحاب المسطح المائي، الذي كنت أستخدمه للتدريب؛ فقررت أن أبتكر مساري الخاص؛ فكان ذلك نقطة تحول جعلتني أُعيد التفكير في مستقبلي الرياضي.
«انسحاب المسطح المائي».. كيف جعلتِ هذه اللحظة نقطة انطلاق لمشروع وطني جديد؟
كانت لحظة صادمة بالنسبة لي، لكنني قررت أن أحولها إلى لحظة قوة؛ فصممت أول قارب بنفسي، وبدأت مشروعي كإماراتية تصنع قوارب أولمبية. منذ تلك اللحظة، تغيرت حياتي، وأصبح الشغف الذي بدأ حلماً، مشروعًا وطنيًا ذا طابع عالمي.
ما الفرق بين القوارب الأولمبية، وقوارب السباق العادية.. من حيث التصميم، والمواد الأساسية المستخدمة؟
القوارب الأولمبية أطول وأخف وأكثر توازنًا؛ فهي مصنوعة من مواد عالية الجودة، مثل: «الفايبر كربون، والكيفلر»؛ ما يمنحها قوة كبيرة، وسرعة فائقة. أما القوارب العادية، فهي أبسط في التصميم، وتستخدم غالبًا للهواة، أو لأغراض التدريب.
-
ريم الحساني: كل تحدٍّ نقطة انطلاق لابتكار جديد
ما الفرق بين «التجديف الجبلي»، والتجديف في المياه البيضاء، والأنهار الهادئة؟
«التجديف الجبلي» يتم في مسارات جبلية، مثل: السدود، أو الممرات الجبلية الضيقة، ويعتمد - بشكل أساسي - على قوة الدفع، وسط تضاريس ثابتة، ويختبر التوازن الذهني، والبدني. في المقابل، التجديف في المياه المفتوحة، أو في البحر، يعتمد - بشكل أكبر - على التيارات، والرياح، وظروف الطقس.
كيف كانت بداية مسيرتك الرياضية، خاصة أنكِ شاركتِ في العديد من البطولات؟
بدأت في «التجديف» لاعبةً، وحققت لقب «بطلة الإمارات في رياضة التجديف الأولمبي»، كما كنت مساعد مدرب في نادي أبوظبي للرياضات الشراعية، ومن هناك بدأت أفكر في تطوير مسيرتي الرياضية، بطريقة أكثر تطورًا.
رياضة ذهنية
أنتِ كاتبة متميزة.. هل تعدُّ الكتابة نوعًا من الرياضات الذهنية؟
بالطبع، فالكتابة والقراءة تتطلبان توازنًا وتركيزًا مثل التجديف؛ فكل فكرة أواجهها تتطلب نفسًا عميقًا، وفكرًا متدفقًا، كذلك التجديف يتطلب دقة وتوازنًا في كل حركة. بالنسبة لي، الكتابة مثل التجديف؛ فكلاهما رحلة ذهنية، تحتاج إلى اتزان، وتركيز، في كل خطوة.
كيف توفقين بين الكتابة، وصناعة القوارب، والتجديف؟
لا أستطيع فصل هذه الأنشطة عن بعضها.. فالتجديف يعطيني شعورًا بالحرية، بينما الكتابة تترجم هذا الشعور إلى كلمات، وصناعة القوارب تمنحني توازنًا بين الفكر والعمل. إن كل هذه الأنشطة تتداخل وتكتمل معاً؛ فأبحر في كل جملة، وأتنقل بين الشعور والفكرة والرسالة كما أتنقل بالقارب بين ضفتين. إن الكتابة رحلة، وأنا أحب الرحلات؛ لأنني أكتشف فيها ذاتي.
-
ريم الحساني: كل تحدٍّ نقطة انطلاق لابتكار جديد
هل تفكرين في توسيع مجالات الكتابة لديكِ؟
أكتب بأسلوب سردي عاطفي، لكنني أفكر في جعل تجربتي أكثر شمولاً، كالسينما، والمحتوى البصري. كما لديَّ رسائل عدة، لا أستطيع نقلها بالكلمات فقط، وأعتقد أن التوسع في هذه المجالات سيسمح لي بتوصيلها بشكل أكثر تأثيرًا.
كيف دمجتِ علم الأعصاب، والرياضة، والذكاء الاصطناعي في ابتكار واحد، مثل «RNPD-PRO»؟
لقد قامت تجربتي الرياضية على فهم عميق لكيفية تفاعل الجسم والعقل معًا؛ ما دفعني إلى الغوص في دراسة علم الأعصاب. ومن خلال هذه الدراسة، أدركت تأثير العقل في الأداء البدني والعكس، وكيفية تحسين التوازن العصبي من خلال تقنيات متقدمة. هذا الوعي دفعني إلى دمج هذه المعارف مع الذكاء الاصطناعي؛ فتمكنت من تطوير نموذج «RNPD-PRO»، يراقب التوازن العصبي، والتنفس، والحركة بشكل متكامل؛ فيعزز الأداء الرياضي والفكري في الوقت نفسه.
ماذا تقولين للشابات الإماراتيات، اللواتي يرغبن في دخول مجالات غير تقليدية؟
رسالتي لكل شابة إماراتية، هي: لا تخشي التحديات، التي قد تواجهينها في البدايات، حتى إن كان مسارك غير تقليدي. وكوني سبّاقة، وابحثي عن الفرص في المجالات التي لم يتطرق إليها أحد من قبلك. فالإمارات تضع ثقتها فيكِ، وتدعم كل امرأة تسعى إلى تحقيق أحلامها، فاتركي بصمتكِ في أي مجال تختارينه.