عمر عكار: نصمم لحظات تُبطئ الإيقاع وتعمّق التجربة
#ديكور
لبنى النعيمي اليوم
في المدن، التي تتقاطع بها الحداثة مع الإرث، تظلّ للضيافة قصصها الخاصة. فمنذ «لندن الفيكتورية»، حيث كان «الباتلر» رمزاً للذوق الرفيع، وحارساً لتفاصيل الحياة اليومية في منازل النبلاء، تحوّل هذا الدَّوْر من وظيفة إلى فنّ في الإصغاء والرعاية. واليوم، في زمن السرعة، تعود هذه الفكرة؛ لتعريف الفخامة، من خلال العناية الشخصية، وتفاصيل التجربة. وفي هذا السياق، تأتي علامة «رافلز» الفندقية، التي تأسست في سنغافورة، قبل أكثر من قرن؛ لتقدّم نموذجاً معاصراً، يستلهم هذا الإرث العريق، بروح عالمية تُعيد التوازن بين البساطة والترف، وبين الحكاية والتجربة.. وفي حديثه مع «زهرة الخليج»، كشف عمر عكار، الرئيس التنفيذي لفنادق ومنتجعات «رافلز»، و«أوريانت إكسبريس»، عن فلسفة الضيافة، التي تقود العلامة نحو مستقبلٍ، يُوازن بين الحنين والابتكار، ويحتفي بفكرة أن الفخامة الحقيقية تُروى بتفاصيلها، لا بمظاهرها.
-
عمر عكار: نصمم لحظات تُبطئ الإيقاع وتعمّق التجربة
كيف توازنون بين إرث «رافلز» الممتد منذ 1887، وتجديد التجربة لجيل جديد من المسافرين؟
نرى إرثنا أساساً نبني عليه، وبفضل العمل الاستثنائي، والروح التعاونية لزملائنا حول العالم؛ نحافظ على أصالة تجربة «رافلز»، ونبثُّ فيها روحاً معاصرة. ومن خلال مزج التقاليد بخبرات حديثة، سواء عبر مطابخ عالمية، أو مساحات صحة وعافية متحولة، أو برامج ثقافية غامرة؛ نكرّم الماضي، ونصنع أساطير الغد.
قصة تُروى
يُقال: إن الإقامة في الفنادق الفاخرة أشبه بقصة تُروى؛ فما القصة التي تودون أن يحملها الضيف معه بعد المغادرة؟
يجب أن تكون تجربة الضيف معنا أشبه برواية شخصية، لا يكتبها أحد سواه؛ لذلك نريد أن يعود ضيوفنا إلى منازلهم حاملين معهم شعوراً بأنهم عاشوا قصة مليئة بالتفاصيل الإنسانية، مثل: عشاء خاص لم يتوقعوه، أو لفتة صغيرة في الغرفة تذكّرهم بلحظة من حياتهم، أو لقاء ثقافي غيّر نظرتهم إلى مكان ما، كما نحرص على أن تكون إقامة الضيف رحلة عاطفية وروحية، فيها إلهام ودهشة وارتباط. الفرق بين الفندق الفاخر العادي و«رافلز»، هو أن ضيفنا لا يتحدث - بعد عودته - عن الغرفة أو المطعم فحسب، بل عن مشاعر وتجارب بقيت في قلبه.
-
عمر عكار: نصمم لحظات تُبطئ الإيقاع وتعمّق التجربة
حملتكم الأخيرة «The Butler Did It» أعادت ابتكار دور «الباتلر» بأسلوب مسرحي وسينمائي.. لماذا أصبح السرد القصصي أساسياً في الضيافة الفاخرة اليوم؟
المسافر، اليوم، يبحث عن معنى ومشاعر وارتباط، وليس عن مجرد فندق جميل؛ فالقصة القوية تُلهم الخيال، وتتيح للضيف أن يتخيّل نفسه في التجربة قبل أن يصل. ومن خلال «الحملة»، أضفنا لمسة مسرحية وسينمائية؛ لتجسيد فرادتنا بطريقة معاصرة تدوم. إن السرد لا يلهم الضيوف فقط، بل يحفّز فرقنا لتجسيد الوعد، الذي تحمله القصة.
ما الذي يجعل «خدمة الباتلر» مختلفة، عن أي خدمة ضيافة أخرى؟
«الباتلر» ليس مجرد رمز للفخامة، بل تجسيد للرعاية والحدس والارتباط الشخصي. فالخدمة، هنا، عاطفية وليست فقط عملية، حيث يستبق «الباتلر» احتياجات الضيف، ويمنحه لحظات شخصية آسرة. والأهم أن هذه الخدمة ليست فردية فحسب، بل هــــي ثمرة شـــغف وإبـــداع فرقنا، مجتمعةً، عبر فنادقنا.
-
عمر عكار: نصمم لحظات تُبطئ الإيقاع وتعمّق التجربة
الضيوف مختلفون؛ فبعضهم يريدون الخصوصية، وآخرون يبحثون عن تجارب قابلة للمشاركة.. كيف يوازن «الباتلر» بين هذه التوقعات؟
هنا يكمن سحر «الباتلر» في إدراك اللحظة المناسبة، ومعرفة متى يتدخل، ومتى ينسحب. هناك من يفضّلون عزلة «فيلا بالي»، أو «البحرين»، وآخرون يبحثون عن تجارب طعام، أو عافية، أو ثقافة، مُصممة خصيصاً. ويقرأ «الباتلر» هذه التوجهات بحدس وحساسية ثقافية؛ ليجعل كل إقامة تجربة فريدة.
فلسفة الضيافة
كيف تتكيف فلسفتكم في الضيافة مع اختلاف البيئات؟
فلسفتنا واحدة: «رعاية شخصية بحدس عالٍ». لكن طريقة تطبيقها تختلف؛ ففي العواصم العالمية نركز على أهمية الوقت، وانسيابية الخدمة، بينما في المنتجعات نوفــر تجارب تُبطئ الإيقاع، وتُعمّق التواصل. لكن الجوهر يبقى ذاته: «تحويل كل إقامة إلى تجربة فريدة».
-
عمر عكار: نصمم لحظات تُبطئ الإيقاع وتعمّق التجربة
السفر البطيء أصبح اتجاهاً عالمياً.. كيف تستعدون لهذا التوجه؟
السفر البطيء يعني التعمق في الوجهة، وهذا ما نبرع فيه، ومن خلال حملة «The Butler Did It»، نصمم رحلات غامرة، تمنح الضيوف وصولاً إلى ثقافة وتراث المكان بطرق لا تتاح عادةً.. إنها تجارب تمنح وقتاً للمعايشة، وليس للمرور السريع!
خبرتك تمتد عبر «فور سيزونز»، و«ريتز باريس».. ما الدرس القيادي الأهم، الذي تحمله معك اليوم؟
تعلمت أن جوهر القيادة يكمن في تمكين الفِرَق، وأن تحيط نفسك بأشخاص شغوفين، وألا تخشى المخاطرة، وأن تترك مساحة للمرح والإبداع. فالنجاح لا يقاس بالنتائج فقط، بل أيضاً بالبيئة التي تحتضن الشجاعة والفرح.
-
عمر عكار: نصمم لحظات تُبطئ الإيقاع وتعمّق التجربة
كيف يمكن إعادة «تعريف الفخامة في العقد المقبل؟
سنركز على التجارب الشخصية العميقة، التي تتجاوز الراحة والبذخ. إننا نريد أن تكون كل لحظة نصممها غير متوقعة، وآسرة. فالفخامة ليست فقط ما يُرى أو يُشعر به، بل ما يُعاش بكل تفاصيله.