#منوعات
رحاب الشيخ الأحد 18 ديسمبر 2022 10:00
تفتخر الدكتورة موزة الشحي، مدير مكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة لدول مجلس التعاون الخليجي، بنجاح «مبادرة فاطمة بنت مبارك للمرأة والسلام والأمن» عاماً تلو آخر، وتبذل قصارى جهدها؛ لدعم قضايا المرأة وتمكينها وحمايتها من العنف، من خلال منصبها. مثمنة الدور الرئيسي، الذي تلعبه الأمم المتحدة في خدمة قضايا المرأة، والعمل على تسريع تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، والخاص بالتوازن بين الجنسين، مؤكدة أن المرأة الإماراتية شريكة أساسية في بناء اتحاد الدولة، وأن السبب وراء نجاحها والإنجازات العظيمة التي حققتها، كان إيمان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بها، وهو النهج الذي واصلت القيادة الرشيدة السير عليه.. «زهرة الخليج» التقت الدكتورة الشحي، فكان الحوار التالي:
• حدثينا عن تكوينك المعرفي والعلمي، الذي أهلك - في النهاية - لشغل العديد من المناصب القيادية!
ـ أنا ابنة التجربة الإماراتية في تمكين المرأة، وأؤكد - بكل فخر واعتزاز - أن كل ما وصلت إليه من نجاح، هو حلقة في مسيرة من الإنجازات التي حققتها المرأة الإماراتية، والتي بدأت منذ لحظة الاتحاد على يد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي آمن بالمرأة وبدورها، وفتح أمامها آفاق التميز في التعليم والعمل والمشاركة في حالة النهضة والنمو التي شهدتها الإمارات منذ لحظة الاتحاد؛ فأصبحت شريكاً أساسياً في بناء الاتحاد وتأسيس الدولة، وهو النهج الذي واصلت قيادتنا الرشيدة السير عليه؛ فقد التحقت بالعمل في القوات المسلحة عام 1999 كطبيب عام، ثم ابتعثت إلى المملكة المتحدة لدراسة «الطب الرياضي»، وتخرجت في جامعة كوين ماري عام 2004، وكنت من أول المتخصصين في «الطب الرياضي» بالدولة. وبعد ذلك، أكملت رسالة الدكتوراه في مجال متلازمة الأيض (metabolic disease)، وقمت بدراسة أثر تغيير نمط الحياة في صحة الإنسان والسمنة.
وكان لالتحاقي بالعمل العسكري الأثر الكبير في حياتي؛ حيث إن العمل في الجيش يسهم في تنمية الوعي، ويعزز الانضباط، ويعلم الأفراد قيمة الوقت، وأهمية تأدية المهام المنوطة بهم مهما كان نوعها، وقد اصطحبت معي هذه الخبرة عندما كلفت بتولي منصب المدير التنفيذي لمكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة، في دول مجلس التعاون الخليجي.
• استقبال دفعة جديدة من المتدربات المنتسبات إلى «مبادرة فاطمة بنت مبارك للمرأة والسلام والأمن»، تأكيد على نجاح البرنامج التدريبي.. ما المحرك الأساسي الداعم لهذا النجاح؟
ـ كان هدفنا من «مبادرة فاطمة بنت مبارك للمرأة والسلام والأمن» تحقيق الأهداف الاستراتيجية لقرار مجلس الأمن رقم 1325، الذي نص على ضرورة تعزيز المساواة بين الجنسين، ودعم مشاركة المرأة في إجراءات منع النزاعات، وزيادة مشاركتها في أنشطة بناء السلام. وبهذا الزخم الذي بدأ به البرنامج نجح - حتى الآن - في تخريج 357 مشاركةً من دول عدة. وبفضل جهود البرنامج، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة؛ ارتفع عدد ضابطات الأركان والمراقبات العسكريات من 12.3 إلى 17.8%، وزاد عدد ضابطات الشرطة، كذلك، من 22.3 إلى 30.4%، كما ارتفع عدد النساء في وحدات الشرطة المشكلة من 9 إلى 14.8%. وكان من أصداء هذا النجاح انضمام دفعة جديدة إلى البرنامج، قوامها 140 متدربة من دول آسيوية وأفريقية وعربية.
الهدف الخامس
• ما رؤيتكم لتسريع تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، والخاص بالتوازن بين الجنسين؟
ـ نحتاج - كي نسرع تحقيق هذا الهدف، الذي ينص على تحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين كل النساء والفتيات - إلى تضافر الجهود الرسمية وغير الرسمية. في دولة الإمارات، يقوم الشركاء الاستراتيجيون للحكومة بدور مهم في عملية صنع السياسات المرتبطة بالاستدامة في الدولة، سواءً من القطاع الرسمي أو القطاع الخاص؛ فلا يكفي أن تتبوأ المرأة مواقع الصدارة في المؤسسات الرسمية، ويظل وجودها في القطاع الخاص ضعيفاً. لذا، على سبيل المثال، قام المجلس الاستشاري للقطاع الخاص - الذي يمثل حلقة الوصل بين القطاعين الحكومي والخاص في رسم السياسات، وصياغة المبادرات الخاصة بأهداف التنمية المستدامة - بجهود كبرى، أثمرت تعهد مؤسسات من القطاع الخاص بتسريع ريادة المرأة، وتمكينها من المناصب القيادية، ووقعت عليه أكثر من 20 شركة من كبريات الشركات الوطنية والعالمية المتعددة الجنسيات العاملة بالدولة.
• رغم الجهود العالمية المبذولة، يشهد العالم ممارسات تعمل على قمع حقوق المرأة وتعنيفها.. ما السبب في ذلك؟
ـ يعد العنف الموجه إلى النساء والفتيات أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً، ويتخذ أشكالاً متعددة: جسدية، ونفسية، واقتصادية، واجتماعية. وأشار بيان صحافي، أصدرته منظمة الصحة العالمية، إلى أن امرأة واحدة من كل ثلاث نساء (حوالي 736 مليون امرأة) تتعرض أثناء حياتها للعنف. وزاد العنف القائم على النوع الاجتماعي، خلال فترة جائحة «كوفيد - 19»، وهو ما أطلق عليه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اصطلاح «جائحة الظل». ومن أجل هذا، تنطلق حملة «لون العالم برتقالياً»، في الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، بالتزامن مع اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتستمر حتى اليوم الدولي لحقوق الإنسان، الموافق 10 ديسمبر، للتوعية بالخطورة البالغة للعنف ضد المرأة، وأثره الاجتماعي، وتكلفته الاقتصادية، والأخلاقية. وأتصور أن الخروج من هذه الدائرة المدمرة للمجتمعات يكمن في وضع خطة معالجة شاملة لمظاهر عدم المساواة المختلفة، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية، وتأمين التعليم والعمل للمرأة؛ لتمكينها من تجاوز حالة الهشاشة والاستضعاف التي تعانيها في العديد من المجتمعات، وأيضاً توفير الإطار التشريعي الذي يعاقب - بحزم - المعتدي، ويدعم الناجيات من العنف، كما أن تغيير الصور النمطية السلبية حول المرأة ودورها، هو الضامن لأجيال تحترم المرأة، وترفض أي عنف ضدها.
الرياضة المنتظمة
• من واقع منصبك الحالي.. حدثينا عن الخطط التي يتم العمل عليها؛ للقضاء على التمييز ضد المرأة، والنتائج التي تحققت في هذا الشأن؟
ـ رغم ما تحقق للمرأة حول العالم من مكتسبات، على المستويين التشريعي والقانوني أو المجتمعي، فإن الطريق لايزال طويلاً، فمازالت المرأة تقوم بأعمال رعاية غير مدفوعة الأجر، تساوي ثلاثة أضعاف ما يقوم به الرجل، وتشكل النساء نسبة 70% من 1.3 مليار شخص، يعيشون في ظروف من الفقر. وتتحمل المرأة في المناطق الحضرية مسؤولية إعالة ما نسبته 40% من أفقر الأسر، كما تشكل النساء والفتيات نسبة 40% من النازحين حول العالم بسبب الكوارث والتغيرات المناخية. لذا، للقضاء على التمييز ضد المرأة، نحتاج إلى تمكينها أولاً، وتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة؛ للقضاء على التحيزات والعادات العرفية والممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.
إقرأ أيضاً: هند العتيبة: فخورة بنقل قصة نجاح الإمارات
• من خلال عملك بجناح الصحة والطب الرياضي بالقوات المسلحة، عملت على تهيئة وتنمية الأساليب والحياة الصحية للمجندين، ورفع لياقتهم البدنية والصحية والنفسية.. كيف كان ذلك؟ وما نصيحتك للشباب عموماً في هذا الشأن؟
ـ استطعت، خلال فترة عملي بالقوات المسلحة، إدخال منظومة «القوة الكلية والجاهزية البدنية»، أي الاهتمام بصحة المجندين من جميع الجوانب الجسدية والنفسية، ووصلت إلى رتبة عقيد. كما استطعت، مع فريق عملي، العمل على العديد من الأبحاث العلمية، التي تم نشرها في المجلات الطبية العالمية، وجميعها في تخصص الطب الرياضي، والطب المهني، ورفع مستوى اللياقة البدنية للمجندين. من واقع خبرتي بهذا المجال، أستطيع أن أقطع بأهمية ممارسة الرياضة المنتظمة، واتباع نمط صحي غذائي؛ لأن اللياقة البدنية الأساس للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية؛ فاللياقة البدنية كما تقي الجسم أمراضاً عدة، بداية من خفض معدلات السمنة والكوليسترول والسكري ومشكلات ضغط الدم، وتقليل نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين، تساعد أيضاً في تقوية الذاكرة، وتخفض التوتر، والنوم بعمق؛ لذا يحافظ معظم الأشخاص المرموقين والناجحين على لياقتهم.