#منوعات
خالد خزام 3 مايو 2025
الفن التشكيلي ليس مجرد تعبير عن الجمال، بل هو لغة تنقل الثقافات والقيم والتراث إلى العالم. وفي الإمارات، يشهد هذا المجال ازدهارًا ملحوظًا، حيث برزت مجموعة من المبدعات الإماراتيات، اللواتي يخضن تجارب فنية متنوعة، من الرسم التقليدي إلى الفن الرقمي المعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ومن بين هذه المواهب، تبرز الفنانة التشكيلية علياء جمعة الشامسي، التي جمعت بين شغفها بالفن، ومعرفتها بتقنية المعلومات؛ لتبتكر أسلوبًا فنيًا خاصًا بها، يعكس هويتها الإماراتية بأسلوب حديث.. «زهرة الخليج» التقتها، فكان هذا الحوار:
بين الشغف والتكنولوجيا
كيف بدأت رحلتك مع الفن الرقمي؟
بدأت مسيرتي في عالم الرسم الرقمي عام 2014، عندما اقتنيت أول جهاز لوحي (تابلت). وبحكم دراستي في مجال تقنية المعلومات، وجدت في الفن الرقمي فرصة لدمج الموهبة في المعرفة الأكاديمية، ما أتاح لي تطوير أسلوبي الفني بشكل حديث، ومتطور.
-
علياء جمعة الشامسي: الفن التشكيلي لغتنا الثقافية إلى العالم
هل نشأتِ في بيئة فنية ساعدتك على تطوير موهبتك؟
لم أنشأ في عائلة فنية، فقد كنتُ أول من ولج هذا المجال في عائلتي. ومع ذلك، بعد أن بدأت تحقيق إنجازات في الرسم والفن التشكيلي، وجدت دعمًا معنويًا كبيرًا من عائلتي، ما شجعني على المضي قدمًا.
تركزين على ملامح البيئة الإماراتية في أعمالك.. حدثينا عن ذلك!
إذا نظرنا إلى أعمال فنانين عالميين مثل فريدا كاهلو، فسنجد أنهم يعبرون عن ثقافتهم بفخر واعتزاز، وهذا ألهمني التركيز على تراثنا الإماراتي الغني. أعتقد أن الفن لغة تنقل الثقافات والقيم والتراث إلى العالم، ووسيلة لنقل الهوية الثقافية للأجيال القادمة، وللعالم أجمع، لذلك أسعى إلى تجسيد عناصر بيئتنا في أعمالي، ما يسهم في نشر ثقافتنا، وإيصالها إلى الجمهور.. محليًا، وعالميًا.
نافذة إلى العالم
كيف يتفاعل الجمهور مع أعمالك الرقمية؟
الفن الرقمي ليس مجرد تقنية، بل هو امتداد للفن التقليدي، مع اختلاف الأدوات المستخدمة. ففي الفن التقليدي، نستخدم الألوان والفرشاة، وفي الفن الرقمي نكتفي باستخدام شاشة، لكنني استطعت رسم لوحات صامتة، ومعبرة في الوقت نفسه، وكنت ألجأ إلى إضافة بعض التأثيرات. عندما أشارك بأعمالي في المعارض، ألاحظ كيف تجذب اللوحات الرقمية الزوار للتأمل والتفاعل. فعلى سبيل المثال، لوحة «الشيخ زايد»، التي سميتها «من العين إلى باكنغهام»، تعتمد على دمج الفن في الحركة الرقمية، حيث يظهر تأثير الدخان بشكل انسيابي؛ ليعكس أجواء باكنغهام في ذلك الوقت، ما يجعلها تجربة بصرية فريدة، تخاطب مختلف الشعوب بطريقة مبتكرة.
-
علياء جمعة الشامسي: الفن التشكيلي لغتنا الثقافية إلى العالم
لكل لوحة قصة، فكيف تقومين بإيصالها؟
كل لوحة تحمل في طياتها حكاية خاصة، وأستخدم تقنيات متعددة لنقل هذه المشاعر، سواء من خلال الألوان الدافئة التي تعزز الإحساس بالهدوء والسكينة، أو من خلال تعابير الوجوه والنظرات التي تحكي قصصًا صامتة. أحيانًا، عند عرض أعمالي، أطرح أسئلة على الزوار حول إحساسهم تجاه اللوحة، فأجد أنهم يستشعرون الرسالة التي أردت إيصالها، ما يؤكد قدرة الفن على التعبير دون الحاجة إلى الكلمات.
أثر الفن الرقمي
إلى أي مدى تعتمدين على الذكاء الاصطناعي في أعمالك؟
أنا لا أعتمد، بشكل أساسي، على الذكاء الاصطناعي، فأكثر لوحاتي تُنفذ بالكامل بأسلوبي الخاص. لكنني جربت استخدام الذكاء الاصطناعي في تصميم خلفية إحدى لوحاتي الخاصة بمبادرة «زايد وراشد»، وأشرت بوضوح إلى أن الخلفية صُممت بالذكاء الاصطناعي؛ ليتمكن المشاهدون من التمييز بين الأجزاء المرسومة يدويًا، والمعدلة رقميًا. إن لوحة المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، من أقرب الأعمال إلى قلبي؛ فقد قررت تصويره جالسًا على الأرض، ومحاطًا بأشجار النخيل، بنظرة تحمل الطيبة والدفء، وابتسامة خفيفة توحي بالأمل والطمأنينة. هذه اللوحة كانت وسيلتي؛ للتعبير عن محبتي له، وأتمنى أن تعكس الاحترام والتقدير، اللذين نحملهما له في قلوبنا.
هل تعتقدين أن الفن الرقمي أصبح أكثر انتشارًا؟
نعم، الفن الرقمي أصبح جزءًا من المشهد الفني العالمي، وهو اليوم يحظى بقبول واسع. وقد نظّمت العديد من ورش العمل في هذا المجال، وشهدتْ إقبالًا كبيرًا من المشاركين، ما يؤكد أن هذا النوع من الفن لا يقل أهمية عن الفن التقليدي، بل يفتح آفاقًا جديدة للفنانين الشباب.
هل يمكن اعتبار الفن الرقمي جزءًا من الاستدامة؟
بالتأكيد، فهو يوفر حلولًا بيئية مستدامة، ولا يتطلب استخدام المواد الضارة، أو غير القابلة لإعادة التدوير، كما أنه يقلل الهدر؛ فيكفيني استخدام «الآيباد»، وقلم الرسم؛ لإنجاز عمل فني متكامل، دون أي تأثير سلبي في البيئة.
-
علياء جمعة الشامسي: الفن التشكيلي لغتنا الثقافية إلى العالم
كيف ترين مستقبل الفن التشكيلي في الإمارات؟
المستقبل مشرق جدًا، بفضل الدعم الكبير من قيادتنا الرشيدة، التي تولي اهتمامًا خاصًا للحراك الفني والثقافي. اليوم، تتوفر لنا الإمكانات اللازمة للنهوض بهذا المجال، ما يجعل الفن التشكيلي جزءًا أساسيًا من المشهد الثقافي الإماراتي، فهو ليس مجرد إبداع بصري، بل وسيلة للحفاظ على هويتنا، والتعبير عن قيمنا، وتراثنا العريق.
ما الرسالة، التي تحملينها في أعمالك؟
الفنان الحقيقي يجب أن يكون صانع تغيير، وأن يسهم في نشر الوعي بالقضايا الإيجابية في المجتمع. على سبيل المثال، خلال جائحة «كورونا»، رسمت لوحات تكرم أبطال خط الدفاع الأول؛ تقديرًا لجهودهم. كما أنني عملت على سلسلة «حشمة»، التي تهدف إلى تعزيز مفهوم الاحتشام، بأسلوب يعكس هويتنا وثقافتنا بطريقة راقية.