نوال نصر 2 سبتمبر 2018
تصرّ على تاء التأنيث في اللقب: أنا نائبة لا نائب. وتصرّ على انتشال البيئة من براثن القاتلين والمدمرين: فــ«لبنان لا يعود لبنان بلا أنهر وجبال وبحر وهواء». وتصرّ على الكوتا النسائية، وعلى شكر الحظ الذي رافقها مُردّدة: «أنا محظوظة أكثر من كوني مجتهدة».
«زهرة الخليج» التقت النائبة المشاغبة في مجلس النواب اللبناني بُولا يعقوبيان:
• أنت مُتّهمة بالمشاغبة.. دافعي عن نفسك؟
لن أدافع، أنا مشاغبة عن حَـقّ وللحقّ وأرفض رؤية الخطأ والسكوت عنه. حين أصمت أعاني آلاماً في المعدة وأشعر بتعب نفسي، وأجلس طوال الليل وأنا أفكر لماذا تصرفت بجُبن وسكت. وندمتُ على المرات القليلة التي لم أتدخل فيها في مواجهة اللّاعَدَالة. وأنا اليوم بعدما اختاروني الناس كي أمثلهم على الرغم من كل الحملات التي طالتني والاستهدافات وتشويه السمعة، أقل شيء أن أشاغب لتحصيل حقوقهم.
• انتقلت من عالم الإعلام إلى عالم السياسة، فكم يُشبه عالمك الجديد الانطباع الذي كوّنته عنه وأنت في الصحافة والإعلام؟
بقدر ما تشعرين بأنك تعرفين عن الوسط السياسي ستُفاجئين حين تصبحين في الداخل بأمور تجهلينها. وفي كل مرة أمسك فيها ملفاً ما أفاجأ بكمية الفاسدين فيه. أنا اليوم أستطيع أن أفتح 10جبهات في آنٍ، لكنني قررت أن أربح على جبهة النفايات وأجبرهم على أن يُعالجوا هذا الملف بيئيّاً وصحيّاً وأن لا يبيعوا صحتنا والمدَى الحيوي للبنان الذي لا يعود لبنان كلبنان إذا خلا من المياه الجوفية النظيفة، ومن الهواء النقي، ومن الأنهر التي هي شرايين الحياة.
قصة نجاح
• هل نحتاج في السياسة إلى طيبة أم دَهاء؟
نُريد حكّاماً. فلننظر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قصة نجاح حلم. فلنحلم. فلنسعَ مثلهم إلى تحقيق الرخاء للشعب.
• مضى على دخولك الشأن العام من الإعلام إلى السياسة ربع قرن. فهل تتذكرين أول مرّة ظهرت فيها على الشاشة في نشرة أخبار؟
كنت لا أزال طالبة في المدرسة، وفُتحت أمامي نافذة جميلة اسمها نشرة الأخبار. أعترف بأن الحظ كان مُتصالحاً معي فاتحاً أمامي أبواباً كثيرة. ويا ليت يُدرك كل من يقرأ هذه السطور ويرى نفسه ناجحاً أن الحظ هو حليفه. ليْتَهُ يتذكر أنه محظوظ ويبقى متواضعاً وإنسانيّاً. الظروف تخدم أحياناً أناساً مُعَيّنين. صحيح أن الطاقة تساعد لكن الحظ أساس.
• نَراكِ محظوظة لكن مُجتهدة أيضاً؟
أنا محظوظة أكثر من مجتهدة. هناك أشخاص أكثر «شطارة» واجتهاداً منّي ويملكون مهارات أكبر، لكن ظروفهم لم تكن مُواتية. يتواطأ الكون أحياناً لمصلحة أشخاص أو على أشخاص، وفي الحالتين فليتذكر كل واحد أنه إنسان ويمرّ في هذه الحياة مُرور الكرام.
• ما أبرز المراحل التي بدّلتك في هذه الحياة وحدّدت خطواتك؟
أعترف بأن أزمة النفايات في لبنان هزّتني، خصوصاً حين رأيت الشوارع مغمورة بها، وجعلني هذا أقلق كثيراً. حدث هذا قبل ثلاثة أعوام، وهذا كان مَفْصَلاً أساسياً في حياتي. قبله لم أكن أفكر في السياسة والانتخابات، ربما لأنني عارفة أنني لا أشبه التيارات الجارفة التي تلعب على عواطف الناس.
• تُعلمين أصول «الخطاب الشّعْبَوي» والتواصُل الإعلامي. فهل تعطين دروساً بما لست مقتنعة به؟
أدرس الخطاب الشعبوي ومهارات التواصل للأحزاب والسياسيين، لكن هناك أشياء أعلمها لكن لا تشبهني. وأعترف بأنني منذ فترة أسعى إلى إقناع أي شخص يسعى إلى الإنخراط في السياسة إلى بناء شعبية أخلاقية بدل الشعبية السريعة. أقنعه بشعبية تعود بالنفع على الناس، وأن يكون سياسياً إيجابياً.
• ألا تحكمين عليه بالإعدام السياسي إذا لقّنته ما يتناقض مع الممارسات السياسية؟
بالعكس، ثمة أحزاب أعمل معها اليوم وهي باتت مقتنعة بوجوب التغيير. صحيح أن الطريق قد تكون أصعب لكنها بالتأكيد أفضل. ليست الحياة كلها مكسباً سريعاً ومصلحة آنية. وأنا لست مَلاكاً ولا شيطانة ولا أثق بوجود شياطين وملائكة، بل بوجود اللون الرمادي الفاتح والغامق، وعلينا أن نختار بينهما، وكلما اخترنا الرمادي الأكثر إشراقة نُرضي ضميرنا أكثر.
• مَن يُحرّك أكثر؟ الشارع الإعلام أم السياسة؟
السياسة طبعاً، مضى عليّ إعلامية 25 عاماً. تحدثت كثيراً. حاورت كثيراً. حاولت كثيراً زرع الوعي لكن نادرون هم من يسمعون، أمّا اليوم فهامش حِراكي أكبر. أستطيع أن أقدّم مُساءلة.
أصدقاء للعمر
• انتقلت عبر شاشات عديدة. فهل أنت من النوع الذي يتأقلم بسهولة، أم يشعر بالإنسلاخ من الأمكنة القديمة؟
مكثت في تلفزيون المستقبل 10 أعوام وتركت فيه أصدقاء للعمر. وفي كل مكان مررت به احتفظت بأصدقاء للعمر. لكنني وصلت إلى قناعة بوجوب أن أبحث دائماً عن أمكنة تشبهني، وأستطيع أن أخدم من خلالها.
• ماذا عن بولا يعقوبيان الأم؟
ابني بول هو أجمل ما في حياتي. هو كل ثروتي في هذه الدنيا. هو يشبهني كثيراً ويشبه أمي أيضاً التي تعبت في تربيته. هو نُور عينيّ وأحلامي وآمالي.
• ما القرار الأكثر جرأةً الذي اتخذته في حياتك؟
الترشّح إلى الانتخابات بخطاب غير شَعْبَوي لا يُدغدغ الغرائز.