#منوعات
زهرة الخليج اليوم
اختتمت، أمس، فعاليات الدورة الرابعة من منصة «اصنع في الإمارات»، التي استضافتها وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، تاركةً وراءها صدى الأهازيج البحرية، وعبق البخور، في مشهدٍ احتفى بالحرف الإماراتية الأصيلة. وقد شكل جناح الحرفيين، الذي أشرفت عليه وزارة الثقافة ضمن فعاليات عام المجتمع، نافذةً حية على الماضي، حيث لم تُعرض المنتجات فحسب، بل رُويت الحكايات على أنغام الفرق الشعبية، وبإبداع الحرفيين وهم يشكلون الجلود، وينسجون السدو، ويطرزون التلِّي، ويصنعون البخور والعطور.
-
حِرَف تُروى وأهازيج تُغنى.. الحرف اليدوية في قلب «اصنع في الإمارات»
كان الجناح منصة حيوية، أبرزت الدور المركزي للحرف اليدوية في الحياة اليومية الإماراتية قديماً، وكيف تحولت من ضروريات معيشية إلى رموز فنية وثقافية تحمل هوية وطن بأكمله. ومن خلال مشاركة حرفيين من مختلف إمارات الدولة، تجسدت قيم العمل الجماعي، وتكامل الأجيال في نقل المهارة، سواء بين النساء والرجال، في إحياء إرث ممتد عبر الأجيال. فكل قطعة معروضة، من سلال سعف النخيل إلى أحزمة الإبل الصوفية، حملت بصمة من الزمن، مؤكدة أن الحرفة ليست مجرد منتج، بل تجربة حية تنبض بالمهارة والانتماء والذاكرة.
«شمل» للفنون والتراث.. بصمة أصالة في «اصنع في الإمارات»:
في مساحةٍ عبقت برائحة الأرض والنخيل، قدمت جمعية «شمل» للفنون والتراث الشعبي والمسرح نموذجاً حياً للحرف التقليدية النابضة بالحياة. فمن خلال عرض السعفيات، روت الجمعية قصة عمل جماعي، تبدأها النساء بنسج سعف النخيل بخبرة متوارثة، ليكمل الرجال مراحل الخياطة والتجميع، في مشهد يعكس التكامل الحرفي والاجتماعي.
-
حِرَف تُروى وأهازيج تُغنى.. الحرف اليدوية في قلب «اصنع في الإمارات»
وأوضح عبد الله إبراهيم الصرومي، رئيس الجمعية، أن ما عُرض من سلال مخصصة لحفظ التمور ليس مجرد منتج، بل انعكاس لهوية تراثية؛ لطالما مثَّلت فيها النخلة رمزاً أصيلاً للحياة. وأكد أن هذه المشاركة تمثل خطوة مبشرة نحو تعزيز حضور الصناعات المحلية، وتسليط الضوء على جمالياتها أمام جمهور أوسع.
إرث البحر والصحراء.. حكايات من أيدي الأجداد:
عُرفت الإمارات، منذ القدم، بمهنة صيد الأسماك، التي توارثتها الأجيال. وفي أحد أركان جناح الحرفيين، جلس كبار السن يحيكون شباك الصيد بخبرة متقنة، ترافقها حكايات من الزمن الجميل. هنا، امتزجت الحرفة بالرواية، وتحول الخيط إلى سرد بصوت الأجداد.
-
حِرَف تُروى وأهازيج تُغنى.. الحرف اليدوية في قلب «اصنع في الإمارات»
يقول ناصر آل علي، رئيس جمعية بن ماجد للفنون الشعبية: «كنا نستورد خيوط شباك الصيد من الهند لجودتها العالية، وهناك نوعان منها: الخيط الغليظ لصيد الأسماك الكبيرة، والخيط الرفيع للأسماك الصغيرة، إضافة إلى شباك مخصصة لصيد اليريور (سمك القرش)». مشيراً إلى أن لكل خيط حكاية، ولكل شبكة هدفاً، في إرث بحري لا يزال نابضاً في الذاكرة.
عبق التراث.. صناعة العطور والبخور:
تأسرك الروائح العطرة للبخور ودهن العود، التي تعد من العادات العريقة في المجتمع الإماراتي، وتشكل جزءاً من الضيافة الأصيلة. لذلك، لم يكن غريباً وجود أركان للتعريف بصناعة العطور والزيوت العطرية والبخور. وأوضحت (أم محمد)، من «هيئة دبي للثقافة والفنون»، أن هدفهم يتمحور حول نقل معارف صناعة البخور والعطور إلى الجيل الجديد، وتعريفهم بمكوناتها واستخداماتها. وأشارت إلى أن الهيئة تعمل على تطوير هذه الحرفة بإدخال منتجات، مثل: الشموع، ومرشات الملابس، بأسلوب يجمع بين التراث والتجديد.
-
حِرَف تُروى وأهازيج تُغنى.. الحرف اليدوية في قلب «اصنع في الإمارات»
أصالة النسيج.. من عتاد الإبل إلى التلِّي والسدو:
تحتل الإبل مكانة خاصة في المجتمع الإماراتي، حيث كانت وسيلة تنقل رئيسية. ولتسهيل ذلك، صنعت النساء عتاد الإبل، ومنها «البت» المصنوعة من صوف الخراف، وهو حبل يُضفَّر للتحكم في قيادة الإبل.
وفي ركن الحرف النسيجية، برزت صناعة التلِّي، وهي حرفة تطريز دقيقة، أبدعت فيها النساء الإماراتيات بخيوط القطن أو البريسم، إلى جانب خيوط الذهب أو الفضة، لصناعة المخاوير الإماراتية، التي تعد اليوم من أبرز الأزياء التقليدية في المنطقة. ويعبر التلِّي عن الجمال والهوية الاجتماعية، ويجسد مهارة المرأة الإماراتية، ودورها في صون تراثها.
-
حِرَف تُروى وأهازيج تُغنى.. الحرف اليدوية في قلب «اصنع في الإمارات»
كما برزت صناعة السدو، وهي من أقدم أشكال النسيج المصنوعة من صوف الأغنام أو وبر الجمال وشعر الإبل. تقول فاطمة حمد خميس، من أم القيوين، إنها ورثت هذه الحرفة عن والدتها. وتوضح أن النساء ينسجن السدو، ويُباع بالمتر، ويُستخدم في أشكال متعددة، مثل: أُطُر الصور أو علب المناديل. وحول استدامتها، تضيف فاطمة: «حاولت نقل هذه المهنة لبناتي، لكنهن انشغلن بالدراسة الجامعية والحياة الأسرية، ورغم ذلك نسعى للحفاظ عليها من خلال المعاهد وورش العمل التي تُنظَّم من قبل الجهات المختصة. ويحمل السدو في نقوشه رموزاً ودلالات، مستوحاة من البيئة الصحراوية، تعكس التراث والهوية المحلية».
وبانتهاء فعاليات «اصنع في الإمارات»، تتجدد الدعوة للحفاظ على هذا الإرث الثقافي العريق، الذي يمثل جزءاً لا يتجزأ من هوية الإمارات.