#رياضة
ياسمين العطار الجمعة 6 يونيو 13:15
في يوم الأب، حينما نحتفي بالنماذج الملهمة في التربية والعطاء، تبرز قصة خالد محمد العويس صورةً مشرقةً، للأبوة التي تتجاوز الرعاية التقليدية إلى بناء مسارات في الحياة، فهو رجل قرر أن يكون البحر مدرسة لأبنائه الخمسة: «سلطان، وناصر، ومحمد، وسيف، وبطي»، وأن يجعل من رياضة الشراع - التي ورثها عن آبائه وأجداده - وسيلة لغرس القيم، وتنمية الذكاء، وتحقيق التوازن بين التفوق الأكاديمي والطموح الرياضي، بدعم من اتحاد الإمارات للشراع والتجديف الحديث، ونادي الحمرية.. نبحر معه في تفاصيل حكاية عائلة إماراتية، اتخذت من رياضة الشراع أسلوب حياة؛ فنجحت في تحويل الشغف إلى مشروع أولمبي، تقوده روح الأب الحانية، ورؤيته الثاقبة.. وهذا نص الحوار:
-
خالد العويس: ابنك يحتاج إلى قلبك وتوجيهاتك
كيف أثرت تجربتك بالكلية البحرية في هذا التوجه التربوي؟
الكلية البحرية صقلتني، وجعلتني أفهم البحر، وأحترمه؛ فقد رأيت فيه مدرسة للحياة، وأردت أن أشارك أولادي هذه المدرسة، من خلال رياضة الشراع؛ ليكبروا وهم يعرفون معنى الانضباط، والمسؤولية، والتفكير تحت ضغط، وكيفية اتخاذ قرارات سريعة في ظروف متغيرة، وهذه الدروس تُفيدهم في مناحي الحياة كافة. كما أن الشراع رياضة تهذب النفس، وتبني الشخصية؛ ففيها من البحر سكينة، ومن الرياح تحدٍّ، ومن المواجهة مع الأمواج دروس لا تُنسى؛ لذلك أردت أن أزرع فيهم ما زرعه البحر بداخلي مِنْ قيمٍ.
فخر.. وامتنان
كأب.. ما المشاعر التي تنتابك وأنت ترى أبناءك الخمسة يسيرون على دربك في رياضة الشراع؟
إنه شعور بالفخر الممزوج بالامتنان؛ فرؤية أبنائي يسيرون في الطريق ذاته الذي عشقته، تعتبر امتداداً جميلاً لحلمي الشخصي؛ لذا أشعر كأنني أعيش طفولتي معهم من جديد، لكن هذه المرة بمسؤولية أكبر، وكذلك أشعر بالفخر؛ كون أبنائي يمثلون المنتخب الوطني، ويرفعون اسم دولة الإمارات في المحافل الدولية.
كيف ترى علاقة الأجيال الجديدة بالبحر؟
إنها علاقة أصيلة، فالبحر جزء من هويتنا، وعلينا أن نعزز غرسه في أبنائنا، ليس كمكان للترفيه فحسب، بل كمصدر للقيم العميقة.
البداية.. وشغف الأولاد
حدثنا عن بداية أبنائك مع «الشراع»، وتطور هذه الرحلة!
بدأ الأمر، عام 2018، كوسيلة لاستثمار أوقاتهم في نشاط مفيد. ومع الوقت، لاحظت التزاماً استثنائياً وشغفاً متزايداً؛ فقد كانوا يتعلمون بسرعة، ويتفاعلون مع التحديات بذكاء. كما أن احترامهم للتدريب، واهتمامهم بالتفاصيل الفنية، أكدا لي أن لديهم إمكانات حقيقية؛ فأصبح الأولمبياد هدفاً نعمل له كأسرة، وحلماً نعيشه معاً.
هل واجهتم تحديات في البداية؟
بالتأكيد.. من ضغوط التوفيق بين الدراسة والرياضة، إلى تشكيك البعض في قدرتهم على الاستمرار. لكننا تغلبنا عليها بالإيمان، وبأن نكون حاضرين، معاً، كأهل في كل خطوة.
كيف يتم توزيع الأدوار بينك وبين والدتهم؟
نحن فريق متكامل.. فأنا أتابع التدريب والخطط الفنية، وزوجتي (الغالية) تهتم بالتغذية، والدراسة، والدعم النفسي، وكلانا حريص على الحضور، وعلى أن نكون السند، لا المراقب فقط، وهذا الانسجام هو جوهر النجاح.
انعكاس إيجابي
كيف توازنون بين الدراسة، والرياضة؟
نحن ندرك أهمية الوقت، ونضع جدولهم اليومي بدقة؛ فنربط بين التفوق الدراسي، والرياضي. إن الذي يتحكم في قارب وسط البحر، يستطيع، أيضاً، إدارة وقته وضغوطه الدراسية. والنتيجة أنهم باتوا أكثر ثقةً، وقدرةً على التكيف.
-
خالد العويس: ابنك يحتاج إلى قلبك وتوجيهاتك
حدثنا عن البرنامج الفني، الذي يخضعون له!
إننا نعد برنامجاً احترافياً مصمماً بحسب كل واحد منهم، ويتضمن هذا البرنامج لياقةً بدنيةً، وتدريباً ميدانياً، وتحليلاً تكتيكياً. ونعمل مع مدربهم نجيب الباشا - بشكل شخصي - على تطويرهم كأفراد، وكفريق؛ فكل التقدير والشكر له؛ فهو ليس فقط مدرباً، بل أخ وأب حقيقي داخل الفريق. كما نثمن جهود اتحاد الإمارات للشراع والتجديف الحديث، ونادي الحمرية، لدعمهما الحقيقي لمشروعنا العائلي الرياضي.
ما أبرز إنجازات أبنائك.. حتى الآن؟
لقد حقق أبنائي أهدافاً وبطولات مهمة عدة، خلال مسيرتهم الرياضية، ومن أبرز هذه الإنجازات مشاركتهم، مؤخراً، في البطولة الخليجية الشاطئية، التي أقيمت بسلطنة عمان، وحقق «سلطان» المركز الرابع في فئة (ILCA7)، وهو مركز مشرّف؛ خاصة أنه لم يكمل سنة في هذه الفئة الأولمبية بَعْدُ. كما شارك «سلطان»، أيضاً، في بطولة العالم، التي أقيمت بالصين، من 10 إلى 19 مايو الماضي، وبعدها شارك في بطولة آسيا المفتوحة في المنطقة نفسها، بمدينة بكين. كذلك، سيشارك «محمد» في بطولة العالم للشباب (ILCA 4 Youth World Championship)، التي ستقام في لوس أنجلوس، بالولايات المتحدة الأميركية، من 19 إلى 26 يوليو المقبل.. هذه المشاركات الدولية تشكل محطات أساسية، ضمن خطتنا الطويلة نحو التأهل الأولمبي، وتؤكد أن المسار التصاعدي مستمر بقوة.
هل تعتقد أن بإمكان كل أسرة صناعة بطل؟
أعتقد ذلك تماماً؛ فالبطولة تبدأ من البيت، والدعم الحقيقي يصنع الفارق. وفي هذا الجانب، يلعب مجلس أولياء الأمور في نادي الحمرية دوراً مهماً في تبادل الخبرات، وتحفيز الأسر؛ لتكون جزءاً من صناعة المستقبل الرياضي. وأود أن أؤكد أهمية أن يكون الأهل موجودين، لا كمتابعين فقط، بل كداعمين رئيسيين؛ لأن ابنك يحتاج إلى قلبك، وليس فقط إلى توجيهاتك؛ فكن صديقه في النجاح، ويده في التحدي!
ما الحلم الكبير، الذي تسعون إلى تحقيقه؟
الوصول إلى أولمبياد لوس أنجلوس 2028، فهو الحلم الذي نحياه كعائلة، كل يوم، ليس فقط كحلم بطولة، بل حلم بناء قصة إماراتية عائلية، نعتز بها، ونأمل أن تُلهم غيرنا.